ميدل إيست آي: مسؤولون بريطانيون يؤكدون أن “جيش الاحتلال استهدف مدنيين” في غزة

كشفت معلومات حصرية حصل عليها موقع ميدل إيست آي البريطاني عن حدوث تحول دراماتيكي في الخطاب داخل المؤسسات الحكومية البريطانية بشأن عدوان دولة الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ أظهرت وثيقة داخلية أن جيش الاحتلال استهدف المدنيين بشكل مباشر قرب أحد مراكز توزيع المساعدات في مدينة رفح جنوبي القطاع، في سابقة لم تُسجل من قبل في الخطاب الرسمي البريطاني.

وبحسب منشور اطلع عليه الموقع في مركز الأحداث التابع لمكتب مجلس الوزراء البريطاني، وهو منصة رقمية مخصصة لموظفي الحكومة لمتابعة التطورات الأمنية والسياسية، ورد أن “الجيش الإسرائيلي استهدف مدنيين بالقرب من مركز لتوزيع المساعدات قرب رفح في غزة”.

ويعد هذا البيان الداخلي هو الأول من نوعه الذي يوجه اتهامًا صريحًا من داخل أجهزة الحكومة البريطانية إلى جيش الاحتلال بارتكاب جريمة حرب، إذ لم يسبق أن وُجهت مثل هذه الاتهامات رسميًا من قبل وزراء أو مؤسسات حكومية بريطانية لدولة الاحتلال، رغم الكم الهائل من التقارير الدولية التي وثّقت انتهاكات جسيمة.

وفي الوقت الذي أكدت فيه وزارة الخارجية البريطانية أن “البيانات الواردة في المنصة لا تعكس موقف الحكومة الرسمي”، نقل مصدر حكومي مطلع لموقع ميدل إيست آي أن “تقرير مركز الأحداث يستند إلى مصادر مفتوحة، لكن لا يُنشر إلا بعد التحقق من دقته”.

وأضاف المصدر: “من النادر للغاية أن نرى هذا النوع من الخطاب داخل الحكومة، بأن جيش الدفاع الإسرائيلي استهدف المدنيين”.

علاقات متوترة وتصعيد دبلوماسي

يأتي هذا التطور في سياق تدهور العلاقات الدبلوماسية بين لندن وتل أبيب، التي شهدت توترات متصاعدة خلال الأشهر الأخيرة.

ففي مايو/أيار الماضي، علّقت حكومة حزب العمال البريطاني محادثات اتفاقية التجارة الحرة مع دولة الاحتلال بسبب توسيع عدوانها على غزة، كما فرضت في يونيو/حزيران عقوبات على وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بتهمة التحريض المستمر على العنف ضد الفلسطينيين.

وفي خطوة أخرى ذات دلالة سياسية، أعلنت الحكومة البريطانية الأسبوع الماضي عن نيتها الاعتراف بدولة فلسطين بحلول سبتمبر/أيلول المقبل، لتلحق بفرنسا التي اتخذت خطوة مماثلة مؤخرًا.

اتهامات دولية وتواطؤ استخباراتي

ووفقًا لتقرير مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، قُتل ما لا يقل عن 859 فلسطينيًا أثناء محاولتهم الوصول إلى مراكز مساعدات إنسانية في غزة بين 27 مايو و31 يوليو، معظمهم بنيران جيش الاحتلال.

من جهتها، قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الأسبوع الماضي إن القوات الإسرائيلية التي تعمل خارج مراكز الإغاثة المدعومة من الولايات المتحدة “تقتل المدنيين الفلسطينيين الباحثين عن الطعام بانتظام، وتستخدم الجوع كسلاح في الحرب”.

وأضافت بلقيس والي، مديرة الأزمات في المنظمة: “القوات الإسرائيلية لا تجوع المدنيين عمدًا فحسب، بل تطلق النار عليهم يوميًا تقريبًا وهم يبحثون بيأس عن الطعام لأسرهم”.

وفي تصريحات تعكس تصعيدًا واضحًا في الخطاب البريطاني، أدان وزير الخارجية ديفيد لامي مؤخرًا ما وصفه بـ”سلسلة من الفظائع” التي تُرتكب في غزة، مؤكدًا أن “قتل المدنيين الذين يسعون لتلبية احتياجاتهم الأساسية” أمر غير مقبول.

بريطانيا تواصل دعمها الاستخباراتي للاحتلال

رغم هذا التصعيد في الخطاب السياسي، فإن التنسيق العسكري بين لندن وتل أبيب لا يزال قائمًا.

وأكدت مصادر حكومية لصحيفة “التايمز” أن بريطانيا لا تزال تسير طائرات تجسس فوق غزة، وتشارك المعلومات الاستخباراتية مع جيش الاحتلال.

وقد نفذت طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني مئات الطلعات الاستطلاعية فوق القطاع منذ بدء الحرب، وهو ما تبرره وزارة الدفاع البريطانية بأنه “لأغراض إنقاذ الرهائن”.

لكن الجنرال البريطاني المتقاعد تشارلي هربرت قال للصحيفة: “من الجيد القول إن هذه المعلومات تُستخدم لتحديد مواقع الرهائن، لكن الواقع هو أنها تُستخدم على الأرجح لاستهداف حماس وآخرين”.

ويُثير هذا التضارب بين الخطاب السياسي والممارسات العسكرية أسئلة جدية حول التزام بريطانيا بالقانون الدولي، ومدى مسؤوليتها الأخلاقية في دعم جيش وُجهت له اتهامات داخل أروقة حكومية بأنه يستهدف المدنيين عمدًا.

مقالات ذات صلة