من المجزرة إلى المنتجع: مخطط إسرائيلي علني لتحويل غزة إلى “ريفييرا عبر التطهير العرقي” برعاية أمريكية

في مشهد يكرّس فكر الاستعمار ويحوّل الجرائم إلى رؤى تنموية، عقد سياسيون متطرفون ومستوطنون يمينيون من دولة الاحتلال، يوم الثلاثاء، مؤتمرًا داخل البرلمان الإسرائيلي تحت عنوان “ريفييرا غزة – من الرؤية إلى الواقع”، كشفوا فيه عن خطط علنية لتحويل قطاع غزة إلى “منتجع سياحي مزدهر” بعد الانتهاء من ما وصفوه بالتطهير العرقي للفلسطينيين.

وقال وزير المالية المتطرف في حكومة الاحتلال، بتسلئيل سموتريتش، إنهم تلقوا “ضوءًا أخضر من رئيس الولايات المتحدة لتحويل غزة إلى قطاع مزدهر ومنتجع سياحي يوفر فرص العمل”، وأضاف أمام العشرات من الحاضرين في المؤتمر: “سنحتل غزة ونجعلها جزءًا لا يتجزأ من إسرائيل”.

وأشار سموتريتش، الذي يشغل كذلك منصب وزير في وزارة الدفاع، إلى أن “الخطة المقترحة لنقل سكان غزة إلى دول أخرى ستكون وسيلة لتسهيل الاستيطان في القطاع”، مؤكدًا دعمه لفكرة “الضم الأمني” لشمال غزة، وزاعمًا أن رئيس أركان جيش الاحتلال، إيال زامير، يشارك هذا التوجه.

وأوضح: “أعتقد حقًا أن هناك فرصة هائلة هنا… نبدأ بالحدود الشمالية ونُنشئ ثلاث مجتمعات هناك، نحن نتحدث بالفعل عن ذلك، البعض يسميها ’ضمًا أمنيًا‘”.

وفيما لم يصدر أي ردّ رسمي من واشنطن على هذه التصريحات، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد طرح هذا المخطط في وقت سابق من العام، مشيرًا إلى أن غزة يمكن أن تتحول إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”. 

وقد واجهت هذه الفكرة انتقادات من قادة دوليين، من بينهم رؤساء فرنسا وإسبانيا والصين، لكنها لا تزال تحظى بدعم رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع إسرائيل كاتس وأعضاء بارزين في الكنيست.

“تعطّش للعودة”

وتخلل المؤتمر، الذي حضره مستوطنون وأنصار أحزاب صهيونية دينية، هتافات وتصفيق حار مع كل دعوة للاستيلاء على القطاع. 

واعتبرت السياسية اليمينية ليمور سون هار-ملك المستوطنين امتدادًا لقادة المشروع الصهيوني منذ عام 1948، قائلة: “نحن بحاجة إلى إعادة بناء قطاع غزة بمدن يهودية”، مضيفة: “هناك تعطّش للعودة بين الجمهور، ليس كعقاب، ولكن لأن هذا هو المكان الذي نعيش فيه”.

وكانت دولة الاحتلال قد سحبت في سبتمبر/ أيلول 2005 قواتها و8000 مستوطن من 21 مستوطنة في قطاع غزة، في ما عرف بـ”خطة الانسحاب”، إلا أن هجمات 7 أكتوبر دفعت جماعات يمينية ونوابًا إلى الحديث صراحة عن نية إعادة الاستيطان في غزة.

وردّد السياسي زفي سوكوت كلام هار-ملك، قائلاً إن اللحظة الراهنة “فريدة”، وإن لدى دولة الاحتلال “القوة لتنفيذ رؤية ترامب”. 

وفي حديث لموقع ميدل إيست آي، قال سوكوت: “إسرائيل لن تُجبر أحدًا على ترك منزله”، مدعيًا أن “خطة ترامب لا تتحدث عن الترحيل القسري”، بل عن “هجرة طوعية إلى بلدان مناسبة”.

خطط استيطانية تفصيلية بلا فلسطينيين

وعلى الرغم من محاولة بعض الحضور تلطيف لغة التطهير، إلا أن متحدثين آخرين عبّروا عن خطط صريحة لإفراغ غزة من سكانها الأصليين، فقد قالت دانييلا فايس، رئيسة حركة المستوطنين “نحالا”: “الفصل العربي في غزة قد انتهى”، مضيفة: “لن يكون هناك أبداً حكومة عربية أو دولية أو أمريكية في غزة”.

وتجاهلت فايس الاتهامات الدولية الموجهة لدولة الاحتلال، مؤكدة أن “يوم احتلال غزة قادم”، وأن “إسرائيل بعد هزيمة حماس ستسمح بهجرة الفلسطينيين”.

وقدمت زميلتها في حركة “نحالا”، ليتال سلونيم، خطة تفصيلية لبناء نحو 300 ألف وحدة سكنية في غزة، غالبيتها في شمال وجنوب القطاع، لتستوعب ما يقارب 1.2 مليون مستوطن يهودي، يتوفر لهم مساحات خضراء، ونقل عام، ومناطق صناعية، وفنادق، وجامعة، وحتى ميناء.

وتنص الخطة، التي تحمل عنوان “الهجرة المدنية نتيجة الحروب – التنفيذ في منطقة غزة”، على أن “سكان غزة قد جُرّدوا من شرعية الاستمرار في العيش في هذه المنطقة”، وأن “إزالة السكان المدنيين، باختيارهم أو في إطار ترتيب ما، هي مرحلة ضرورية لإخلاء ساحة المعركة وتحويلها إلى مساحة للحياة اليهودية”.

وفي إطار مشابه، قدم منتدى سكان “غوش قطيف” خطة تحت عنوان “طريق البحر – الطريق إلى النصر”، دعت إلى بناء 850,000 وحدة سكنية، وأكدت أن “رؤية الأنبياء، وكذلك رؤية رئيس الولايات المتحدة، السيد دونالد ترامب، ستتحقق في مستوطنة يهودية مزدهرة”.

جرائم حرب وإبادة جماعية

يأتي هذا المؤتمر الاستيطاني في وقت يواصل فيه جيش الاحتلال حربه المدمّرة على غزة، والتي أسفرت منذ أكتوبر 2023 عن مقتل أكثر من 59,100 فلسطيني، معظمهم من النساء والأطفال، وتسببت في انهيار النظام الصحي ونقص كارثي في الغذاء.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، كما تُواجه دولة الاحتلال قضية إبادة جماعية أمام محكمة العدل الدولية على خلفية عدوانها على القطاع.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة