بريطانيا تضغط على الدول العربية لإدانة حماس في مؤتمر أممي مشترك مع السعودية وفرنسا

كشفت مصادر دبلوماسية رفيعة لموقع ميدل إيست آي النقاب عن قيام المملكة المتحدة بممارسة ضغوط قوية على الدول العربية من أجل تبنّي بيان رسمي في مؤتمر الأمم المتحدة الأخير يطالب “بنزع سلاح حركة حماس وخروجها من قطاع غزة”.

وعُقد المؤتمر الأسبوع الماضي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، بحضور أكثر من 100 دولة، وشاركت في رئاسته كل من السعودية وفرنسا، بهدف إحياء جهود الوصول إلى حل الدولتين. 

لكن ما نتج عن المؤتمر فاق التوقعات، حيث تبنى بيان “إعلان نيويورك” مطالب غير مسبوقة بالنسبة للدول العربية، وفق ما وصفه دبلوماسيون.

فقد طالب البيان بـ “إنهاء حكم حماس في غزة، وتسليم أسلحتها إلى السلطة الفلسطينية”، في مواقف غير مسبوقة من نوعها في سياق بيانات الأمم المتحدة التي تدعمها دول جامعة الدول العربية.

دور بريطاني حاسم وموقف “عربي ناعم”

وقالت المصادر أن “المملكة المتحدة لعبت دورًا محوريًا” في إدراج هذه الصياغات في البيان، بما في ذلك استخدام لغة قوية تدين هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023، وهو ما عدّه مراقبون تحولاً لافتًا في الخطاب العربي الرسمي داخل أروقة الأمم المتحدة.

ووصف وزير الدولة الفرنسي للشؤون الأوروبية، جان نويل بارو، البيان بأنه “تاريخي وغير مسبوق”، مؤكدًا أن المؤتمر شهد للمرة الأولى “إدانة علنية من دول عربية لحماس”، وتأييدًا لسحب سلاحها واستبعادها من أي دور مستقبلي في حكم فلسطين.

وأضاف بارو أن الدول العربية باتت “تعبّر بوضوح عن نيتها الحفاظ على علاقات طبيعية مع دولة الاحتلال، والانضمام إلى منظمة إقليمية تضم إسرائيل والدولة الفلسطينية المستقبلية”.

وفيما لم تعلّق وزارة الخارجية البريطانية رسميًا على هذه التسريبات، أكدت المعلومات أن لندن تبنّت هذا الخط من خلف الكواليس لتشكيل إجماع عربي أوروبي يفرض معادلات جديدة على الساحة الفلسطينية.

دولة فلسطينية في ظل الاحتلال!

وخلال المؤتمر، أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي نية بلاده “الاعتراف بدولة فلسطين في سبتمبر المقبل”، في خطوة توازي ما تعهّدت به فرنسا قبل أيام، الأمر الذي سيجعل بريطانيا وفرنسا أول دولتين من مجموعة السبع تتخذان خطوة الاعتراف رسميًا، ما لم تطرأ مفاجآت دبلوماسية تُفشل الإعلان المنتظر.

غير أن مراقبين شككوا في جدوى هذه الخطوة، معتبرين أنها لن تغيّر من الواقع شيئًا في ظل استمرار الحرب والممارسات الاستيطانية وتصعيد الاحتلال في الضفة الغربية وغزة.

ولم تشارك الولايات المتحدة ولا دولة الاحتلال في المؤتمر، الذي اعتبرته الخارجية الأمريكية مجرد “حيلة دعائية تهدف إلى إطالة أمد الحرب وتشجيع حماس وعرقلة جهود السلام”، على حد تعبيرها.

وكان إعلان فرنسا في 24 يوليو/تموز عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين، قد أثار غضب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي وصف الخطوة بأنها “تكافئ الإرهاب”.

وفي رد متسارع، أقر الكنيست في 23 يوليو/تموز قرارًا غير ملزم يدعو إلى ضم كامل الضفة الغربية، في ما يُعد تصعيدًا مباشرًا ضد أي مسار تفاوضي حقيقي.

نحو احتلال شامل لغزة

وفي تطور خطير لاحق، نقلت القناة 12 العبرية عن مسؤولين في مكتب نتنياهو قولهم إن “القرار قد اتُخذ”، وأن دولة الاحتلال “تتجه نحو احتلال قطاع غزة بالكامل”.

وقالت المصادر إن العملية العسكرية في غزة ستتوسّع لتشمل المناطق التي يُعتقد أن الأسرى الإسرائيليين محتجزون فيها، إضافة إلى “مواقع لم تُنفذ فيها عمليات عسكرية منذ أكثر من عام مثل غرب مدينة غزة ومخيمات اللاجئين في وسط القطاع”.

وفي ظل هذا التصعيد المستمر، يرى محللون أن الحديث عن دولة فلسطينية قابلة للحياة لا يتعدى كونه خطابًا دبلوماسيًا فارغًا، في ظل الواقع الاحتلالي المتجذر وغياب أي ضمانات حقيقية للفلسطينيين.

مقالات ذات صلة