ترامب يعلن “احترامه لتعهد الحوثيين” ويوقف قصف اليمن 

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الثلاثاء أن الولايات المتحدة ستوقف قصف اليمن “بأثر فوري”، مؤكدًا تفضيله الكشف عن قراراته السياسية.

وقال ترامب من داخل البيت الأبيض إن الحوثيين في اليمن أبلغوا الولايات المتحدة مساء الاثنين أنهم “لا يريدون القتال بعد الآن، ببساطة لا يريدون القتال، و سنحترم ذلك، سنوقف القصف”.

وأكدت عُمان تصريح ترامب بأن الحوثيين وافقوا على وقف مهاجمة السفن في البحر الأحمر، وكتب وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي على موقع X: “المستقبل، لن يستهدف أي من الجانبين الآخر، بما في ذلك السفن الأمريكية، في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مما يضمن حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي”، موضحاً أن عُمان كانت تتوسط بين الولايات المتحدة والحوثيين.

يبدو أن الإعلان الذي لم يكن متوقعاً قد فاجأ الدبلوماسيين الأمريكيين ومسؤولي الدفاع العاملين في اليمن، وفقًا لثلاثة مسؤولين حاليين تحدثوا إلى موقع ميدل إيست آي، وقالوا إنهم لم يتلقوا أي إشارة بشأن الإعلان.

كما بدا أن ترامب قد فاجأ وزير خارجيته ومستشاره للأمن القومي، ماركو روبيو، بإعلان وقف الحملة العسكرية الأمريكية الكبرى في الشرق الأوسط، حيث قال له في المكتب البيضاوي: “ماركو، ستعلم الجميع بذلك، هل لديك ما تقوله بشأن ذلك؟ إنه إعلانٌ بالغ الأهمية”.

ولم يأتِ ترامب على ذكر دولة الاحتلال، على الرغم من أن هذا الإعلان جاء بعد أيام قليلة من إطلاق الحوثيين صاروخًا باليستيًا على موقف سيارات بالقرب من مبنى الركاب رقم 3 في مطار بن غوريون في تل أبيب، مما أثار موجة من الصدمة في الدولة العبرية.

يذكر أن الحوثيين كانوا قد بدأوا بمهاجمة دولة الاحتلال فيما وصفوه بأنه تضامن مع الفلسطينيين المحاصرين في غزة، بعد العدوان المروع الذي تواصل قوات الاحتلال شنه على القطاع بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهجماتها على سوريا ولبنان وإيران واليمن.

وركز الحوثيون معظم نيرانهم على السفن في البحر الأحمر، مستهدفين السفن المرتبطة بدولة الاحتلال في المرتبة الاولى، ثم الشحن العالمي المرتبط بالغرب، حيث أدت هذه الهجمات إلى صعود شعبية الحوثيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.

ويحظى الحوثيون بدعم إيران، لكن أعداء الولايات المتحدة الآخرين انتبهوا أيضاً لحيوية هجماتهم في ممر مائي حيوي. 

فقد كشف موقع ميدل إيست آي أن روسيا أرسلت مستشارين عسكريين لمساعدة الحوثيين على تحسين استهدافهم، كما أفادت التقارير أن الصين زودتهم بمعلومات استخباراتية، وقد صرح ترامب بأن الحوثيين وافقوا على وقف “تفجير السفن” وأنه “يقبل كلمتهم”.

معارضة الحرب الأوسع

ووقع وقف الضربات الأمريكية وقعاً خاصاً لدى دول الخليج، وخاصة المملكة العربية السعودية، التي قادت حملة استمرت لسنوات لإقصاء الحوثيين عن السلطة في جزء كبير من اليمن، لكنها وافقت بعد ذلك على هدنة في عام 2022، قبل أن تتعقد جهود المملكة للتوصل إلى تسوية سياسية معهم بسبب الضربات الأمريكية.

وصرح مسؤولون أمنيون أمريكيون لموقع ميدل إيست آي أن المملكة العربية السعودية ودول خليجية أخرى تحركت لمنع الولايات المتحدة من استخدام قواعدها أو مجالها الجوي لمهاجمة الحوثيين، خوفًا من ردود فعل انتقامية من قبلهم.

ومن المقرر أن يزور ترامب السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر الأسبوع المقبل، حيث جاء توقف الهجمات الأمريكية في الوقت الذي تقصف فيه قوات الاحتلال اليمن، وقد أصابت إحدى غاراتها المطار الرئيسي في صنعاء يوم الثلاثاء.

يذكر أن الولايات المتحدة كانت قد شرعت في قصف الحوثيين في عهد إدارة بايدن، لكن ترامب صعّد الحملة بشكل كبير.

وفي أقوال أدلوا بها لموقع ميدل إيست آي أعرب عدد من العاملين في مجال حقوق الإنسان ومسؤولي الإغاثة والدبلوماسيين العرب الذين تجاور دولهم اليمن عن صدمتهم من الدمار الذي أحدثته الضربات الأمريكية.

وأسفرت ضربة أمريكية على مركز للمهاجرين في محافظة صعدة شمال اليمن الشهر الماضي عن مقتل 68 شخصًا على الأقل، علماً أن المركز كان قد تعرض للقصف سابقًا من قبل تحالف من الدول العربية بقيادة المملكة العربية السعودية لقتال الحوثيين.

وأثارت الضربات تساؤلات حول استهداف الولايات المتحدة، كما انتشرت مزاعم بأن الولايات المتحدة كانت تستخدم حسابات استخباراتية مفتوحة المصدر على موقع X لاختيار أهدافها، غير أن الأهم بالنسبة لترامب هو أن حملة القصف في اليمن أصبحت قضية سياسية داخلية.

وتُجسّد اليمن مسيرة كفاح ترامب لمواءمة سياسته الخارجية “أمريكا أولاً” وتعهده بإنهاء الحروب في الخارج مع غرائزه المتشددة، فصباح الثلاثاء، قبل أن يُعلن ترامب تجميد الحملة إلى جانب رئيس الوزراء الكندي مارك كارني، نشر أحد أشدّ المدافعين عن ترامب في الكونغرس بيانًا مُهاجمًا للحملة.

وكتبت عضوة الكونغرس الجمهورية مارجوري تايلور غرين على منصة X: “لم أرَ حوثيًا قط، ولا أي شخص آخر أعرفه، لكن ما يعرفه الجميع هو أننا، لسبب ما، لا نهاجم العدو الحقيقي الذي يقتل الأمريكيين كل يوم، لا، علينا أن نهرب ونقصف بلدًا ما في مكان آخر من العالم، لأنه يقال لنا إنهم الأشرار”.

مقالات ذات صلة