بقلم أحمد درملي
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
يعيش سكان مدينة غزة هذه الأيام واحدة من أقسى مراحل الحرب المستمرة منذ ما يقارب العامين، إذ تحوّل حي الزيتون – أكبر أحياء المدينة القديمة – إلى جحيم من صنع دولة الاحتلال، بعد أكثر من أسبوع من القصف المتواصل الذي دمّر أكثر من 400 منزل، في إطار حملة عسكرية جديدة تهدف إلى السيطرة على المدينة.
شهادات من قلب المأساة
يقول سامح السكني، البالغ من العمر 32 عامًا وهو أب لأربعة أطفال: “كنت آمل أن لا تتكرر مشاهد القتل والتهجير بعد أن خرقت دولة الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار في منتصف مارس/آذار، لكن للأسف نحن نعيش الآن أسوأ أيام الحرب منذ بدايتها.”
وأضاف السكني، الذي نزح إلى جنوب القطاع في بداية الحرب وبقي هناك 16 شهرًا: “شعرت أن هذه الأشهر كانت 16 عامًا من الذل والمعاناة والخوف والقتل وانعدام الأمان.”
واليوم، وبعد سلسلة من النزوح المتكرر، يستعد الرجل للانتقال مع عائلته مجددًا إلى حي الصبرة جنوب غربي غزة، لكنه يخشى أن تعجز طواقم الدفاع المدني عن الوصول إليهم في حال استُهدفوا، وهو واقع يعيشه معظم سكان القطاع.
روبوتات قاتلة و كمائن مفخخة
تؤكد شهادات السكان أن جيش الاحتلال يستخدم روبوتات قتالية قادرة على تفجير وتدمير أبنية سكنية كاملة.
ويقول السكني: “الجيش الآن قريب من منزلي في الزيتون، وأخشى أن يستهدفوه أو يرسلوا روبوتًا ينفجر فيقتلنا جميعًا.”
أما ثروة جواد، وهو أب لثلاثة أطفال، فيروي: “كل غزة باتت معرضة للقصف، كنت أرفض مغادرة منزلي رغم الخوف، لكن الوضع الآن مختلف، الروبوتات تدمر كل ما حولها، والقصف لا يتوقف، والمدنيون – كبارًا وصغارًا – يُستهدفون بلا سبب.”
وأشار جواد إلى انتشار الكمائن المتفجرة وتجربة أسلحة جديدة في الحي، قائلاً إن أصوات القصف والانفجارات تختلط بصوت تفجير المباني والروبوتات بشكل يصم الآذان.
قصف جوي وأرضي بلا توقف
أما وردة سعيد، البالغة من العمر 33 عامًا، فقد أكدت هي الأخرى أن حي الزيتون يشهد قصفًا مكثفًا جويًا وبريًا يستهدف الأبراج السكنية: “والأسوأ هو الروبوتات.”
وأوضحت أن قصفًا استهدف محيط منزلها الأحد الماضي زرع الرعب في قلوب أسرتها المكونة من ستة أفراد، بينهم شقيقتها الكفيفة، وأضافت: “بقينا في شمال القطاع طوال العام الماضي ورفضنا النزوح إلى الجنوب، رغم الجوع والخوف والتشريد، لأنه لا أمان هنا ولا هناك.”
لكنها لم تتمالك دموعها حين تحدثت عن استشهاد والدها على يد جيش الاحتلال في يونيو/ حزيران الماضي بينما كان يحاول إحضار الطعام للعائلة: “أخشى أن أفقد فردًا آخر من عائلتي.”
تلاشي الأمل بالتهدئة
تتابع وردة وأسرتها الأخبار يوميًا بحثًا عن أي بارقة أمل لوقف إطلاق النار، لكنها ترى أن الأمور باتت تزداد سوءًا: “لا خيار لنا سوى أن نفقد بيوتنا أو نُجبر على النزوح، أوقفوا الحرب قبل فوات الأوان.”
أما السكني فعبّر عن فقدانه الأمل بالتهدئة: “ماذا ينتظر العالم بعد حتى يوقفوا الحرب؟ هل يريدون موتنا جميعًا؟ لا نريد إدانات ولا بيانات، نريد موقفًا رسميًا يوقف المجازر في غزة.”
ووجّه رسالة مباشرة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو: “كفّوا عن قصف المدنيين والأطفال، نحن لسنا أهدافًا عسكرية كما تزعمون، نحن بشر نحتاج أن نعيش، ولدينا أطفال، تخيلوا أنهم أطفالكم، لا تقتلوهم.”
من جانبه، قال جواد إن أسرته تمضي ساعات طويلة أمام شاشات الأخبار: “نعيش حالة من اليأس والإرهاق النفسي لأننا لا نعرف من أين سيأتينا الخبر السيئ التالي، لم يعد لدي رسالة للعالم، لقد تحدثنا كثيرًا، والعالم شاهد صورنا جميعًا، تُركنا وحدنا.”
للاطلاع على المقال الأصلي من (هنا)