ما خيارات طهران بعد الضربة الأمريكية على منشآتها النووية؟

في تطور خطير يزيد من سخونة التصعيد في الشرق الأوسط، شنت الولايات المتحدة الأمريكية، مساء السبت، هجومًا جويًا مفاجئًا استهدف ثلاثة مواقع نووية حساسة في إيران، في أول تدخل عسكري مباشر لها ضمن الحرب التي تخوضها دولة الاحتلال ضد الجمهورية الإسلامية.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الضربات التي استهدفت منشآت فوردو ونطنز وأصفهان “دمرتها بالكامل”، في محاولة لتعطيل قدرات إيران على تخصيب اليورانيوم، مشيرًا إلى أن بلاده أبلغت طهران مسبقًا بهذه الضربات، بحسب ما نقلته قناة الجزيرة.

وبينما أفادت تقارير بأن المنشآت كانت قد أخليت قبل الهجوم، لم تؤكد السلطات الإيرانية أو تنفِ حتى الساعة 11 صباحًا بتوقيت غرينتش حجم الدمار الفعلي، خصوصًا لمنشأة فوردو المحصّنة تحت الأرض.

وأعقب الضربات تهديد صريح من طهران عبر القنوات الرسمية والإعلامية المقربة من الحرس الثوري، حيث أعلن معلق في القناة الإيرانية الرسمية IRIB أن “كل جندي ومواطن أمريكي في المنطقة بات هدفًا مشروعًا”، وأرفق التصريح بخريطة توضّح مواقع القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج.

وفي السياق ذاته، صرح عباس غولرو، رئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، أن واشنطن منحت إيران “الحق القانوني في الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية” بموجب المادة العاشرة من الاتفاق، وهو ما أثار مخاوف من فتح جبهة جديدة نووية في المنطقة.

خيارات الرد المتاحة أمام طهران

ومع اشتعال الموقف، رصد مراقبون وخبراء استراتيجيون جملة من السيناريوهات المحتملة التي قد تلجأ إليها إيران وهي كالتالي:

أولاً – استهداف مباشر للقواعد الأمريكية، حيث تملك واشنطن عشرات القواعد العسكرية في الخليج والعراق وسوريا، وقد يكون التصعيد الإيراني باستهداف مباشر لهذه القواعد، خاصة في البحرين والكويت، احتمالًا مطروحًا.

ثانياً – إغلاق مضيق هرمز، وهو شريان رئيسي يمر عبره نحو 20% من صادرات النفط العالمية، وقد دعا حسين شريعمداري، مستشار المرشد الإيراني، إلى “الإسراع بإغلاق المضيق واستهداف الأسطول الأمريكي”.

ثالثاً تفعيل المنظمات الحليفة مثل الحوثيين في اليمن، والحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان، وكلها مرشحة للرد نيابة عن إيران، وقد أعلنت جماعة “لواء زينب” الباكستانية استعدادها لاستهداف الأصول الأمريكية والإسرائيلية دعمًا لطهران.

رابعاً – الانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي، ما يعني خروج إيران من أي قيود دولية على برنامجها النووي، في خطوة مشابهة لما قامت به كوريا الشمالية عام 2003.

خامساً – رد محدود لإبقاء الأبواب الدبلوماسية مفتوحة، ففي ظل التخوف من حرب شاملة، قد تختار إيران ردًا محسوبًا عبر هجمات إلكترونية أو بالوكالة لتفادي اندلاع مواجهة مباشرة مع واشنطن.

سادساً – استئناف المفاوضات من موقع القوّة، وهو خيار غير مستبعد، خصوصًا إذا استشعرت طهران أن الهجوم هدفه فقط ترسيخ الردع وليس خوض حرب مفتوحة، وقد تلجأ إلى العودة للمفاوضات بشروطها، لتفادي الانهيار الاقتصادي أو التدخل الدولي الأوسع.

تداعيات إقليمية ودولية محتملة

  • تذبذب أسواق الطاقة: أدت التهديدات بإغلاق مضيق هرمز إلى قفزات في أسعار النفط، وسط مخاوف من انقطاع الإمدادات.
  • خطر انفجار إقليمي شامل: التصعيد يهدد بانجرار أطراف متعددة إلى الصراع، بما في ذلك الخليج ومصر وتركيا.
  • موقف حرج لحلفاء واشنطن: دول عربية عدة تجد نفسها بين التزاماتها الأمنية مع الولايات المتحدة وضغوط الشارع الرافض لأي دعم غير مباشر لهجوم على دولة إسلامية.
  • عزلة دولية متزايدة للولايات المتحدة: تتصاعد الإدانات في أوروبا وآسيا، حيث يُنظر إلى الضربة الأمريكية كمغامرة عسكرية محفوفة بالمخاطر.

الخلاصة

يدخل الشرق الأوسط مرحلة جديدة من الغموض والتصعيد، بعد الضربة الأمريكية غير المسبوقة على منشآت إيران النووية. 

وبينما تستعد طهران للرد، تتجه أنظار العالم إلى الجمهورية الإسلامية لمعرفة ما إذا كانت ستقود المنطقة إلى مواجهة شاملة أو ستكتفي بالردع المتبادل ضمن قواعد الاشتباك الجديدة.

مقالات ذات صلة