بقلم علي لطيفي
رجال عصابات مسلحون يصورون مقاطع فيديو يوثقون فيها تعذيبهم لأفغان فارين من الحرب في بلادهم، كنوع من الابتزاز لعائلاتهم حتى يدفعوا الفدية، ففي أحد المقاطع يظهر شبان أفغان وقد تم تقييد أيديهم إلى الخلف، ثم يظهر شخص بسكين فيقطع أذن أحدهم، وفي مقطع آخر، يظهر أفغان عارية صدورهم قد قيدوا ببعضهم على الرمال ويصرخون أثناء ضربهم بحزام.
مشاهد مروعة ظهرت في الأشهر الأخيرة عبر الهاتف المحمول، وتنشرها عصابات إجرامية تتمركز على طول الحدود بين إيران وتركيا، وتعذب اللاجئين الأفغان غير المسجلين، الأمر الذي يستغله المدافعون عن تلك الانتهاكات بالقول بأنهم قد تعرضوا لذلك أيضاً قبل سنوات عند محاولتهم العبور إلى تركيا، فخلال العقدين الماضيين، دخل مئات الآلاف من الأفغان اللاجئين الذين لا يملكون أوراقاً رسمية إلى تركيا، أملاً في الفرار من الحرب التي استمرت 20 عاماً بين الحكومة السابقة المدعومة من الغرب وطالبان.
ويقول الأفغان أن الأمر لم يتحسن بعد عودة طالبان إلى السيطرة على الدولة وإغلاق باب أوروبا في البلاد، فقد ظلوا يتعرضون إلى سوء المعاملة والتمييز من قبل تركيا في السنوات الأخيرة، فقد أشارت منظمة العفو الدولية في تقرير لها العام الماضي، إلى أن الأفغان يُقتلون في كثير من الأحيان أثناء محاولة دخولهم البلاد.
خلال حديثه مع موقع ميدل إيست آي، أشار علي حكمت، وهو شخص كان يساعد اللاجئين الأفغان في تركيا منذ سنوات، إلى أنه سمع قصصاً كثيرة جداً عن تلك العصابات، خاصة قرب الحدود الإيرانية، يقول حكمت أنه يتلقى باستمرار “رسائل من أفغان محتجزين لدى العصابات للحصول على فدية”، ويؤكد على أن العصابات تتكون بالغالب من أتراك وأكراد يشتركون في شبكات تهريب تستهدف الأفغان الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عن طريق تركيا.
“الأفغان ليسوا على دراية بالمنطقة، لذلك يجدون أنفسهم في قرى صغيرة، الأمر الذي يجعلهم فريسة سهلة للمسلحين”
لاجئ أفغاني تم ترحيله من تركيا
أكد سامي، وهو اسم مستعار للاجئ أفغاني تم ترحيله من تركيا، أن هذه العصابات يمكن أن تكون مكونة من عدد قليل وتطلب مبالغ بسيطة أقل من 500 دولار، ويضيف “الأفغان ليسوا على دراية بالمنطقة، لذلك يجدون أنفسهم في قرى صغيرة، الأمر الذي يجعلهم فريسة سهلة للمسلحين”، فهؤلاء المسلحون يستغلون حقيقة أن اللاجئين الأفغان يمشون لأسابيع عبر تضاريس جبلية في إيران قبل دخولهم تركيا، يقول سامي “يستغلون اللاجئين الأفغان في نقاط ضعفهم، عندما يكونون قد تعبوا وجاعوا وضاعوا ولا حيلة بهم لمحاولة الرد”.
تتبع المجرمين…
الأفغان المحتجزون في مدينة مثل اسطنبول، يسهل عليهم وصف مكان احتجازهم مقارنة بالوافدين حديثاً إلى المناطق الحدودية الريفية، يقول حكمت “إذا تمكنت الشرطة التركية من الاستدلال على مكانك فستعاقب المجرمين حتماً”، مؤخراً ألقت الشرطة القبض على عصابة من المجرمين احتجزت خمسة أفغان كرهائن في ولاية فان الحدودية، ولكن غالبية الأفغان يضطرون إلى خيار الفدية في معظم الأحيان.
في نوفمبر 2022، أعلنت أنقرة عن ترحيلها لقرابة 57174 أفغانياً على الأقل إلى أفغانستان التي تديرها طالبان، رغم عدم اعتراف تركيا بطالبان كحكومة رسمية بعد، وفي يناير 2023، ذكرت وسائل إعلام أفغانية أن المسؤولين الأتراك أعلنوا عن خطط لترحيل 5 آلاف أفغاني آخر إلى بلد تواجه أزمة إنسانية متصاعدة.