بقلم أحمد درملي
ترجمة وتحرير مريم الحمد
لقد كانت المصورة الصحفية فاطمة حسونة، التي تحظى بالتقدير والإعجاب، معروفة لدى الكثيرين في غزة بإبداعها وموهبتها وبتوثيقها للحرب الإسرائيلية على غزة.
في حديثها لميدل إيست آي، تقول ابنة عمتها، سلمى السويركي: “كانت فاطمة تحلم بالسفر ورؤية العالم، فقد أخبرتني بأنها كانت توفر المال الذي تكسبه من عملها حتى تتمكن هي وعائلتها من السفر بعد الحرب ليقوموا بأداء العمرة”.
رغم الأحلام، إلا أن القتل باغت، مثل الكثيرين في غزة، الشابة البالغة من العمر25 عاماً، قبل أن توثق لحظة جديدة من الحرب، ففي وقت مبكر من صباح يوم أربعاء، قُتلت حسونة في غارة إسرائيلية استهدفت منزل عائلتها في مدينة غزة.
تقول ابنة عمتها: “كان خبر استشهادها بمثابة صدمة كبيرة للجميع، فقد حزنا عليها كثيراً لأن فاطمة كانت تستحق أن تعيش حياة أفضل من هذه”.
قتلت فاطمة مع 6 من إخوتها، فيما أصيب والداها بجروح، فقد أكدت السويركي بأن “والدتها تعرضت لإصابة طفيفة، لكنها الآن في حالة صدمة ولا تفكر وتتحدث إلا عن فاطمة”.
لقد قتلت فاطمة بعد يوم واحد من الإعلان عن عرض الفيلم الوثائقي “ضع روحك على يدك وامش” للمخرجة الفرنسية الإيرانية سبيده فارسي، والذي ظهرت فيه فاطمة بشكل كبير، لأول مرة في مهرجان كان السينمائي في مايو المقبل.
مثل جميع الفلسطينيين في غزة، عانت فاطمة من 18 شهراً من الرعب، فقد فقدت بالفعل العديد من أفراد عائلتها في الهجمات الإسرائيلية، ومع ذلك، وقد كانت متحمسة لخطوبتها على خطيبها عزيز وحفل زفافها القادم.
يقول جهاد، شقيق فاطمة البالغ من العمر 18 عاماً، والذي يعيش في مصر إلى جانب شقيق آخر يبلغ من العمر 22 عاماً يعاني من الشلل الرباعي، لموقع ميدل إيست آي، بأنه اتصل بعائلته في منتصف الليل تقريباً قبل وقت قصير من الهجوم، وأضاف: “فرحنا لأن صحة أخي مجاهد تحسنت، وتحدثنا مع فاطمة عن الهدايا التي سوف نحضرها لزفافها”.
كانت تحلم ” بمنزل استثنائي وأطفال كثر وحياة سعيدة، فقد كانت لديها رؤية لمستقبل عظيم” سلمى السويركي- ابنة عمة الشهيدة فاطمة حسونة
بعد ساعتين من المكالمة، سمع جهاد أنباءً عن قصف على حي التفاح شرق مدينة غزة، فحاول الاتصال بعائلته، ثم أخبره عمه بأن منزل أسرته في الطابق الثاني من مبنى مكون من 5 طوابق قد دُمر بالكامل، وأن 6 من إخوته قد استشهدوا.
أكد جهاد بأن فاطمة كانت قد تنبأت بوفاتها قبل أسبوعين، عندما تعرضت مدرسة دار الأرقم القريبة للهجوم، فقال: “كانت تبكي أثناء المكالمة، وطلبت مني أن أعتني بنفسي وأخي وأنها شعرت أنها وعائلتها في غزة سوف يموتون بسبب القصف المستمر والخطر الموجود في كل مكان”.
وصف جهاد فاطمة بأنها كانت “طموحة وعاطفية”، ويتذكر قائلاً: “كانت لديها أحلام كبيرة، وكانت ترغب في السفر والمشاركة في معارض التصوير الفوتوغرافي الدولية، وكانت مهتمة جداً بالتصوير الفوتوغرافي، لقد كانت أقرب صديقاتي وقد ساعدتنا في نفقات المنزل وأرسلت لي المال إلى مصر، وكانت تدعمني طوال الوقت، وأنا محطم اليوم ولا أستطيع حتى أن تخيل أن فاطمة وإخوتي الآخرين قد رحلوا ولن يعودوا أبداً”.
كانت فاطمة ترى عملها نوعاً من المقاومة ضد الحرب الإسرائيلية، إذ كانت تملأ كاميرتها ببطاقات الذاكرة وكأنها تضع الرصاص في مسدس، حتى قالت في مقابلة أجريت معها مؤخراً بأن كاميرتها كانت بندقيتها، وقالت: “إنها تغير العالم وتدافع عني، فأنا أستطيع توثيق قصص الناس، حتى لا تختفي قصص عائلتي أيضاً”.
وأضافت في المقابلة: “الأمر لا يتعلق بما إذا كان العالم يراه أم لا، فما يهمني هو ما أفعله ومدى استمرارية تأثير عملي، فهل يعيش هذا العمل إلى الأبد؟ أنا أسعى جاهداً لتكون صوري أبدية”.
وفقاً لتقرير صادر عن معهد واتسون للشؤون الدولية والعامة، فإن الحرب الإسرائيلية على غزة هي “أسوأ صراع على الإطلاق” بالنسبة للصحفيين! حياة مليئة بالحب
التقت حنين سالم، صديقة وزميلة فاطمة، بالمصورة الشهيدة عندما كانا يعملان في منصة تسمى Untold Palestine، والتي تهدف إلى تصوير الإنسانية والحياة اليومية لفلسطين، وتتذكر قائلة: “بداية معرفتي بفاطمة كانت صداقة أكثر من كونها وظيفة”.
اكتشفت حنين سالم، بأن هناك شغفاً مشتركاً قد جمعها بفاطمة في تصوير حبهما للحياة، حيث قالت: “كنا متشابهين في أسلوبنا في التصوير الفوتوغرافي، من خلال حبنا لإظهار الحياة الجميلة التي نحبها كلانا في غزة، فكلانا نحب الحياة والأمل، لذلك كلما خرجنا حاولنا إظهار جمال الحياة في غزة”.
وقد وصفت حنين سالم، البالغة من العمر 27 عاماً، صديقتها بأنها “كريمة جداً” و”مقاتلة عصامية”، مؤكدة التزامها بمساعدة أسرتها، فتقول: “لديها روح حلوة جداً وتحب الحياة كثيراً، ففاطمة لديها طاقة إيجابية تؤثر في كل من حولها، ولم تكن تشتكي أو تظهر تعبها رغم الظروف الصعبة والظلم والجوع والمعاناة التي سببتها الحرب، إلا أنها كانت دائماً متفائلة وتقول الله يطعمنا ويعوضنا”.
مع نمو شهرة فاطمة، ظهرت أعمالها في وسائل الإعلام الدولية مثل صحيفة الغارديان، فتمت دعوتها لحضور معرض في الأردن، وعن هذا تقول حنين: “لقد شجعها خطيبها على العمل، فقد أحبها كثيراً، وهي أحبته أيضاً، فقد كانا يخططان لإقامة حفل زفاف الأسبوع المقبل والزواج، وهو الآن في حالة صدمة ولا يستطيع تصديق ذلك”.
أكدت ابنة عمة فاطمة بأن الشهيدة كانت تحلم ” بمنزل استثنائي وأطفال كثر وحياة سعيدة، فقد كانت لديها رؤية لمستقبل عظيم”.