وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اتفاقية مبيعات دفاعية بقيمة 142 مليار دولار في المملكة العربية السعودية يوم الثلاثاء، في إطار سعيه المتواصل لحثّ المملكة على ضخ تريليون دولار من الاستثمارات في بلاده.
وكان ترامب، الذي حظي بمرافقة عدد من طائرات إف-15 السعودية المقاتلة لدى وصوله، يحثّ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على زيادة الاستثمار الذي وعد به سابقًا من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار.
وتشمل صفقة الأسلحة الجديدة صادرات توربينات غاز وحلول طاقة من شركة جنرال إلكتريك بقيمة إجمالية 14.2 مليار دولار، وطائرات ركاب من طراز بوينغ 737-8 بقيمة إجمالية 4.8 مليار دولار، وتعد خطوةً نحو تحقيق هذا الهدف.
وأعلن البيت الأبيض يوم الثلاثاء أن شركة سعودية تخطط أيضًا لاستثمار 20 مليار دولار في مواقع مرتبطة بالذكاء الصناعي في الولايات المتحدة.
وكان من المقرر أن يلتقي محمد بن سلمان وترامب على الغداء في القصر الملكي يوم الثلاثاء، بحضور العديد من كبار قادة الأعمال الأميركيين، بما في ذلك حليف ترامب اليميني المتطرف إيلون ماسك.
ومن المقرر أن يسافر ترامب بعد ذلك إلى قطر والإمارات العربية المتحدة المجاورتين، كما أكد مسؤول أمريكي رفيع المستوى أن ترامب “وافق على استقبال” الرئيس السوري أحمد الشرع يوم الأربعاء أثناء وجوده في الرياض.
ومن المتوقع أن يعلن ترامب خلال اجتماعاته في الرياض والدوحة وأبو ظبي عن عقود في مجالات متنوعة من بينها الدفاع والطيران والطاقة والذكاء الصناعي.
يذكر أن البيت الأبيض أعلن يوم الثلاثاء أن شركة داتا فولت السعودية “تمضي قدمًا في خططها لاستثمار 20 مليار دولار في مراكز بيانات الذكاء الصناعي والبنية التحتية للطاقة في الولايات المتحدة”، وذلك بعد وقت قصير من إعلانه عن توقيع صفقة أسلحة بقيمة 142 مليار دولار.
وجاء في بيان البيت الأبيض: “وقعت الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية أكبر اتفاقية مبيعات دفاعية في التاريخ بقيمة تقارب 142 مليار دولار، لتزويد المملكة العربية السعودية بأحدث معدات القتال”.
كما تم الإعلان عن خطاب نوايا “لإكمال العمل وتعزيز التعاون المشترك في مجالات الذخيرة والتدريب وخدمات الدعم والصيانة وتحديث الأنظمة وقطع الغيار والتدريب للأنظمة البرية والجوية للحرس الوطني”، بالإضافة إلى الإعلان عن قرار آخر يتعلق بـ “تطوير قدرات الصحية القوات المسلحة السعودية”.
الاضطرابات المالية
وكان ترامب قد أعلن فرض تعريفات جمركية واسعة النطاق في جميع أنحاء العالم مما أثار شكوكًا حول الثقة الاقتصادية بالولايات المتحدة، حيث يسعى الرئيس إلى تحقيق مكاسب تتصدر عناوين الصحف.
ومع تفضيل ترامب لأرقام المبيعات على الاعتبارات السياسية التقليدية، فإنه يُثير حفيظة حلفائه القدامى الذين اعتادوا على استخدام حق النقض (الفيتو) بحكم الأمر الواقع على المبيعات.
ففي أبريل/نيسان، أشارت إدارة ترامب إلى أنها تحولت من اعتبار بيع التكنولوجيا النووية المدنية إلى المملكة العربية السعودية وسيلة ضغط لإغراء الرياض بتطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال إلى اعتبار ذلك صفقة تجارية قد تمنح الشركات الأمريكية حصة من 80 مليار دولار، وهي تكلفة البرنامج النووي للمملكة، وفقًا للخبراء.
وينطبق ذات الأمر على بيع مقاتلات إف-35 إلى المملكة العربية السعودية، حيث ذكرت رويترز أن الولايات المتحدة ستناقش صفقة البيع مع المملكة، وأكد مسؤول أمريكي لموقع ميدل إيست آي هذا الأسبوع أن الأمر مطروح للنقاش فعلاً.
وستثير هذه الصفقة قلق تل أبيب بشكل خاص، لأن بيع أحدث الطائرات المقاتلة الأمريكية كان من المفترض أن يرتبط بتطبيع المملكة للعلاقات مع الاحتلال في ظل إدارة بايدن، غير أن ملف التطبيع أُلغي من جدول أعمال هذه الزيارة لترامب.
لطالما تمتعت تل أبيب بنفوذ كبير على مبيعات الأسلحة الأمريكية للدول العربية وتركيا استناداً إلى التزام الولايات المتحدة بما يُسمى التفوق العسكري النوعي لدولة الاحتلال على جيرانها وهو بند منصوص عليه في القانون الأمريكي، ويُعدُّ أساسًا لشراكات البلدين، التي تعود إلى سبعينيات القرن الماضي.
ومن المرجح أيضًا أن يكون لإيران، المنافس الإقليمي، دورٌ بارزٌ خلال زيارة ترامب إلى المملكة العربية السعودية، عقب جولة رابعة من المحادثات في عُمان نهاية الأسبوع.
فقد أعرب الجانبان عن تفاؤلهما من المحادثات لكن الولايات المتحدة فرضت يوم الاثنين عقوبات جديدة تستهدف البرنامج النووي الإيراني.
وشهدت العودة إلى المفاوضات خلافًا بين ترامب وحلفائه في تل أبيب، الذين هددوا مرارًا وتكرارًا بالعمل المسلح ضد إيران.
فقد كان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، المُقرَّب من ترامب، قد أعلن أن بلاده ستستخدم أي وسيلة ضرورية لمنع تطوير القدرات النووية الإيرانية، وقال في أواخر أبريل: “الاتفاق الفعّال حقًا هو الذي يُلغي قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم لأغراض صنع الأسلحة النووية”.