بقلم لبنى مصاروة
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
اتهم عدد من الفلسطينيين في مدينة يافا، إحدى “المدن المختلطة” داخل أراضي 1948، جيرانهم من الإسرائيليين بمنعهم من دخول ملجأ تحت الأرض كان متاحًا لهم سابقًا، وذلك في ظل التصعيد العسكري الأخير بين دولة الاحتلال وإيران.
وأكد سكان شارع يهودا هايميت في يافا لموقع ميدل إيست آي أنه تم تغيير رمز الدخول إلى الملجأ بعد أن لجأ نحو عشرة فلسطينيين إليه عقب سماعهم صافرات الإنذار التي استبقت الهجمات الصاروخية الإيرانية على تل أبيب القريبة.
وقال السكان أن هذه الحادثة تُبرز عمق التمييز الذي يتعرض له المواطنون الفلسطينيون في دولة الاحتلال، حتى في مدينة يسكنها فلسطينيون ويهود جنبًا إلى جنب.
وقال ناصر كتلات (63 عامًا)، وهو فلسطيني يعاني من مشاكل صحية ويقيم في شقة بالطابق الرابع مقابل الملجأ: “كان شخص من لجنة المبنى قد سمح لنا بالدخول، وهذا أمر معتاد، فعند سماع صافرات الإنذار، يتجمع سكان المباني المجاورة هنا، لكن عندما دخلنا الملجأ في عطلة نهاية الأسبوع، كان من الواضح أن سكان المبنى الأحدث لا يرحبون بنا”.
وأشار كتلات إلى أن المجموعة كانت تضم حوالي 12 إلى 15 شخصًا من المسلمين والمسيحيين الفلسطينيين، وأضاف: “قالوا لنا أنهم اتخذوا قرارًا بعدم السماح لنا بالدخول، وبأنهم سيقومون بتغيير رمز الدخول، كان من الواضح أن السبب هو أننا عرب”.
وفي اليوم التالي، تجددت الحاجة لدخول الملجأ، لكن السكان الفلسطينيين قوبلوا مرة أخرى برسالة مفادها أنهم غير مرحب بهم.
وأوضح كتلات: “في النهاية، أخبرونا أن هذه ستكون المرة الأخيرة وقالوا: ‘اتخذنا قرارًا بعدم السماح لكم بالقدوم، وسنقوم بتغيير القانون”.
وأشار إلى أن أحد السكان الإسرائيليين أبدى تعاطفًا معهم، لكنه أكد أن القرار جاء بإجماع سكان المبنى، بينما لا يزال اليهود الإسرائيليون من سكان المباني القديمة في الشارع يتمتعون بحرية الوصول إلى الملجأ.
وأضاف كتلات: “كان من الواضح أن السبب هو أننا عرب، هذه هي حقيقتنا وليست شيئًا جديدًا علينا”.
رهائن في حروب دولة الاحتلال
تقع مدينة يافا، التي كانت ميناءً فلسطينيًا مزدهرًا قبل النكبة على امتداد تل أبيب وتحتفظ بثلث سكانها من الفلسطينيين.
وقد شهدت المدينة تهجيرًا قسريًا خلال نكبة 1948، حيث نُقل معظم سكانها إلى جنوب فلسطين، لا سيما إلى قطاع غزة.
ورغم ما شهدته يافا من عمليات ترميم وإنشاء متاحف ومعارض فنية، فإن سكانها الفلسطينيين يشكون من تهميش أحيائهم السكنية وغياب المرافق الأساسية، ومنها الملاجئ العامة.
وأعاد التصعيد الأخير مع إيران تسليط الضوء على الإقصاء المؤسسي للفلسطينيين داخل دولة الاحتلال، حيث تفتقر معظم أحيائهم إلى الغرف الآمنة والملاجئ التي ينص عليها القانون في المشاريع السكنية الجديدة.
وفي بلدة طمرة، التي تقع شمالاً وتُعد من البلدات العربية، قضت أربع فلسطينيات نحبهن يوم السبت بعد أن سقط صاروخ إيراني على أحد المباني.
وأفاد السكان بأن البلدة، التي يقطنها أكثر من 35 ألف نسمة، لا تحتوي على أي ملجأ عام، في حين أن مستوطنة “متسبي أفيف” اليهودية المجاورة، التي تضم حوالي 1100 نسمة فقط، تحتوي على ما لا يقل عن 13 ملجأ عامًا.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو يوم الأحد تُظهر مجموعة من الإسرائيليين يحتفلون بسقوط الصاروخ على طمرة، وهم يرددون أغنية معادية للعرب بعنوان “لتحترق قريتكم”، وهي من الأغاني الشائعة للمغني الإسرائيلي كوبي بيرتس.
وقال الناشط الفلسطيني المقيم في يافا، عابد أبو شهدة، لموقع ميدل إيست آي إن منع الجيران الإسرائيليين للعرب من استخدام الملاجئ يعكس “العنصرية المتأصلة” في مجتمع الاحتلال.
وأوضح: “إذا صدمنا الفيديو الذي يظهر عائلة يهودية تبتهج عند سقوط صاروخ على طمرة في الجليل، فإن الحالة في يافا تكشف عن قضية أخرى هي التخلي التام عن الجيران لمصيرهم، وشرعية هذا السلوك على نطاق واسع”.
واتهم أبو شهدة رئيس وزراء دولة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، بتعريض جميع السكان للخطر من خلال التصعيد مع إيران، مع علمه أن الرد الإيراني سيستهدف الداخل.
وأضاف: “لكن هذا الخطر لا يُوزَّع بالتساوي، فعلى مدى العقود الماضية، ومع تزايد الهجمات الصاروخية، شجعت دولة الاحتلال على بناء ملاجئ وغرف آمنة، لكن في المناطق اليهودية فقط، دون تخطيط مماثل للأحياء والبلدات العربية”.
واختتم بالقول: “نتيجة لذلك، أصبح المواطنون الفلسطينيون رهائن لمغامرات دولة الاحتلال العسكرية”.