لماذا انهار وقف إطلاق النار في غزة؟ الأسباب والتداعيات

بقلم سين ماثيوز

ترجمة وتحرير مريم الحمد

لقد انهار وقف إطلاق النار في غزة فعلياً مع انتقاله من مرحلة التركيز على إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين إلى السؤال الأهم وهو من سيحكم قطاع غزة.

لقد شهدت المرحلة الأولى إطلاق سراح 33 أسيراً إسرائيلياً مقابل مئات الأسرى الفلسطينيين، وقد صمدت المرحلة لأنها حظيت بشعبية عامة في إسرائيل وبدعم من إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي كانت حريصة على تحديد وقت إطلاق سراح الأسرى مع حفل التنصيب الرئاسي.

بمجرد انتهاء المرحلة الأولى، أوقفت إسرائيل جميع المساعدات للقطاع  كما هددت بقطع الكهرباء، حيث كشفت القناة 12 الإسرائيلية نقلاً عن مسؤول إسرائيلي بأن الحكومة حددت مهلة 10 أيام لإطلاق سراح الأسرى المتبقين في غزة قبل العودة إلى القتال، حيث صرح المسؤول بالقول: “نحن حالياً في طريق مسدود فيما يتعلق بمفاوضات الصفقة”. 

من جانبها، أكدت حماس بأنها لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين إلا على مراحل، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، الذي ترفض إسرائيل الآن الاستمرار فيه، حيث تسعى إسرائيل إلى تمديد المرحلة الأولى من المحادثات، فيما تؤكد حماس بأن وقف إطلاق النار يجب أن ينتقل إلى المرحلة الثانية.

في الوقت الذي تم فيه التوقيع على وقف إطلاق النار في آخر يناير الماضي، كانت صحيفة ميدل إيست آي قد كتبت متسائلة عن مدى استدامة وقف إطلاق النار وهل يأتي بضربة عكسية بعده، خاصة عندما طُلب من إسرائيل وحماس البدء في محادثات حول انسحاب إسرائيلي كامل من غزة ووقف دائم للقتال.

الحقيقة لا يبدو أن إسرائيل أو الولايات المتحدة لديها نفس القدر من الإلحاح في التفاوض مع حماس خارج الحدود الضيقة للإفراج عن الأسرى!

قبل أيام، أصدر مبعوث الولايات المتحدة للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، خطة لتمديد مؤقت للمرحلة الأولى التي سوف تشهد إطلاق سراح نصف الأسرى الأحياء ونصف جثث الذين ماتوا مقابل تعليق القتال، حيث أعلن ويتكوف بأنه سوف يسافر إلى الشرق الأوسط في الأيام المقبلة للتوصل إلى حل للمأزق، ولكن لم يكن هناك ما يشير إلى الاتجاه الذي تميل إليه الولايات المتحدة.

من جهة أخرى، فقد صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بأن “المبعوث الخاص ويتكوف يعتزم العودة إلى المنطقة في الأيام المقبلة للتوصل إلى طريقة لتمديد المرحلة الأولى أو التقدم إلى المرحلة الثانية”.

تناقص عدد الأسرى

لقد كان دافع حماس للموافقة على وقف إطلاق النار هو الوعد الذي قدمته بإنهاء دائم للحرب ووقف القتال، أما بالنسبة لإسرائيل، فقد كان الجزء الأكثر الأهم من وقف إطلاق النار هو استعادة الأسرى وليس إنهاء الحرب.

في ظل هذه الظروف، فقد يحسب نتنياهو بأن من مصلحته استئناف الهجوم على غزة، خاصة مع بقاء أقل من 30 أسيراً على قيد الحياة في قطاع غزة ومع اقتراب الحصول على موافقة الولايات المتحدة العلنية على استئناف القتال

ولم تكن مراسم تسليم الأسرى العلنية التي أقامتها حماس أثناء المرحلة الأولى، إلا بمثابة تذكير للإسرائيليين بأنهم فشلوا في تحقيق هدفهم المتمثل في القضاء على الجماعة بالكامل، كما وعدت الحكومة، كما أن التكاليف السياسية المترتبة على استئناف الحرب تتقلص أيضاً بالنسبة للحكومة الإسرائيلية. 

لم يتبق الآن سوى 27 أسيراً على قيد الحياة في قطاع غزة و32 جثة لمن ماتوا في الأسر، وفقاً لوكالة أسوشيتد برس، حيث تم إطلاق سراح النساء والأطفال والأسرى المسنين في المرحلة الأولى، أما الباقون فهم في الغالب ذكور في سن الخدمة العسكرية، ومن المحتمل أن يمنح ذلك  ذلك إسرائيل مجالاً لتكثيف الضغط على حماس لتجنب ردود الفعل الشعبية الغاضبة محلياً. 

تسليح إسرائيل

المحصلة أنه لم يكن هناك وقف لإطلاق النار في الأساس، فقد صرح ترامب علانية بأنه سوف يدعم أي قرار تتخذه إسرائيل.

أعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مؤخراً بأن إسرائيل سوف تستأنف حصارها لقطاع غزة وتوقف “جميع دخول البضائع والإمدادات”، فيما اتهمت كل من مصر وقطر، اللتين توسطتا في وقف إطلاق النار في شهر يناير الماضي، إسرائيل بانتهاك الاتفاق.

في الوقت نفسه، وافقت الولايات المتحدة على صفقة بيع أسلحة بقيمة 4 مليارات دولار لإسرائيل، متجاوزة الكونغرس وذلك باستخدام سلطة الطوارئ، في صفقة تضمنت أكثر من 35 ألف قنبلة زنة 2000 رطل.

في ظل هذه الظروف، فقد يحسب نتنياهو بأن من مصلحته استئناف الهجوم على غزة، خاصة مع بقاء أقل من 30 أسيراً على قيد الحياة في قطاع غزة ومع اقتراب الحصول على موافقة الولايات المتحدة العلنية على استئناف القتال.

هل تضغط إسرائيل على الدول العربية؟

لقد اجتمع القادة العرب في الرياض بالسعودية، الثلاثاء، وأعلنوا أخيراً عن خطة لإعادة إعمار قطاع غزة وإدارته.

يذكر أن موقع ميدل إيست آي كان قد نشر تقريراً عن اقتراح مصري يقضي بتنحي حماس جانباً لتشكيل حكومة فلسطينية جديدة لا تضم ​​مسؤولين كباراً في السلطة الفلسطينية من الضفة الغربية، حيث تم تصميم الخطة بطريقة لا تستطيع فيها حماس الاحتفاظ بجماعة مسلحة داخل غزة خارج نطاق الحكومة.

من جانب آخر، تراجعت إدارة ترامب عن تصريحاتها العلنية لاستيلاء الولايات المتحدة على القطاع، ولكن إسرائيل قد ترى في استئناف الحرب فرصة للضغط على الفلسطينيين لحملهم على الرحيل وتنفيذ خطة ترامب، التي أشاد بها نتنياهو واعتبرها خطة “مبتكرة” لإخراج الفلسطينيين بالقوة من غزة.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة