اتهمت منظمة العفو الدولية دولة الاحتلال بتنفيذ حملة تجويع متعمدة في قطاع غزة، قائلة أن تل أبيب “تدمر بشكل منهجي صحة وسلامة ونسيج حياة الفلسطينيين الاجتماعي”.
وفي تقرير نُشر يوم الاثنين، استندت منظمة حقوق الإنسان إلى شهادات فلسطينيين مجوعين، وقالت أن انتشار المجاعة والمرض على نطاق واسع في القطاع المحاصر ليس نتيجة ثانوية للعمليات العسكرية، بل هو نتيجة خطط إسرائيلية تهدف إلى “التدمير المادي” للفلسطينيين.
وقالت إريكا جيفارا روزاس، المديرة الأولى للأبحاث والمناصرة والسياسات والحملات في منظمة العفو الدولية: “إن الشهادات التي جمعناها تتجاوز بكثير مجرد روايات عن المعاناة، إنها لائحة اتهام لاذعة لنظام دولي منح إسرائيل ترخيصًا بتعذيب الفلسطينيين مع إفلات شبه كامل من العقاب لعقود”.
وأضافت روزاس: “إن تأثير الحصار الإسرائيلي والإبادة الجماعية المستمرة على المدنيين، وخاصة الأطفال وذوي الإعاقة والمصابين بأمراض مزمنة وكبار السن والنساء الحوامل والمرضعات، كارثي”.
وقالت منظمة العفو الدولية إن التقرير الأخير يستند إلى شهادات جُمعت في الأسابيع الأخيرة مع مدنيين نازحين جوعى، حيث كشفت المقابلات التي أُجريت في ثلاثة مخيمات مختلفة للنازحين في مدينة غزة أن أياً منهم لم يتناول أي بيض أو سمك أو لحوم أو طماطم أو خيار لمدة شهر على الأقل.
وقال التقرير: “إن هذا النقص واسع النطاق في الطعام الطازج والمغذي هو نتيجة للحصار الخانق الذي تفرضه إسرائيل وتدميرها المنهجي لمصادر إنتاج الغذاء، بما في ذلك مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية ومزارع الدواجن وغيرها من مزارع الماشية، أثناء العمليات العسكرية، من خلال القصف أو التفجير أو التدمير بالمتفجرات المزروعة يدويًا”.
وأضافت أن سياسات الاحتلال كانت “مدمرة بشكل خاص” للنساء الحوامل والمرضعات، حيث تحدثت الكثيرات منهن عن صعوبة تأمين الضروريات الأساسية اللازمة لبقائهن على قيد الحياة مثل الغذاء والماء.
وشاركت النساء تجارب تحمل الظروف السيئة أثناء العيش في الخيام والمرور بموجة حر شديدة.
وأضاف التقرير: “كما شاركن مشاعر الذنب لإخفاقه في إعالة أطفالهن، والمخاوف بشأن من سيرعاهم إذا قُتل الآباء، والقلق بشأن تأثير سوء التغذية على نمو أطفالهن ورفاهيتهم”.
نقص المستلزمات الطبية
هذا وأكد طبيب طوارئ في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، في حديثه إلى منظمة العفو الدولية، على المخاطر التي يتعرض لها سكان غزة، وخاصة الفئات الأكثر ضعفًا، مثل الرضع والأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة وكبار السن وذوي الإعاقة، بسبب نقص التغذية والأدوية والنظافة والمياه النظيفة.
وأشار التقرير إلى أن “الطبيب قال إن المجاعة الجماعية الشديدة قد طغت على حالات الطوارئ الصحية الأخرى، وخاصة الارتفاع المقلق في الأمراض المعدية والمنقولة بالمياه والتهاب السحايا ومتلازمة غيلان باريه”.
وتعرف متلازمة غيلان باريه كمرض عصبي نادر يتسبب في مهاجمة الجهاز المناعي للجسم للجهاز العصبي المحيطي.
وأضاف الطبيب أن النقص الحاد في المضادات الحيوية والضغط الشديد على مستشفاه، الذي لا يعمل إلا جزئيًا، قد فاقم ما وصفه بـ “الكارثة الخفية”، موضحًا أن انتشار الأمراض، أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كانوا يعالجونها من قبل، غالبًا ما يمر دون أن يلاحظه أحد لأن هناك “انشغالًا بكمية الطعام التي تدخل فقط، دون النظر إلى الصورة الكاملة”.
وقال عمال الإغاثة في منظمتين إن طلبات إدخال المضادات الحيوية رُفضت من قبل منسق أنشطة الحكومة في المناطق (كوجات)، وهي وحدة تابعة لوزارة دفاع الاحتلال.
وشددت روزاس على أن “العالم لا يمكنه الاستمرار في مدح إسرائيل على بطء المساعدات واعتبار هذه الإجراءات التجميلية ردًا كافيًا على تدميرها المتعمد لحياة الفلسطينيين في غزة”.
وأضافت روزاس: “في مواجهة الأهوال التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في غزة، يجب على المجتمع الدولي، وخاصة حلفاء إسرائيل، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وأعضاؤه، الوفاء بالتزاماتهم الأخلاقية والقانونية لوضع حد للإبادة الجماعية الإسرائيلية المستمرة”.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، قتلت دولة الاحتلال 62,000 فلسطيني، وجرحت أكثر من 155,880 آخرين.