قال مسؤول أمريكي أن المملكة العربية السعودية أبلغت الولايات المتحدة بضرورة السماح لقوات الأمن السورية بالانتشار في جنوب البلاد المضطرب على الرغم من اعتراضات الاحتلال على ذلك.
وذكر المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته لموقع مدل إيست آي أن وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود أبلغ وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو يوم الخميس أن المملكة تدعم الجيش السوري في فرض سيطرته على محافظة السويداء جنوب سوريا.
وأفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عن المكالمة أن الجانبين “ناقشا مسائل الأمن الإقليمي، بما في ذلك الجهود المبذولة لإنهاء العنف في سوريا”، دون أن يقدم المزيد من التفاصيل حول فحوى المكالمة.
غير أن المسؤول الأمريكي الذي اطلع على المكالمة ومصدر رفيع ثان أفادا موقع “ميدل إيست آي” يوم الجمعة أن المملكة “غاضبة” من مهاجمة دولة الاحتلال للجنود السوريين وإملائها انتشارًا عسكريًا في دمشق.
وكانت محافظة السويداء قد شهدت عنفًا طائفيًا بين الأغلبية الدرزية والبدو السنة، بعد اندلاع قتال دموي يوم الأحد، حيث نشرت الحكومة السورية قواتها في السويداء بناءً على طلب السلطات المحلية، مما دفع دولة الاحتلال إلى شن ضربات قاسية ضد الجيش السوري.
وتبع هذا الهجوم إصدار رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أوامر للحكومة السورية بعدم نشر قواتها جنوبًا، وعندما لم يستجب الرئيس السوري أحمد الشرع، شنت قوات الاحتلال غارات على أرتال عسكرية سورية، وقصفت مبنى وزارة الدفاع السورية ومناطق قريبة من القصر الرئاسي.
وصرح مسؤولون أمريكيون وعرب وإسرائيليون حاليون وسابقون لموقع ميدل إيست آي أن نتنياهو يسعى إلى إنشاء منطقة نفوذ في جنوب سوريا، وهو تطور أثار قلق حلفاء الولايات المتحدة العرب وتركيا.
وفي تحول مفاجئ يوم الجمعة، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مسؤول لم يُكشف عن هويته في دولة الاحتلال أن تل أبيب قررت “السماح” بدخول محدود لقوات الأمن السورية الداخلية إلى السويداء لمدة 48 ساعة.
لكن مسؤولاً أمريكياً في المنطقة ذكر لموقع ميدل إيست آي أن سعي الاحتلال لإقامة منطقة نفوذ في جنوب سوريا يتعارض مع فكرة سوريا المركزية الموحدة التي طرحها مبعوث ترامب إلى البلاد وسفيره لدى تركيا، توم باراك، للصحفيين الأسبوع الماضي.
في إشارة إلى الرئيس ترامب قال المسؤول الأمريكي: “أعتقد أن الرئيس وآخرين في الإدارة كانوا واضحين تمامًا بشأن المسار المتبع في سوريا”، في حين ذكر مصدر إقليمي ثانٍ للموقع أن الولايات المتحدة منزعجة من ضربات الاحتلال.
وكان تدخل دولة الاحتلال في السويداء مزعجًا بشكل خاص لإدارة ترامب لأنه يأتي في الوقت الذي تدفع فيه الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) بقيادة الأكراد إلى الخضوع لسلطة دمشق.
يذكر أن الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية تحالفتا في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لكن واشنطن تريد الآن دمج القوات التي يقودها الأكراد في الجيش السوري، بدلاً من الحفاظ على منطقة حكم ذاتي في الشمال الشرقي.
وقاد أحمد الشرع، القائد السابق لهيئة تحرير الشام، وقبل ذلك فرع تنظيم القاعدة في سوريا، الإطاحة بالرئيس السابق والرجل القوي في البلاد، بشار الأسد، في ديسمبر/كانون الأول 2024.
وأصدرت المملكة العربية السعودية وتركيا ومصر والأردن والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى بيانًا يوم الخميس أكدت فيه “دعمها الثابت لأمن سوريا ووحدتها واستقرارها وسيادتها”.
وقال البيان إن ضربات دولة الاحتلال “اعتداء صارخ على سيادة سوريا”، وإن الدول ترفض “جميع أشكال التدخل الأجنبي في شؤون سوريا الداخلية”.
ولم يكن قرار المملكة العربية السعودية بدعم الشرع وتأكيد سلطته العسكرية في السويداء مفاجئاً، فقد استضافت المملكة اجتماعًا مباشرًا بين الرئيس السوري وترامب في الرياض في مايو/أيار.
وقال ترامب إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان كانا مسؤولين عن إقناعه بإنهاء جميع العقوبات المفروضة على سوريا، وذلك على عكس ما يقول دبلوماسيون أن ذلك تم بفضل دولة الاحتلال.
ويوم الأربعاء تحدث الأمير فيصل بن فرحان أيضًا مع نظيره التركي، هاكان فيدان، حيث يتمتع الشرع بعلاقات وثيقة مع أنقرة لا تقل أهمية عن علاقاته بدول الخليج، مثل السعودية وقطر، التي تملك الأموال اللازمة لدعم إعادة إعمار سوريا.
وفي أبريل/نيسان، قصفت قوات الاحتلال عدة قواعد جوية سورية كانت تركيا تخطط للسيطرة عليها لتدريب قوات الشرع الأمنية.
وقال المسؤول الأمريكي: “المملكة العربية السعودية مهتمة باستقرار سوريا وإعادة إعمارها، وهذا يشمل الشرع”.
ويأتي كل هذا في الوقت الذي يقول فيه ترامب إنه لا يزال يرغب في التوسط في اتفاقية تطبيع بين شريكي الولايات المتحدة وهما السعودية ودولة الاحتلال.