إيران وغزة وأوكرانيا: كيف كشفت الضربات الأخيرة نفاق الغرب؟

بقلم إدوارد واستنيج

ترجمة وتحرير مريم الحمد

لقد أثارت الضربات الأخيرة بين إسرائيل وإيران ودخول الولايات المتحدة إلى الصراع بناء على طلب من حليفتها الإقليمية، مرة أخرى تساؤلات جدية حول الدبلوماسية والنظام الدولي والانتشار النووي. 

إن شن إسرائيل للضربات ضد إيران يستند إلى نفس قواعد اللعبة التي استخدمتها في تدخلاتها المتعددة في جميع أنحاء المنطقة في السنوات الأخيرة، وتشمل هذه الاستراتيجية عمليات اغتيال واستهداف المواقع العسكرية والبنية التحتية المدنية مثل الجامعات والمستشفيات ومقتل مئات المدنيين في إيران. 

ولا يستلزم الأمر خبرة في الشؤون الدولية ليدرك المرء أن هذا الهجوم كان مصمماً لعرقلة الدبلوماسية التي كانت جارية بين إيران والولايات المتحدة منذ عودة الرئيس دونالد ترامب إلى السلطة، فمشاركة واشنطن في هذا الصراع جاءت عكس وعد ترامب بإنهاء التدخلات الأمريكية المكلفة في الخارج وسلطت الضوء على السيطرة المستمرة التي تتمتع بها إسرائيل على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.

من خلال مهاجمة دولة غير مسلحة نووياً، تعمل إسرائيل والولايات المتحدة على زيادة خطر الانتشار بشكل كبير، الأمر الذي يعطي الدول الأخرى الحافز لتحويل برامجها النووية إلى أسلحة كوسيلة لضمان بقائها

رغم تفاخر تل أبيب بالتفوق الجوي ورغبتها المعلنة في تقليص القدرات الهجومية الإيرانية، فقد ظلت طهران قادرة على شن هجمات مدمرة ضد أهداف عسكرية في إسرائيل، كما وجهت ضربة رمزية ضد قاعدة العديدة الجوية الأمريكية في قطر، وقد انتهت الضربات بمناقشة أمريكية محمومة حول النجاح النسبي للضربات الأمريكية على إيران ومكان وجود مخزون إيران من اليورانيوم المخصب.

لا يمكن التنبؤ بالتحركات التالية خاصة في ظل الهشاشة المستمرة لوقف إطلاق النار، فقد أرسلت القيادة في طهران منذ فترة طويلة برقية حول ردها على الهجمات الأمريكية المباشرة على الأراضي الإيرانية، كما يتضح من ضربة العديد المدروسة بعناية. 

لقد تم طرح مسألة تعطيل الشحن من خلال إغلاق مضيق هرمز، رغم أنه من الممكن الذهاب لرد أكثر قوة باستهداف المواقع النووية الإسرائيلية، وهي المنشآت التي لا تخضع لأي رقابة دولية، مع بقاء إسرائيل الدولة الوحيدة المسلحة نووياً في الشرق الأوسط.

غياب الأمن العالمي

لقد كانت الأفكار الخيالية حول “الاستسلام غير المشروط” من جانب إيران دائماً غير واقعية، فإذا ما فشلت محاولة ترامب بفرض وقف إطلاق النار على إسرائيل وإيران، فمن الممكن أن يكون المسرح مهيئاً لحرب استنزاف مكلفة لن تستطيع إسرائيل والولايات المتحدة تحمل التورط فيها. 

هناك جانب خطير آخر يتمثل في تغيرات مواقف ترامب وتقلبها، فتارة يبدي رغبة واضحة في إجراء مفاوضات ثم يعقبها هجمات أمريكية ضد المنشآت النووية قبل إلى الدبلوماسية مرة أخرى، مما يجعل من الصعب على طهران قراءة النوايا الحقيقية للرئيس الأمريكي.

في المحصلة، لقد انتهكت القوتان المسلحتان نووياً القانون الدولي من أجل تعطيل تهديد متصور عن البرنامج النووي الإيراني رغم إشارة التقديرات الاستخباراتية إلى عكس ذلك، ولكن ما حصل مؤخراً أثبت أن تغيير النظام ليس شيئاً يمكن فرضه تحت القصف الجوي.

من جهة أخرى، لا يزال الاستقطاب السياسي الداخلي والتساؤلات حول شرعية الجمهورية الإسلامية موجودة داخل إيران، ولكن توقع حدوث التغيير من خلال القوة العسكرية الخارجية يظهر الافتقار التام إلى فهم تاريخ إيران واستجابة شعبها للتدخل الأجنبي.

لقد أدى العدوان الإسرائيلي الأمريكي الأخير إلى جعل العالم أقل أمناً بكثير، فقد تؤدي هذه التطورات إلى زيادة الدعوات داخل إيران لاستخدام برنامجها النووي كسلاح كرادع ضد اتخاذ أي إجراء آخر. 

من خلال مهاجمة دولة غير مسلحة نووياً، تعمل إسرائيل والولايات المتحدة على زيادة خطر الانتشار بشكل كبير، الأمر الذي يعطي الدول الأخرى الحافز لتحويل برامجها النووية إلى أسلحة كوسيلة لضمان بقائها. 

من ناحية أخرى، فقد أدى الرد الضعيف من قبل الدول الأوروبية على دخول واشنطن في الصراع إلى تقويض أسس “النظام القائم على القواعد” التي تعتز بها هذه الدول، خاصة مع تدهور سمعتهم في التمسك بتلك القواعد بسبب المعايير المزدوجة التي ينتهجونها فيما يتعلق بأوكرانيا وغزة، فخضوعهم الجبان “للمصالح الأمنية” الأمريكية والإسرائيلية يؤكد بشكل أكبر على نفاقهم وعدم فعاليتهم.

وفي الوقت الذي تنتهج فيه الولايات المتحدة وإسرائيل استراتيجية “القوة هي الحق”، فإن إفلاتهما من العقاب يؤدي إلى تدمير أي قيمة للمعايير الدولية أو الإجماع الدولي، مما يؤدي إلى المزيد من انعدام الأمن للجميع.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة