في تصعيد جديد للهجوم على البنية التحتية الصحية في قطاع غزة، دمّرت قوات الاحتلال مركز “نورا الكعبي” لغسيل الكلى، الذي كان يُعد المزود الوحيد لهذه الخدمة المنقذة للحياة في شمال القطاع المحاصر، مما يضع مئات المرضى المصابين بأمراض الكلى في دائرة خطر الموت الفوري.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان صحفي صدر يوم الأحد أن “جيش الاحتلال قصف مركز غسيل الكلى الوحيد في شمال غزة، الواقع في منطقة تشهد دماراً هائلاً وانعداماً للخدمات الصحية الأساسية”.
ويُظهر مقطع مصور نُشر على الإنترنت جرافات تابعة لجيش الاحتلال وهي تواصل عملية الهدم للمركز الصحي، في مشهد أثار ردود فعل غاضبة من منظمات إنسانية وصحية.
وأوضحت الوزارة أن “تدمير المركز يشكل تهديدًا كارثيًا لصحة مرضى الكلى، وعواقب ذلك لا يمكن التنبؤ بها”، مضيفة أن 41% من مرضى الكلى في القطاع قد توفوا منذ بدء الحرب نتيجة استهداف مراكز الرعاية وفرض قيود على عملها.
وأكدت الوزارة أن “الاحتلال يعمل وفقًا لمنهجية خطيرة لإخلاء شمال قطاع غزة من المستشفيات ومراكز الرعاية المتخصصة”، في إشارة إلى سياسة ممنهجة تستهدف تعطيل النظام الصحي في المناطق الشمالية.
وكان المركز قد تعرض لهجوم سابق أسفر عن تدمير معظم معداته، ولم يتبقَ سوى ثماني آلات غسيل كلى كانت بالكاد تعمل قبل أن يتم تدميره بالكامل الأحد.
ويمثل هذا الهجوم الحلقة الأحدث في سلسلة من الغارات التي تستهدف القطاع الصحي في غزة، حيث باتت المنشآت الطبية في مهب الخطر، فيما تعاني المستشفيات من نقص حاد في الأدوية والمعدات والوقود.
كما أفادت قناة الجزيرة أن جيش الاحتلال شن هجومًا آخر استهدف مستشفى غزة الأوروبي في مدينة خان يونس، حيث شوهدت جرافات عسكرية تنفذ أعمال تجريف محيطة بالمستشفى.
تحذيرات من مجاعة شاملة
في سياق متصل، حذر ينس ليركه، المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، من أن “100% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم أكثر من 2.2 مليون نسمة على وشك مجاعة كارثية”.
وأضاف ليركه في مؤتمر صحفي يوم الجمعة أن “العدد المحدود من الشاحنات التي تدخل [غزة] هو مجرد قطرات – إنها تغذي السكان بالقطرة”، مشيراً إلى أن “عملية الإغاثة التي نحن على استعداد لتنفيذها تخضع لقيود تشكل أحد أكثر عمليات الإغاثة تعرقلاً، ليس فقط في العالم اليوم، بل في التاريخ الحديث”.
وقال إن هذه القيود تسببت في كارثة إنسانية غير مسبوقة، حيث يكافح سكان غزة للبقاء على قيد الحياة وسط نقص في الغذاء، والأدوية الحيوية، والرعاية الصحية الأساسية، خاصة مرضى الكلى الذين يعتمدون على أدوية محددة وخدمات متخصصة مهددة بالانهيار.
“مرحلة حاسمة” من العدوان
في خضم هذا التصعيد، أعلن رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير يوم الأحد عن توسيع نطاق العمليات العسكرية في القطاع، واصفاً ذلك بأنه “مرحلة حاسمة من القتال”.
وذكر زامير خلال جولة ميدانية في غزة أن العمليات ستشمل مناطق إضافية في محاولة لإحكام السيطرة على القطاع، مما فسره مراقبون على أنه مؤشر على استمرار سياسة الأرض المحروقة.
ومنذ هذا الإعلان، شن جيش الاحتلال هجمات مكثفة على مناطق متفرقة من القطاع، وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية بمقتل أكثر من 50 شخصاً خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية فقط.
ووفقاً لتقارير نشرتها وكالة أنباء Arab48، سُجّلت هزات أرضية خفيفة في جنوب الضفة الغربية والنقب نتيجة شدة القصف الإسرائيلي على قطاع غزة.
أرقام القتل والدمار
تُظهر الإحصاءات الرسمية أن عدد ضحايا العدوان على غزة منذ السابع من أكتوبر 2023 قد تجاوز 54,470 شهيداً، فيما أُصيب أكثر من 124,693 شخصاً بجروح، في واحدة من أكثر الحملات العسكرية دموية وتدميراً في التاريخ الحديث للمنطقة.