بقلم دانييل تستر
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
ينشط أكثر من مئة متطوع محلي مؤيد لفلسطين في حملة طرقت كل باب في منطقتي إيستون وسانت بول في بريستول وفي كل الظروف الجوية، وأحد هؤلاء المتطوعين هو ستيفن الذي قال: “طرق الأبواب يُوقظك من سباتك، ويزيل عنك الشعور بالعجز عندما ترى ما يحدث في فلسطين”.
وتهدف حملة “منطقة بريستول خالية من الفصل العنصري”، إلى تشجيع المتاجر الكبرى على الانضمام إلى مقاطعة الاحتلال، وقد سجّلت حتى الآن انضمام أكثر من 1800 أسرة وقعت على تعهد بعدم شراء المنتجات الطازجة من الاحتلال.
كما انضم إلى الحملة حتى اليوم ما يقرب من 50 متجرًا وشركةً تُخزّن المنتجات الطازجة، حيث أعلنت الحملة بفخر أن 50% من بين الذين فتحوا الأبواب لطارقيها قد انضموا إلى المقاطعة، وهو ما يصفه القائمون على الحملة بأنه معدل “غير مسبوق” للحملات الدعائية من باب إلى باب.
وبالعودة إلى ستيفن فإنه يقول: “على أعتاب المنازل، يُشكّل التضامن مع فلسطين القاعدة السائدة، لذا ركّز جزء كبير من الحملة على جعل هذا التضامن علنيًا وظاهرًا”.
استُلهمت استراتيجية الحملة من تاريخ بريستول في مقاومة نظام الفصل العنصري، واسترشدت بنجاح منطقة سانت بولز الخالية من الفصل العنصري.
فإبان ثمانينات القرن الماضي، نظّمت تلك الحملة مقاطعة محلية للبضائع المرتبطة بنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، وكان لها دورٌ مؤثر في تحفيز حملات مقاطعة وطنية من قِبل العديد من تجار التجزئة.
وتعتمد الحملة أيضًا على مناخ من العداء المحلي المتصاعد لسياسات حزب العمال تجاه قطاع غزة، حيث سبق أن اعتبرت النائبة السابقة ثانغهام ديبونير هذه السياسات سبباً في خسارة مقعدها في دائرة بريستول المركزية لصالح زعيمة حزب الخضر كارلا دينير في يوليو/تموز 2024.
وقد اكتسبت هذه الاستراتيجية اكتسبت زخمًا في جميع أنحاء المملكة المتحدة، مع انطلاق حملات مماثلة لـ”منطقة خالية من الفصل العنصري” في كارديف وشيفيلد وبلفاست وغلاسكو ونيوهام وثانيت في كينت.
ويوضح ستيفن أن “معظم المشاركين في حملات طرق الأبواب ليسوا من ذوي الخبرة السابقة في حملات الترويج السياسي، وكثيرون منهم لا يعتبرون أنفسهم سياسيين بالمعنى الحرفي للكلمة، وما يُدهشني حقًا هو سرعة استيعاب الناس لهذه الحملة، إنهم ببساطة يتحدثون بلغة جارهم”.
الدعم السياسي
ويُبدي المشاركون في الحملة تفاؤلاً حيال إمكانية إحداث تغيير واسع النطاق من خلال مقاطعة محلية فحسب، كما أنهم يقولون إن الحملة جزء من جهد أوسع يهدف إلى تغيير “الأعراف المحلية”، وجعل “دعم فلسطين أمرًا بديهيًا وطبيعيًا”.
حظيت الحملة بدعم من عبد الملك، عضو المجلس المحلي البارز في حزب الخضر والقائد المجتمعي، كما نالت إشادة من كارلا دينير، زعيمة حزب الخضر التي قالت لموقع ميدل إيست آي: “أفخر بدعم منطقة بريستول الخالية من الفصل العنصري”.
وأضافت: “أنا لا أستخف باستخدام مصطلح الفصل العنصري، ولكنه للأسف انعكاس حي للفظائع التي ترتكبها الدولة الإسرائيلية”.
ونوهت السياسية البريطانية إلى أن “حركة مقاطعة البضائع الإسرائيلية أداة عالمية يستخدمها الناس العاديون للضغط على حكومة الاحتلال، من خلال حجب الدعم المالي عن دولة تحرم الشعب الفلسطيني حقوقه بشكل ممنهج”.
ومنذ مايو/أيار 2024، أخذت الحملة تكتسب زخماً تدريجياً عقب لقاء مجتمعي نوقشت فيه استراتيجيات حملات متنوعة تهدف إلى رفع مستوى الوعي بالقضية الفلسطينية.
وتقول بيني، وهي متطوعة أخرى في الحملة: “كانت العديد من تلك الأفكار تتعلق باتخاذ إجراءات في مكان العمل، لكن طبيعة عملي في البحث لا ترتبط حقًا بهذا النوع من الإجراءات التي شملت أفكاراً أخرى من العمل المباشر، والتي أحترمها تمامًا، لكنني لم أشعر أنها شيء يمكنني المشاركة فيه في ذلك الوقت”.
وتابعت: “كان إطلاق حملة طرق أبواب لمقاطعة مجتمعية أمرًا يمكن للجميع المشاركة فيه، وأعتقد أن هذا أحد أسباب نموها الكبير”.
ويؤكد المشاركون في الحملة أن أساليبهم تهدف إلى استكمال أشكال الاحتجاج الأخرى، وليست مصممة للانتقاص من استراتيجيات أخرى، حيث يرى ستيفن أنه لا ينبغي فهم حملة بريستول على أنها استراتيجية تمنع أشكال الاحتجاج الأكثر تأثيراً.
وأوضح ستيفن ذلك بقوله: “نرى ما نقوم به بمثابة بدء حوارات تساعد أفراد المجتمع على فهم أسباب اعتقاد الآخرين بضرورة اتخاذ مثل هذا الإجراء الجذري، نرى ذلك جزءًا مكملًا وأساسيًا في توليد مقاومة جماعية للإبادة الجماعية.”
المقاطعات المحلية
وفيما تستهدفحملة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) مجموعة واسعة من الشركات، بما فيها متعددة الجنسيات مثل كوكاكولا وماكدونالدز، فإن منطقة بريستول الحرة للفصل العنصري تركز حصريًا على منتجات الاحتلال الطازجة.
وتوضح بيني: “اخترنا التركيز على المنتجات الطازجة لأن مقاطعتها تحدث أثراً ملموساً، وبعد إشراك الشركات في هذه المقاطعة، نهدف إلى تسهيل بدء تخزين المنتجات الفلسطينية البديلة لها أيضًا”.
“كان التحدي في البداية هو تحفظ بعض الشركات على أن تكون سبّاقة في رفع ملصقات الحملة حتى وإن كانت تقاطع منتجات الاحتلال سراً” – ستيفن، متطوع في منطقة بريستول الخالية من الفصل العنصري
وتمثلت إحدى معيقات الحملة في عدم تحمس كافة الشركات للانخراط في المقاطعة بشكل فوري، حيث تقول بيني: “لذا، فإن العودة إلى المجتمع المحلي مكّنتهم تدريجيًا من إظهار وجود دعم حقيقي للمقاطعة بين عملائهم، وأنه لا داعي للخوف”.
وقد ساهم في نجاح الحملة ثقافة بريستول القوية التي تُشجع أصحاب الأعمال التجارية المستقلة في الشوارع الرئيسية، والذين كانوا أكثر استعدادًا للمشاركة.
ويتذكر ستيفن أن اللحظة الحاسمة للحملة كانت عندما انضمت سلسلة متاجر السوبر ماركت المحلية الشهيرة “بيتر فود” إلى المقاطعة.
ويضيف: “كانت تلك لحظةً أظهرت للشركات الصغيرة الأخرى في جميع أنحاء المدينة أن الأمر لن يُكلفها عملاء، وأنه أصبح أمرًا طبيعيًا حقًا وليس مجرد شيءٍ تقوم به الشركات المسلمة”.
وقد تلقت الحملة دعمًا من اتحاد ACORN المجتمعي، الذي قدّم دوراتٍ تدريبيةً في أساليب “الاستطلاع العميق”، حيث تقول بيني: “الاستطلاع العميق لا يعني إقناع الناس فورًا، وبدلًا من ذلك، نتعامل مع الأمر بسؤال: ما هو شعورك تجاه ما يحدث في غزة؟ وما هي المشكلة الرئيسية التي تُواجهها؟ ونمنح الناس فرصةً للتحدث عنها”.
ويضيف ستيفن: “في كثيرٍ من الأحيان، ما شهدناه هو أن الناس يرغبون في التحدث ولكن قد لا يجدون منفذًا للتعبير عن أنفسهم”.
ويقول ستيفن وبيني إنهما شعرا بفوائد المشاركة أيضًا، حيث يؤكد ستيفن أن المشاركة في الحملة “تمنحك شعورًا بالمسؤولية يصعب تجاهله، أجد نفسي شخصيًا أشعر بالتواضع والإلهام والأمل باستمرار من خلال الطريقة التي يعبّر بها الأشخاص الذين تقابلهم عند عتبة بابك عما يحدث، وكيف يشعرون بالرعب منه، وكيف يمتلكون فهمًا حقيقيًا لما هو على المحك”.
توجهت بريستول إلى صناديق الاقتراع في الأول من مايو/أيار لانتخاب عمدة جديد لهيئة غرب إنجلترا المشتركة (WECA).
وانتهى الأمر بمرشحة حزب الخضر، ماري بيج، التي كانت في صدارة السباق، في المركز الثالث بنسبة 20% من الأصوات، بفارق خمس نقاط انتخابية فقط عن مرشحة حزب العمال الفائزة، هيلين غودوين، التي حصلت على 25%، وآرون بانكس، مرشح حزب الإصلاح، الذي حصل على 22%.
للاطلاع على المقال الأصلي من (هنا)