بقلم أحمد عزيز وميرا العدم
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
بين جثتي زوجها وطفلها الرضيع، أخذت زوجة الشهيد محمد الطهراوي تجول في بصرها باكية وهي تقول “الله يرحمك، الله يرحمك يا أبو أولادي، يا روح قلبي”، قبل أن تلتفت نحو الكفن الأبيض الأصغر وتقبل برفق طفلها مالك الذي كان بداخله.
استشهد الطهراوي وطفله مالك عند منتصف الليل، حيث كانا في ذلك الوقت نائمين جنبًا إلى جنب في خيمتهما، عندما انهالت صواريخ الاحتلال على خان يونس جنوب غزة.
لم يكن عمر مالك، الذي وُلد بعد وقت قصير من شن الاحتلال حربه على غزة، قد تجاوز العام وأربعة أشهر فقط، الأمر الذي دفع خالته هيام الطهراوي لتتساءل منفعلة: “كم عاش مالك ليرى في حياته؟ عام وأربعة أشهر، وفي هذه الحرب، لم يعش يومًا واحدًا سعيدًا، لم يلعب كباقي الأطفال”.
أخذت هيام تبكي على فقدان آلاف الأطفال الذين استشهدوا كحال مالك منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتحدثت لموقع ميدل إيست آي عن أحبائها الكثر الذين فقدتهم خلال الحرب، بمن فيهم 40 قريبًا كانوا يعيشون في مبنى من ستة طوابق دُمر بالكامل، وبقيت جثثهم مدفونة تحت الأنقاض منذ بدء الحرب”.
أما فاطمة الطهراوي، جدة الطفل مالك فكانت أيضاً تبكي في ذهول عند جثمانه الصغير وأخبرت موقع ميدل إيست آي أن ثلاثة أجيال من عائلتها قد استشهدت في القصف الليلي هم زوجها وابنها وحفيدها الرضيع، كما أصيبت زوجة الطهراوي وطفلان آخران في الهجوم.
وقالت فاطمة والدموع في عينيها: “استهدفهم جيش الاحتلال وهم نائمون”، مشيرةً إلى أنها كانت تقيم في خيمة أخرى بعيدة عنهم، وأضافت: “والله، ابني ما كان مخطئًا، ما كان إلا خيراً”.
وتابعت متسائلة باستهجان: “أين العرب والمسلمون الذين يشاهدون الأطفال يُمزّقون إرباً؟ كان هذا طفلًا نائمًا بجوار والده، والآن، إن شاء الله، سيُدفن في أحضان أبيه رحمهم الله”.
وقالت خالة الشهيد محمد الطهراوي إن الشاب البالغ من العمر 36 عامًا كان يعمل بجدّ لإعالة أسرته والصمود في وجه المعاناة الشديدة في غزة.
وأضافت هيام: “بالأمس فقط كان أول يوم له يبيع فيه المشروبات الباردة، ما ذنبه؟ هل باع قنابل أم أسلحة؟ كل ما أراده هو كسب رزقه لإطعام نفسه وأطفاله”.
“ندعو العالم العربي والإسلامي أجمع إلى النظر في حال هؤلاء الأطفال، وُلِد مالك خلال الحرب، والآن استشهد في الحرب بين أحضان والده” – هيام الطهراوي
وهناك خالة أخرى للطهراوي تؤكد أن الهجوم الليلي كان ضربة مباشرة على الخيمة التي كانت العائلة تحتمي فيها.
وتتذكر قائلةً: “كان قد عاد لتوه من العمل، وبالكاد غلبه النوم عندما أصابت القنبلة خيمتهم، ورسالتي الوحيدة للعالم هي أن يتعاطف مع الأطفال، هذا كل شيء”.
الجدير بالذكر أن عدوان الاحتلال على قطاع غزة قد أودى بحياة أكثر من 51 ألف شهيد، من بينهم أكثر من 15 ألف طفل.
للاطلاع على المقال الأصلي من (هنا)