“بالنسبة لي، فإن أجمل كلمة في القاموس هي كلمة التعرفة الجمركية وهي كلمتي المفضلة”، هذا حرفياً ما قاله دونالد ترامب قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية، قبل أشهر من هزّه الأسواق العالمية بإعلانه فرض رسوم جمركية شاملة على معظم دول العالم.
ولكن من أين جاءت هذه الكلمة المفضلة لدى ترامب؟
الجواب: من اللغة العربية، حيث تتنافس نظريتان على الأقل حول كيفية انتشار هذه الكلمة في أوروبا.
التعريفة الجمركية هي ضريبة تُدفع على البضائع الداخلة إلى بلد ما أو الخارجة منه، ويُعتقد على نطاق واسع أن الكلمة الإنجليزية “tarif” مشتقة من الكلمة الفرنسية “tarif”، والتي اشتقت من الكلمة الإيطالية “tariffa”
تُعرّف “tariffa” بأنها قائمة أسعار أو رسوم، أو مجموعة من الضرائب والجمارك، أما الكلمة الإيطالية، فهي مشتقة من المصطلح اللاتيني “tarifa”، الذي يعني “سعر محدد”.
وربما وصلت الكلمة إلى العالم الناطق باللاتينية في العصور الوسطى عبر الأتراك العثمانيين، الذين استخدموا كلمة “ta’rifa” (قائمة الأسعار) من كلمة فارسية مشابهة.
ويشتق المصطلح الفارسي من الكلمة العربية “ta’rif”، والتي تعني الإخطار، أو الإعلان، أو التعريف، أو التأكيد، أو تحديد الرسوم الواجب دفعها، ومعظم الكلمات العربية مبنية على جذر مكون من ثلاثة أحرف، وجذر كلمة “ta’rif” هو “عرف”، والذي يعني “المعرفة”.
وعندما وقف ترامب في حديقة الورود بالبيت الأبيض حاملاً مخططًا كبيرًا يُشير إلى معدلات الرسوم الجمركية المفروضة على كل ركن من أركان العالم، كان يسعى إلى الإخطار، والإعلان، والتأكيد كما قصد من أصل الكلمة.
تاريخٌ مُتنازع عليه
وهناك الكثير من الجدل حول كيفية انتقال كلمة “تعرفة” من العالم العربي إلى أوروبا، ففي حين أنها ربما انتقلت عبر العثمانيين، فمن المُحتمل أيضًا أن تكون قد انتقلت خلال قرون من الحكم الإسلامي في إسبانيا، أو الحكم العربي الإسلامي القصير في صقلية، أو حتى لاحقًا، عبر قراصنة البربر في القرن السابع عشر.
وهناك نظرية أخرى حول كيفية شيوع الكلمة في أوروبا، إذ تقع مدينة طريفة الإسبانية في أقصى جنوب شبه الجزيرة الأيبيرية، على طول ساحل كوستا دي لا لوز بالقرب من جبل طارق.
سُمِّيت المنطقة خلال الفتح الإسلامي لإسبانيا باسم طريف بن مالك، القائد الذي أغار على الساحل الجنوبي عام 710 بأمر من القائد الأموي طارق بن زياد.
ولأنها كانت أقرب نقطة إلى شمال إفريقيا، كانت جميع السفن المتجهة إلى إسبانيا الإسلامية تصل عبر ميناء طريفة، ومن هنا فإن النظرية تشير إلى أن فكرة احتجاز السفن التجارية حتى دفع رسوم الجمارك وُضعت لأول مرة في طريفة.
وهكذا، عُرف المفهوم باسم “التعريفة الجمركية”، نسبةً إلى الموقع، وسرعان ما انتشر في أنحاء أوروبا.
وإذا صحّ هذا الأصل، فإنّ المرجع العربي لكلمة “تعريفة” لا يعود لاسم طريف بن مالك الذي مازال أصله موضع خلاف عربيًا كان أم أمازيغياً؟
وهناك مئات الكلمات الإنجليزية الأخرى التي تعود أصولها إلى اللغة العربية، ومن بينها كلمات مثل “كيمياء” و”قهوة” و”كحول” و”صفر” و”سكر” و”ليمون”، وفي اللغة الإسبانية، هناك حوالي 4000 كلمة تشكل 8% من القاموس ذات جذور عربية.
وفي حين أن سياسة ترامب المتمثلة في فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق ربما كانت تهدف إلى انعزالية للحدّ من تأثير العولمة، فإنّ رحلة الكلمة نفسها تُظهر تاريخًا طويلًا من التجارة الدولية والأفكار المشتركة.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)