رصاص على الجوعى: الاحتلال يقتل فلسطينيين أثناء انتظارهم رغيف الخبز في غزة

استشهد ثلاثة فلسطينيين في مركز توزيع مساعدات أمريكي-إسرائيلي جنوب غزة أمس الاثنين، مما رفع عدد الشهداء الذين قضوا جوعى أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء إلى أكثر من 75 شهيداً في أقل من ستة أيام.

وأفادت وزارة الصحة في غزة باستشهاد ثلاثة فلسطينيين وإصابة ما لا يقل عن 35 آخرين عندما أطلقت قوات الاحتلال النار بالقرب من موقع لتوزيع المساعدات في رفح تديره مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، المدعومة من الولايات المتحدة والاحتلال.

ووفقاً لإحصائيات الوزارة، فقد استشهد ما لا يقل عن 75 فلسطينيًا وجُرح أكثر من 400 آخرين أثناء وقوفهم في طوابير للحصول على الغذاء منذ أن بدأت مؤسسة غزة الإنسانية عملياتها في غزة في 27 مايو/أيار.

وجاءت عمليات القتل يوم الاثنين بعد ساعات من  إطلاق قوات الاحتلال النار على ما لا يقل عن 35 فلسطينيًا في نقطتي توزيع مساعدات غذائية تابعة للاحتلال والولايات المتحدة في رفح ووسط غزة.

وذكر شهود عيان ومسؤولون محليون لموقع ميدل إيست آي أن قوات الاحتلال أطلقت النار مباشرة على المدنيين، حيث سجلت إصابات العديد من الشهداء بطلقات نارية في الرأس أو الصدر.

وقالت شاهدة عيان تدعى مروة الناعوق لموقع ميدل إيست آي يوم الأحد: “كنت أقف بين الحشد، ولكن عندما بدأ الناس يهرعون نحو نقطة التوزيع، لم أستطع التحرك معهم لأن المئات كانوا يتقدمون للأمام”.

وأضافت: “ثم ظهرت طائرة رباعية المراوح وبدأت بإطلاق النار عليهم، وبعد ذلك، أطلق جنود الاحتلال النار مباشرة على الحشد، وأطلقت قوات الأمن الأمريكية قنابل الغاز المسيل للدموع”.

وتابعت: “قُتل وجُرح العشرات بينما ركض الناس في كل اتجاه محاولين الفرار”.

ومنذ بدء عملياتها يوم الثلاثاء الماضي، زعمت مؤسسة الإغاثة الإنسانية العالمية، دون تقديم أي دليل، أنها وزعت عشرات الآلاف من صناديق الطعام على الفلسطينيين المحتاجين.

وبالرغم من ذلك فإن هذه الكميات تمثل جزءًا ضئيلًا مما تقول وكالات الإغاثة إنه ضروري لمعالجة المجاعة الجماعية المتفشية في القطاع.

“حصر العائلات اليائسة خلف الأسوار ووضع المساعدات تحت حراسة مسلحة لا ينتهك المبادئ الإنسانية فحسب، بل ينتهك أيضاً الآداب العامة” – روب ويليامز، تحالف أطفال الحرب

ويسعى نظام المساعدات الجديد، الذي يحصر توزيع الغذاء في عدد محدود من المراكز التي يحرسها متعاقدون أمنيون أمريكيون، إلى انتزاع التوزيع من منظمات الإغاثة التي تقودها الأمم المتحدة.

وكانت الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية رئيسية أخرى قد انتقدت مراراً وتكراراً هذه الآلية، حيث حذرت منظمة أطباء بلا حدود من أن “استخدام المساعدات بهذه الطريقة قد يشكل جرائم ضد الإنسانية”.

وقالت كلير مانيرا، منسقة الطوارئ في منظمة أطباء بلا حدود، في بيان يوم الأحد: “لقد أظهرت أحداث اليوم مرة أخرى أن هذا النظام الجديد لإيصال المساعدات لا إنساني وخطير وغير فعال للغاية”.

واعتبرت أن هذا الأسلوب في توزيع المساعدات “أدى إلى وفيات وإصابات بين المدنيين كان من الممكن تجنّبها”.

وأشارت إلى أنه كان يجب أن تُقدّم المساعدات الإنسانية فقط من قِبَل المنظمات الإنسانية التي تمتلك الكفاءة والعزيمة للقيام بذلك بأمان وفعالية.

“نظام بشع”

وانتقد روب ويليامز، الرئيس التنفيذي لمنظمة “تحالف أطفال الحرب” الحقوقية، آلية المساعدات التي تدعمها الولايات المتحدة والاحتلال، قائلاً إن مشاهد رفح تُعدّ “اتهامًا مُدمرًا لنموذج ما كان ينبغي أن يكون موجودًا من الأساس”.

وأضاف: “تكمن الوحشية الحقيقية لهذا النظام البشع في إضفاء صفة إنسانية على التوزيع العسكري للغذاء كوسيلة لتهجير السكان”.

ومنذ 2 مارس/آذار، منعت قوات الاحتلال دخول جميع الإمدادات إلى غزة، بما في ذلك الغذاء والماء والأدوية، في محاولة لإجبار حماس على إعادة التفاوض على اتفاق وقف إطلاق النار الذي كان قد اقر أصلاً في يناير/كانون الثاني.

وتضغط دولة الاحتلال على المقاومة الفلسطينية لإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين المتبقين في غزة مقابل مساعدات إنسانية، وهدنة طويلة الأمد، وإطلاق المزيد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.

لكن حركة حماس تصر على التزام الاحتلال بوقف إطلاق نار دائم، قائلةً إن أي “صفقات جزئية” ستسمح لإسرائيل باستئناف القتل في غزة”.

ومنذ تراجعها عن اتفاق وقف إطلاق النار، قتلت قوات الاحتلال ما لا يقل عن 4000 فلسطيني في هجمات استهدفت خيامًا ومستشفيات ومدارس حُوّلت إلى ملاجئ في قطاع غزة.

ووفقًا لمسؤولين صحيين وحكوميين فلسطينيين، فقد استشهد ما لا يقل عن 54000 فلسطيني على يد قوات الاحتلال منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، من بينهم أكثر من 28000 امرأة وفتاة.

ويشمل الرقم أيضًا ما لا يقل عن 1400 من العاملين في القطاع الصحي، و280 من موظفي الإغاثة التابعين للأمم المتحدة وهو أعلى عدد من القتلى في صفوف موظفي الأمم المتحدة في تاريخها.

كما يشمل العدد ما لا يقل عن 180 صحفيًا، وهو أعلى عدد من العاملين الإعلاميين الذين قُتلوا في نزاع منذ أن بدأت لجنة حماية الصحفيين (CPJ) في تسجيل البيانات عام 1992.

وفي يناير/كانون الثاني، أفادت مجلة “ذا لانسيت” الطبية أن أعداد الشهداء ربما تكون أعلى من المعلن عنها بنسبة 41%.

وقدّرت الدراسة أن 59.1% من الشهداء كانوا من النساء والأطفال والذين تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، لكن الدراسة لم تُقدِّم تقديرًا لعدد المقاتلين الفلسطينيين بين الشهداء.

وأشارت الدراسة إلى أن هذه الحصيلة تُمثل 2.9% من سكان غزة قبل الحرب، “أو ما يقرب من واحد من كل 35 نسمة”.

مقالات ذات صلة