تقرير صادم: متعاقدون أميركيون يطلقون النار على الفلسطينيين خلال توزيع المساعدات في غزة

كشف تقرير جديد عن قيام متعاقدين أميركيين يعملون لدى مؤسسة غزة الإنسانية (GHF) المثيرة للجدل بإطلاق النار على الفلسطينيين الباحثين عن المساعدات، بالتعاون مع قوات الاحتلال، وفق ما أفاد به شاهد عيان لموقع CBS News.

وقال الشاهد، الذي استخدم اسماً مستعاراً “مايك” خوفاً من المساءلة، إنه جرى توظيفه من قبل شركة أميركية للنقل اللوجستي للعمل على قيادة شاحنات المساعدات داخل دولة الاحتلال، دون أن يعلم أنه سيشارك في عمليات التوزيع التي تنفذها مؤسسة غزة “الإنسانية” المدعومة أميركياً وإسرائيلياً في غزة.

بدأت المؤسسة عملها في مايو/ أيار الماضي ككيان وحيد معتمد من دولة الاحتلال لتوزيع المساعدات داخل القطاع المحاصر، حيث قُتل ما لا يقل عن 2036 فلسطينياً وأصيب أكثر من 15,064 آخرين أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء أو الانتظار أمام مواقع التوزيع التابعة للمؤسسة أو في طريقهم إليها.

وقال مايك: “استغرقني يومين أو ثلاثة لأدرك أنهم كانوا يطلقون النار على الناس فعلياً، وأنهم لم يكونوا يهاجمون مقاتلين”، مشيراً إلى أن الجنود الإسرائيليين وأفراد الأمن الأميركيين كانوا يستهدفون المدنيين بشكل مباشر.

وعند سؤاله إن كانت الطلقات مجرد تحذير، أجاب: “لا، إنها عشوائية بالكامل.”

وكان مايك قد سجّل،  بشكل سري، عدة مقاطع فيديو لهجمات إطلاق النار، وشاركها مع موقع CBS، حيث يمكن سماع صوت الرصاص بوضوح، وتعرضت مواقع توزيع المساعدات التابعة لمؤسسة غزة الإنسانية لانتقادات واسعة من منظمات دولية وناشطين حقوقيين، حيث وُصفت بأنها “مصائد موت”.

وأظهرت تقارير متعددة أن متعاقدين أميركيين أطلقوا النار على الفلسطينيين الجائعين، فيما اعترفت قوات الاحتلال بإطلاق النار وقتل الفلسطينيين غير المسلحين أثناء انتظارهم المساعدات، بناءً على أوامر مباشرة من قياداتهم.

وأضاف مايك أن إطلاق النار كان يحدث بشكل مستمر في مناطق التوزيع، التي كان يتردد إليها خمس أيام في الأسبوع لعدة أسابيع، مؤكداً أن بيانات هاتفه تؤكد التواريخ والأوقات التي كان فيها يعمل في القطاع المحاصر.

ظروف صعبة وانتظار على أبواب الموت

وصف مايك الظروف الصعبة التي كان الفلسطينيون يحاولون فيها الحصول على المساعدات، حيث يتجمعون في ساعات الفجر الأولى فقط من أجل الحصول على الطعام، قائلاً: “لم أرَ حشوداً قط يتدافعون بتلك الشدة واليأس من قبل”.

كما كشف عن وجود بقايا بشرية وحيوانية قرب مواقع التوزيع، وقال إنه كان يشعر بـ”انزعاج شديد” لقيام بعض المتعاقدين الأميركيين المكلفين بتأمين المواقع بالتفاخر أحياناً بعدد الأشخاص أو الحيوانات التي أطلقوا النار عليها، بما في ذلك الطيور.

وأشار مايك إلى واحدة من أسوأ التجارب التي مرّ بها حين كان يُكلّف بتنظيف بقايا البشر والحيوانات بالقرب من مواقع المساعدات، حيث قال: “أجد صعوبة في التحدث عن ذلك… أصاب بالتعرق وأشعر بالقلق والضيق في صدري… ولا أستطيع إلا أن أصمت ببساطة.”

وعن سبب إدلائه بشهادته، قال: “لن يهدأ ضميري إذا لم أقل شيئاً، هذه الفظائع لا يجب أن تحدث.”

إنكار ونفي برغم الوقائع الموثقة

ونفى كل من مؤسسة غزة الإنسانية وجيش الاحتلال الاتهامات الواردة في تقرير CBS، فيما قالت مؤسسة غزة إنها لم تواجه أي حالة تتعلق بوجود جثث مجهولة الهوية في مواقعها أو بالقرب منها، ومع ذلك، ترددت خلال الأسابيع الماضية تقارير وصور توثق وجود بقايا جثث حول مراكز توزيع المساعدات.

وفي أوائل أغسطس/آب، قالت منظمة عدالة فلسطينية “الضمير” إن ما لا يقل عن 54 فلسطينياً فُقدوا بعد توجههم لمراكز المساعدات التابعة لمؤسسة غزة موضحة: “قمنا بتوثيق اعتقالات للباحثين عن المساعدات، بما في ذلك أطفال.”

وأضافت أن قوات الاحتلال أعاقت جهود استرداد الجثث، وأنها دمرت بعضها باستخدام االجرافات دون السماح بالتعرف عليها أو استعادتها.

تؤكد هذه التقارير والحقائق الميدانية أن مواقع توزيع المساعدات في غزة أصبحت، وفق وصف الحقوقيين، “مصائد موت حقيقية”، في وقت يواجه فيه الفلسطينيون أخطر موجة انتهاكات أثناء سعيهم للبقاء على قيد الحياة.

مقالات ذات صلة