أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن حكومته تُجري “محادثات غير مباشرة” مع دولة الاحتلال لتهدئة التوترات بين البلدين، في أعقاب تصعيد الاحتلال عالي الوتيرة في سوريا منذ ديسمبر/كانون الأول.
وقال الشرع في مؤتمر صحفي عُقد في باريس إلى جانب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الأربعاء: “هناك محادثات غير مباشرة تجري عبر وسطاء لتهدئة الوضع ومحاولة احتوائه حتى لا يخرج عن سيطرة الطرفين”.
وجاءت تصريحات الشرع بعد ساعات قليلة من تقرير لوكالة رويترز أفاد بأن الإمارات العربية المتحدة رسخت مكانتها كقناة اتصال بين البلدين، كما تربط سوريا علاقات مع الأردن ومصر وتركيا، وجميعها دول تربطها علاقات بالاحتلال.
وكانت تركيا الداعم الوثيق لحكومة الشرع تتفاوض على إبرام اتفاقية دفاعية مع دمشق أثارت قلق دولة الاحتلال، علماً بأن موقع ميدل إيست آي كان أول من أفاد بأن أنقرة وتل أبيب تُجريان محادثات لإنشاء مسار فض الاشتباك السوري الخاص بهما.
وقال الشرع، متحدثًا في باريس خلال زيارة تاريخية إلى أوروبا، إن “تدخلات الاحتلال العشوائية تنتهك هدنة عام 1974″، والذي تم توقيعه بغية الحد من التوترات الحدودية بعد حرب 1967، حيث تم إبرام الهدنة وقتها برعاية وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر.
وأضاف الشرع: “منذ وصولنا إلى دمشق، أبلغنا جميع الأطراف المعنية بالتزام سوريا باتفاقية عام 1974”.
وكانت قوات الاحتلال قد شنت مئات الغارات على سوريا منذ الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول، كما احتلت أجزاء من جنوب غرب سوريا، ونفذت حملات قصف منتظمة.
وفي تصعيد لافت لاعتداءاتها، شنت قوات الاحتلال غارات في وقت سابق من هذا الشهر بالقرب من القصر الرئاسي للشرع في دمشق.
كما حاولت تل أبيب ترسيخ مكانتها كمدافع عن الأقلية الدرزية في سوريا بعد اندلاع القتال بين الميليشيات الموالية للحكومة والمقاتلين الدروز الذين يقاوم أغلبهم دولة الاحتلال التي مازالت بدورها تُصر على نزع السلاح الكامل في جنوب سوريا، بما في ذلك أي وجود عسكري تركي أو سوري.
وتسيطر قوات الاحتلال حاليًا على منطقة عازلة تُشرف عليها الأمم المتحدة على طول خط الهدنة لعام 1974 عبر مرتفعات الجولان، على الرغم من أنها توغلت أيضًا في عمق الأراضي السورية.
وقال الشرع إن قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك يجب أن “تعود إلى الخط الأزرق الفاصل”، مضيفًا أن القوة قامت بعدد من الزيارات إلى دمشق.
من جهته، أدان ماكرون هجمات الاحتلال على سوريا، قائلًا إنها لن تضمن “أمن إسرائيل على المدى الطويل”، وأضاف: “أما فيما يتعلق بالقصف والتوغلات، فأعتقد أنها ممارسة سيئة، لا تضمن أمن بلدك بانتهاك سلامة أراضي جيرانك”.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن أكثر من 20 غارة جوية أصابت أهدافًا عسكرية في أنحاء سوريا الأسبوع الماضي، في “أعنف” هجوم تشنه دولة الاحتلال على البلاد هذا العام.
وقال الشرع: “نحاول التحدث مع جميع الدول التي تتواصل مع دولة الاحتلال للضغط عليها لوقف تدخلها في شؤون سوريا، وانتهاك مجالها الجوي، وقصف بعض منشآتها”.
كما تتواصل حكومة الشرع مع الولايات المتحدة، وقد اتخذت بعض الخطوات لمعالجة المخاوف الإسرائيلية والأمريكية.
فخلال الشهر الماضي، اعتقلت دمشق اثنين من كبار مسؤولي حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، في خطوة وصفها مسؤول أمريكي لموقع ميدل إيست آي بأنها تهدف إلى إظهار قدرات دمشق.
وأعلنت الولايات المتحدة أنها بصدد سحب مئات القوات من شمال شرق سوريا، في إطار حثّها قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ذات القيادة الكردية على الاندماج مع الجيش السوري، الذي تقوده الآن هيئة تحرير الشام، المنظمة الإسلامية المعارضة سابقًا.
وتأتي زيارة الشرع إلى فرنسا في الوقت الذي تُعزز فيه باريس دورها في سوريا، حيث وقّعت شركة CMA للشحن البحري الفرنسية التي تتمتع بعلاقات وثيقة مع الحكومة الفرنسية في وقت سابق من هذا الشهر اتفاقيةً لمدة 30 عامًا لإدارة ميناء اللاذقية السوري، مع تعهّد باستثمار 260 مليون دولار في البنية التحتية.