تواجه الحكومة البريطانية تدقيقاً جديداً حول طبيعة تعاونها العسكري مع إسرائيل بعد أن تبين أنها تنفق أموال دافعي الضرائب لتوظيف مقاولين أمريكيين للقيام برحلات مراقبة فوق غزة.
قبل أيام، تم الكشف عن أن طائرات تابعة لسلاح الجو الملكي قامت بمئات الطلعات الجوية الاستطلاعية فوق غزة طوال الحرب الإسرائيلية على القطاع المحاصر.
وبموجب قانون حرية المعلومات، قام موقع ميدل إيست آي بسؤال وزارة الدفاع البريطانية عما إذا كانت تحتفظ بمقاطع فيديو التقطتها طائرات سلاح الجو الملكي البريطاني لهجومين إسرائيليين في غزة على مواطنين بريطانيين أو متطوعين يعملون في جمعيات خيرية بريطانية.
“إذا تم تنفيذ مئات الرحلات الجوية البريطانية فوق غزة، فماذا شهدتم؟ ما هي الجرائم التي شاهدتموها، إن وجدت؟ ففي عام واحد فقط، من ديسمبر عام 2023 إلى نوفمبر عام 2024، أجرت المملكة المتحدة 645 مهمة مراقبة واستطلاع، وهو ما يعادل رحلتين تقريباً يومياً” – شوكت آدم- نائب بريطاني مستقل
بحسب ميدل إيست آي، فقد رفضت وزارة الدفاع الكشف عن هذه المعلومات، متذرعة بإعفاءات تتعلق بالأمن القومي والدفاع.
يذكر أن إحدى الغارات الإسرائيلية التي سأل عنها موقع ميدل إيست آي كانت عن مقتل 8 متطوعين يعملون في مؤسسة الخير الخيرية البريطانية في مارس الماضي، أثناء قيامهم بنصب خيام للفلسطينيين النازحين في بيت لاهيا شمال قطاع غزة، وفي وقت الهجوم، رفضت وزارة الخارجية البريطانية إدانة عملية القتل.
سأل موقع ميدل إيست آي وزارة الدفاع أيضاً عما إذا كان لديها لقطات التقطتها طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني لغارة إسرائيلية في تعود ليناير عام 2024 أصابت مجمعاً يضم أطباء يعملون في مؤسسة خيرية بريطانية، وذلك بعد شهر واحد فقط من إخبار الجيش الإسرائيلي لنظرائه البريطانيين بأن الموقع “خالٍ من الصراع”.
لقد كان المجمع الواقع في منطقة المواصي جنوب غزة يضم موظفين من منظمة المساعدات الطبية البريطانية للفلسطينيين (MAP) ولجنة الإنقاذ الدولية (IRC) ومقرها الولايات المتحدة، والذين كانوا جزءاً من فريق طبي للطوارئ يعمل في مستشفى ناصر القريب، حيث أصيب 4 أطباء بريطانيين في المجمع بسبب ذلك الهجوم.
“ما هي الجرائم التي شاهدتموها إن وجدت؟”
في السابق، أكدت وزارة الدفاع بأنها تمتلك معلومات جمعتها طائرات التجسس حول الهجمات الإسرائيلية، وتعرضت لانتقادات واسعة النطاق لعدم الكشف عنها.
في إبريل من هذا العام، انتقدت عائلة عامل الإغاثة البريطاني جيمس كيربي، الذي قُتل في غارة إسرائيلية بطائرة بدون طيار في إبريل عام 2024، الحكومة البريطانية لرفضها الكشف عن معلومات حول الهجوم جمعتها طائرة تجسس تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني.
اكتفت وزارة الدفاع البريطانية بالتصريح لصحيفة التايمز بأن لديها لقطات من طائرة تجسس تابعة لسلاح الجو الملكي كانت تحلق فوق غزة في محاولة لتحديد مكان الأسرى الإسرائيليين في يوم الغارة.
“مصادر داخل وزارة الدفاع تشعر بالحيرة من قرار خصخصة مهام جمع المعلومات الاستخبارية التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني لمساعدة إسرائيل، وتتساءل عن سبب عدم سحب الحكومة الدعم بعد ظهور صور للفلسطينيين الذين يتضورون جوعاً” – صحيفة التايمز
من جانبها، تساءلت عائلة كيربي عن سبب عدم السماح لهم بالاطلاع على ما تم تصويره، فقالت جاكي كيربي والدة كيربي: “أريد أن أعرف من الذي اتخذ هذا القرار بعدم نشره ولماذا لم يفعلوا ذلك؟”.
في مارس الماضي، تمت مناقشة قضية الطلعات الجوية في البرلمان حيث قام النواب باستجواب وزير القوات المسلحة أثناء رحلات المراقبة الجوية فسأله النائب المستقل شوكت آدم: “إذا تم تنفيذ مئات الرحلات الجوية البريطانية فوق غزة، فماذا شهدتم؟ ما هي الجرائم التي شاهدتموها، إن وجدت؟ ففي عام واحد فقط، من ديسمبر عام 2023 إلى نوفمبر عام 2024، أجرت المملكة المتحدة 645 مهمة مراقبة واستطلاع، وهو ما يعادل رحلتين تقريباً يومياً”.
لقد تبين أيضاً أن الجيش البريطاني قد بدأ في توظيف مقاولين أمريكيين للقيام بطلعات استطلاعية فوق غزة لصالح إسرائيل، فقد أفاد موقع Palestine Deep Dive في وقت سابق من هذا الأسبوع بأن طائرة أمريكية تابعة لشركة Straight Flight Nevada Commercial Leasing LLC، وهي شركة أمريكية تابعة لشركة Sierra Nevada Corporation، حلقت لمدة 3 ساعات فوق خان يونس في 28 يوليو الماضي، وقد تأكد بأن الطائرة، المسجلة باسم N6147U، تم استخدامها نيابة عن الحكومة البريطانية.
لقد كان التعرف عليها ممكناً بسبب خطأ غير عادي، فلم تقم الطائرة بإيقاف تشغيل جهاز الإرسال والاستقبال الخاص بها بشكل كامل، مما يعني أنه من الممكن تعقبها وهي تحلق فوق جنوب غزة.
في تصريحها لصحيفة فايننشال تايمز، أكدت مصادر وزارة الدفاع بأن الحكومة البريطانية دفعت لشركة مقرها نيفادا مقابل إجراء رحلات استطلاعية فوق غزة ونقل معلومات استخباراتية إلى إسرائيل، وزارة الدفاع على أن رحلات المراقبة الجوية فوق غزة تهدف إلى دعم “إنقاذ الرهائن”.
من جانبها، أكدت صحيفة التايمز بأن مصادر داخل وزارة الدفاع “تشعر بالحيرة من قرار خصخصة مهام جمع المعلومات الاستخبارية التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني لمساعدة إسرائيل، وتتساءل عن سبب عدم سحب الحكومة الدعم بعد ظهور صور للفلسطينيين الذين يتضورون جوعاً”.
وقد ورد نقلاً عن مصدر عسكري رفيع المستوى: “بدلاً من إرسال رسالة إلى إسرائيل مفادها أننا لن نقوم بالمراقبة نيابةً عنكم، يسعدنا استئجار شركة أمريكية ودفع ثمنها”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)