كشف دبلوماسي إسرائيلي بارز لموقع ميدل إيست آي أن رئيس الوزراء في دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو يعيش حالة “اضطراب سياسي”، نتيجة ضغط متصاعد من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للاعتراف بدولة فلسطين، في تحرك دولي واسع يحظى بدعم غالبية دول الاتحاد الأوروبي والمملكة العربية السعودية.
وقال ألون بينكاس، المستشار السابق لأربعة وزراء خارجية إسرائيليين والقنصل العام السابق في نيويورك، إن نتنياهو “مضطرب لأنه يعلم أن دعم دونالد ترامب هش ومؤقت”، محذرًا من أن المجتمع الدولي يبحث عن مخرج للأزمة المتفاقمة في غزة والعلاقات المتوترة مع الاحتلال.
وأضاف بينكاس: “سيبحث كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن شيء يمكنهما العمل عليه معاً وتخفيف التوترات… تحتاج إلى زعيم أو اثنين من القادة الأوروبيين لتهدئة ترامب وجعله يشعر أن الفكرة فكرته”.
رغم أن فرنسا، شأنها شأن المملكة المتحدة والولايات المتحدة وأستراليا، لا تعترف رسميًا بدولة فلسطين، فإنها تقود حاليًا جهودًا نشطة لإقناع دول أوروبية مثل بلجيكا وهولندا، إلى جانب أستراليا، بالاعتراف بدولة فلسطينية خلال مؤتمر الأمم المتحدة المشترك مع السعودية في نيويورك هذا الشهر.
وتهدف باريس، من خلال هذا الاعتراف، إلى إعادة إطلاق عملية السلام وفتح الطريق أمام حل الدولتين، وهو ما تعتبره أكثر دول العالم الآن السبيل الوحيد لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود.
“تعنّت الاحتلال وخيبة أمل دولية”
قال بينكاس، المعروف بانتقاداته المتكررة لنتنياهو، إن تحرك ماكرون يعكس أيضًا “الملل العام وخيبة الأمل من إسرائيل بسبب تعنتها في كل شيء”، مشيرًا إلى أن العالم لم يعد يرى جدوى في مواصلة المسايرة السياسية لدولة الاحتلال.
وكانت كل من إسبانيا والنرويج وأيرلندا قد اعترفت رسميًا بدولة فلسطين خلال العام الماضي، في خطوة أثارت غضب حكومة الاحتلال، التي رأت في هذه الخطوة “مكافأة للإرهاب”، بحسب تعبيرها.
ومع تزايد الانتقادات الدولية، اتخذت عدة دول أوروبية، من بينها فرنسا والمملكة المتحدة، مواقف أكثر تشددًا تجاه دولة الاحتلال، رغم استمرار دعمهما العسكري والسياسي لها خلال عدوانها على غزة.
في تصريح واضح من سنغافورة يوم الجمعة، قال الرئيس ماكرون إن بلاده ملتزمة بالوصول إلى حل سياسي شامل، وأوضح: “الحصار الإنساني يخلق وضعًا لا يمكن تحمله على الأرض”، مضيفًا أن بلاده قد تضطر إلى “تشديد موقفها الجماعي”، في حال عدم حدوث تحسن ملموس في الوضع الإنساني خلال الساعات أو الأيام المقبلة، ولمّح إلى احتمال فرض عقوبات على المستوطنين.
ترامب وماكرون
ورغم الخلافات العلنية في بعض الملفات، يتمتع ماكرون بعلاقة جيدة مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حيث يعتقد بينكاس أن فرنسا قد تستفيد من هذا التقارب للضغط على الاحتلال من خلال التنسيق الأوروبي الأمريكي.
وعندما سئل ترامب عن مقطع فيديو متداول يظهر ماكرون يتعرض للصفع من قبل زوجته بريجيت، رد قائلاً: “إنه بخير، وهما بخير. إنهما شخصان طيبان حقاً، وأنا أعرفهما جيداً”.
“مواقع توزيع مسلحة” ومجاعة تلوح في الأفق
رغم إعلان الاحتلال عن “تخفيف جزئي” لحصاره الذي دام 11 أسبوعًا على غزة، إلا أن المساعدات التي دخلت إلى القطاع كانت ضئيلة للغاية.
وتحدثت تقارير عن ارتقاء مدنيين في مواقع توزيع مساعدات جديدة تشرف عليها الولايات المتحدة ودولة الاحتلال، حيث يُجبر الفلسطينيون على التزاحم بين الأسلاك الشائكة والجنود.
وقالت وزارة الخارجية لدى دولة الاحتلال إن الحديث عن “حصار إنساني” هو “كذبة صارخة”، مشيرة إلى دخول 900 شاحنة مساعدات وتوزيع مليونَي وجبة غذائية وآلاف الطرود.
لكن منظمة الإغاثة الإسلامية أدانت بشدة النظام الجديد للمساعدات، مؤكدة أن “مذابح الأشخاص الذين يحاولون الحصول على مساعدات غذائية يجب ألا تمر دون عقاب”.
وقالت المنظمة: “بعد ثلاثة أشهر من تشديد إسرائيل حصارها الشامل على غزة، مات عشرات الأطفال والرضع وكبار السن من الجوع، ويُقتل الآباء والأمهات اليائسون بالرصاص أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية في مواقع توزيع جديدة عسكرية”.
وحذّرت المنظمة من أن مزيدًا من الأرواح ستُزهق في الأيام المقبلة ما لم يتم إنهاء الحصار بشكل كامل وإعادة فتح جميع المعابر لضمان وصول آمن وكامل للمساعدات الإنسانية.