صفعة قضائية لإدارة ترامب: تجميد قرار ترحيل طلاب هارفارد على خلفية تضامنهم مع غزة

في تطور قانوني مهم، أصدرت محكمة أمريكية فيدرالية يوم الخميس حكماً لصالح جامعة هارفارد، يقضي بوقف تنفيذ قرار حكومي يهدد بترحيل طلابها الدوليين، في ظل تصاعد المواجهة بين الجامعة المرموقة وإدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، على خلفية مواقف الجامعة من العدوان على غزة.

القاضية الفيدرالية أليسون بورو أيدَّت أمراً تقييدياً مؤقتاً يجمّد إلغاء وزارة الأمن الداخلي الأمريكية لبرنامج “شهادة الطلاب والزوار التبادليين” (SEVP)، وهو البرنامج الذي يمكّن الجامعات الأمريكية من تسجيل الطلاب الأجانب، في قرار أنقذ مؤقتاً وضع أكثر من 7,000 طالب دولي في جامعة هارفارد، أي نحو ربع عدد طلابها.

وقالت الجامعة في بيان رسمي عقب الحكم: “ستواصل هارفارد اتخاذ خطوات لحماية حقوق طلابنا وباحثينا الدوليين، وأعضاء مجتمعنا الذين يعتبرون جزءًا أساسيًا من مهمتنا الأكاديمية، والذين تعود فائدة وجودهم على بلدنا بشكل لا يُقدّر بثمن”.

حماية مؤقتة وسط معركة قضائية مستمرة

القاضية بورو أشارت إلى إمكانية تمديد فترة التعليق مع استمرار النظر في القضية، مؤكدة أن الطلاب والموظفين وأعضاء الهيئة التدريسية في هارفارد يمكنهم متابعة عملهم الأكاديمي في الجامعة، بانتظار صدور أمر قضائي دائم.

وجاء هذا القرار في وقت حساس، تزامن مع حفل تخرج دفعة 2025، ما ضاعف من أهمية الحكم بالنسبة للطلاب الدوليين الذين عاشوا أسابيع من الغموض والخوف من الترحيل.

تصعيد حكومي ومطالب “مبهمة”

القرار القضائي جاء بعد تهديد مباشر من وزارة الأمن الداخلي الأسبوع الماضي، طالبت فيه جامعة هارفارد بإعادة توجيه طلابها الدوليين إلى مؤسسات أخرى أو مواجهة خطر الترحيل.

كما أرسلت إدارة ترامب سلسلة مطالب تضمنت إصلاحات إدارية، ووقف برامج التنوع والمساواة، والإبلاغ عن الطلاب الأجانب الذين ينتهكون القوانين – وهي مطالب وصفتها الجامعة بأنها “تتجاوز صلاحيات الحكومة وتهدد استقلال الجامعات الأمريكية”.

وجاء في بيان قانوني من ممثلي هارفارد: “الجامعة لن تتنازل عن استقلالها أو تتخلى عن حقوقها الدستورية”.

 تفتيش حسابات الطلاب وملاحقة التأييد لغزة

وفي تصعيد لافت، أمرت وزارة الخارجية الأمريكية موظفي القنصليات بفحص حسابات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بالمتقدمين للحصول على تأشيرات إلى جامعة هارفارد، بحثاً عن ما وصفته بـ”مظاهر معاداة السامية”، كما أعلنت أنها تدرس توسيع هذا الفحص ليشمل جميع الطلاب الأجانب المتقدمين للجامعات الأمريكية.

إدارة ترامب برّرت ذلك بضرورة مواجهة “التحريض” بعد احتجاجات طلابية واسعة في عدد من الجامعات الأمريكية دعماً لفلسطين ورفضاً لعدوان دولة الاحتلال على غزة.

وكانت الإدارة قد علّقت بالفعل تعيينات جديدة للطلاب الأجانب، وأعلنت تجميد تمويلات فيدرالية بقيمة 2.3 مليار دولار لهارفارد، تشمل منحًا بحثية ومشاريع أكاديمية، بحجة فشل الجامعة في التصدي لما أسمته “التمييز ضد الطلاب اليهود”.

فرقة مكافحة “معاداة السامية”: غطاء سياسي لضرب حرية التعبير

تتصدر “فرقة العمل الفيدرالية لمكافحة معاداة السامية” جهود الضغط على الجامعات، وهي كيان حكومي جديد أنشأته إدارة ترامب ويضم أربع وكالات فيدرالية، من بينها وزارات العدل، والتعليم، والصحة، والخدمات العامة.

وقد وجهت هذه الفرقة عدة مطالب إلى جامعة هارفارد، أبرزها “الإبلاغ عن المحتجين”، وتغيير سياسات التوظيف والقبول، والحد من برامج التعددية الثقافية، في ما اعتبرته أوساط أكاديمية محاولات واضحة لتقييد حرية التعبير، خاصة في ما يتعلق بالاحتجاجات الطلابية المنددة بجرائم الحرب التي يرتكبها جيش الاحتلال في غزة.

التمويل على المحك

ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن إدارة ترامب تدرس إلغاء عقود فيدرالية مع هارفارد تصل قيمتها إلى 100 مليون دولار، كجزء من تصعيدها المستمر، كما أن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية أوقفت 60 مليون دولار من المنح البحثية.

وفي مواجهة هذا التصعيد، أكدت هارفارد أنها لا تستطيع تعويض كامل هذه الخسائر، لكنها تعمل على تأمين تمويل بديل للباحثين المتأثرين، في وقت تتواصل فيه معركة قضائية طويلة الأمد مع الحكومة الأمريكية.

مقالات ذات صلة