يواجه زهران ممداني، السياسي الأمريكي التقدمي والمسلم من أصل هندي، حملة عنصرية شرسة، وصلت حد المطالبة بسحب جنسيته وترحيله.
وجاءت هذه الحملة عقب فوز مامداني في الانتخابات التمهيدية لبلدية نيويورك في 24 يونيو/حزيران الجاري، بعدما ترشح عن الحزب الديمقراطي لمنصب العمدة، بأغلبية واضحة بعد فرز 93% من الأصوات.
وخلال الأسبوع التالي لفوزه بالتمهيديات، انهالت على ممداني موجة من الهجمات اللفظية من سياسيين يمينيين، يتقدمهم عضو الكونغرس الجمهوري آندي أوغلز، الذي دعا صراحة إلى سحب جنسية مامداني الأمريكية وترحيله.
ففي منشور على منصة X بتاريخ 26 يونيو/حزيران، كتب أوغلز: “زهران ’محمد الصغير‘ مامداني هو معادٍ للسامية واشتراكي وشيوعي، سيدمر مدينة نيويورك العظيمة، يجب ترحيله، ولهذا أطالب بإخضاعه لإجراءات سحب الجنسية”.
وأرفق أوغلز منشوره برسالة موجهة إلى المدعية العامة السابقة بام بوندي، زعم فيها أن مامداني حصل على الجنسية الأمريكية عبر “إخفاء دعم مادي للإرهاب”، في محاولة لتشويه صورته وشرعية ترشحه.
ولم يقتصر الهجوم على مامداني على تصريحات أوغلز، فقد سبقته قبل الانتخابات تصريحات عنصرية من عضوة مجلس مدينة نيويورك فيكي بالادينو، والنائب الجمهوري راندي فاين، وكلاهما معروف بمواقفه اليمينية المتطرفة.
وجاءت ردود فعل قوية على هذه التصريحات من زملاء أوغلز في الكونغرس، خاصة من المشرعين الديمقراطيين، حيث أدان النائب الديمقراطي شري ثانيدار، ذو الأصول الهندية، منشور أوغلز بشدة، وقال في تغريدة على X: “لا مكان لهذا النوع من العنصرية في أمريكا، المهاجرون هم من يجعلون هذا البلد عظيمًا، وأدين بشدة هذا التعصب الصارخ”.
وفي بيان صدر في اليوم نفسه أدان الديمقراطيون في لجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب منشور أوغلز، ووصفوه بـ”الهراء العنصري”.
وفي بيان جماعي نشرته النائبة الديمقراطية رشيدة طليب على منصة X يوم الجمعة، أدان أعضاء الكونغرس الأمريكيون المسلمون بشدة الهجمات التي وصفوها بأنها “معادية للمسلمين وعنصرية ودنيئة”.
وجاء في البيان الذي وقعته النائبات رشيدة طليب وإلهان عمر ولطيفة سيمون، بالإضافة إلى النائب أندريه كارسون: “لا يمكن أن نلتزم الصمت أمام التشويه الدنيء الذي يتعرض له زميلنا زهران ممداني“.
بدوره، قال كوري سايلور، مدير الأبحاث والدعوة في مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)، لموقع ”ميدل إيست آي” إن الهجوم على مامداني جزء من نمط طويل الأمد من “الإسلاموفوبيا” ضد السياسيين المسلمين في الولايات المتحدة.
وأضاف: “ما نشهده من تعصب ضد المسلمين عقب الانتخابات التمهيدية ليس جديدًا، بل استمرار لحملة ممنهجة تستهدف أي مسلم يحاول الانخراط في الحياة السياسية.”
وأوضح أن نفس الأساليب تُستخدم منذ عقود: “الإسلاموفوبيا باتت الشكل الأخير من التعصب المرحب به سياسيًا في الولايات المتحدة، وهذا يجب أن يتغير، قبل أن يتسبب في مزيد من العنف والتمييز ضد المسلمين الأمريكيين”.
ولم يتوقف التحريض ضد مامداني عند تصريحات السياسيين فقط، بل انضم إليه أيضًا ستيفن ميلر، مساعد كبير سابق في إدارة دونالد ترامب، والمعروف بأنه مهندس السياسات المتشددة تجاه الهجرة.
ففي منشور له على X بتاريخ 25 يونيو/حزيران، ألمح ميلر إلى فوز مامداني بالقول: “نيويورك تقدم الآن أوضح تحذير لما يحدث حين يفشل المجتمع في السيطرة على الهجرة”.
واللافت أن ميلر نفسه هو حفيد مهاجر يهودي فرّ من الاضطهاد الديني في بيلاروسيا إلى الولايات المتحدة.
وحتى قبل فوزه، تعرض مامداني لهجمات متكررة، وصُوّر كمعادٍ للسامية من قبل حملة إعلامية ممولة بملايين الدولارات من لجنة العمل السياسي (Super PAC) المعروفة باسم Fix the City، والتي أنفقت نحو 25 مليون دولار لتشويه صورته.
وخلال حملته الانتخابية، تلقى مكتب مامداني تهديدات بالقتل، بما في ذلك رسائل صوتية تتضمن تهديدًا بتفجير سيارته.
وتحدث مامداني علنًا عن هذه التهديدات، وقد بدا عليه التأثر والدموع في إحدى اللقاءات، حيث قال إنه تلقى رسالة تنص على: “المسلم الصالح هو المسلم الميت”.
يذكر أن زهران ممداني، الذي يبلغ من العمر 32 عامًا، وُلد لعائلة مسلمة من أصول هندية، وانتقل من أوغندا إلى نيويورك حين كان في السابعة من عمره، وحصل على الجنسية الأمريكية عام 2018، وانضم لاحقًا إلى صفوف التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي، مشتهرًا بدعمه العلني للقضية الفلسطينية وحقوق اللاجئين.
ويعد فوز مامداني في الانتخابات التمهيدية لبلدية نيويورك انتصارًا بارزًا لصوتٍ يمثل مجتمعات الأقليات والمسلمين والمهاجرين، لكنه أيضًا فتح الباب أمام عاصفة من الكراهية السياسية والدينية، تكشف هشاشة الخطاب السياسي الأمريكي حين يتعلق الأمر بالمسلمين في مواقع القوة.