الإمارات تحذّر: ضم الضفة الغربية سيقوّض اتفاقيات إبراهيم ويُعتبر خطًا أحمر

اعتبرت الإمارات العربية المتحدة كل خطوة يقوم بها الاحتلال لضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة “خطاً أحمر” بالنسبة للدولة الخليجية.

يأتي ذلك في الوقت الذي تُكثّف فيه دولة الاحتلال مناقشاتها بشأن هذه الخطوة.

ويُعد هذا التحذير جديرًا بالملاحظة، حيث برزت الإمارات كواحدة من الدول العربية القليلة التي وقفت إلى جانب دولة الاحتلال رغم هجومها على غزة، والذي وصفته منظمات حقوق الإنسان والخبراء بأنه إبادة جماعية.

وقالت لانا نسيبة، مساعدة وزير الخارجية الإماراتي للشؤون السياسية، في بيان: “إن ضم الضفة الغربية سيُمثل خطًا أحمر بالنسبة للإمارات العربية المتحدة، وسيُقوّض بشدة رؤية وروح اتفاقيات إبراهيم”.

والإمارات العربية المتحدة واحدة من الدول الموقعة على اتفاقيات إبراهيم لعام 2020، إلى جانب المغرب والبحرين.

وبموجب تلك الاتفاقات تمت إقامة الدول العربية علاقات دبلوماسية كاملة مع تل أبيب، في خطوة أدانها الفلسطينيون وأنصارهم.

وخلقت الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال في غزة توترات بينها وبين الدول العربية الأخرى، لكن الإمارات العربية المتحدة حافظت على علاقاتها مع معها. 

ففي وقت سابق من هذا العام، زار وزير خارجية الاحتلال الإمارات العربية المتحدة في واحدة من زياراته العلنية القليلة إلى دولة عربية خلال الـ 22 شهرا الماضية.

كما صرّح سفير الإمارات العربية المتحدة لدى الولايات المتحدة، يوسف العتيبة، علنًا بأن أبوظبي لا ترى أي “بديل” لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أُعلن عنها في فبراير/شباط لتهجير الفلسطينيين قسرًا من غزة.

وسبق لموقع ميدل إيست آي أن كشف النقاب عن قيام الإمارات بممارسة ضغوط على الولايات المتحدة ضد خطة جامعة الدول العربية بشأن غزة، وعن دعمها لخطة الاحتلال في تهجير الفلسطينيين من هناك إلى مصر.

لكن هناك بعض الدلائل على تنامي إحباط الإمارات العربية المتحدة من الدولة العبرية، حيث قال محلل مطلع أن الإمارات مستاءة من هجوم الاحتلال أحادي الجانب على إيران في وقت سابق من هذا العام. 

وأضاف في حديث لموقع ميدل إيست آي أن الإمارات التي طالما ظلت على خلاف مع حركة حماس حاولت التأثير على السلطة الفلسطينية، التي تمارس حكمًا محدودًا في الضفة الغربية المحتلة.

وفي ورقة بحثية نُشرت على نطاق واسع بين الدبلوماسيين في المنطقة والولايات المتحدة، قال المحلل الإماراتي محمد بهارون إن دول الخليج “تخشى أن تصبح إسرائيل جالوتًا”، في إشارة إلى تضخم قوتها العسكرية الجامحة ودعمها الأمريكي الثابت.

وسابقاً ظلت دولة الاحتلال تحظى بصورة انطباعية باعتبارها تقاتل عالماً عربياً ضخماً، أما اليوم فقد بات يُنظر إليها بشكل متزايد لا كقوة إقليمية فحسب، بل كقوة مهيمنة مدعومة أمريكيًا، وفقًا للورقة البحثية.

وحذرت الدراسة من أن قادة الخليج يعيدون تقييم اتفاقيات إبراهيم لأن “الافتراضات الراسخة حول الردع الأمريكي وضبط النفس الإسرائيلي” قد تحطمت بسبب الحرب على غزة والهجمات الإسرائيلية على لبنان وسوريا وإيران.

وذكرت الورقة أن “اتفاقيات إبراهيم التي وُضعت في الأصل كإطار لتعزيز السلام والاستقرار، تُخاطر الآن بإضفاء الشرعية على الهيمنة الإقليمية الإسرائيلية”.

يذكر أن الإمارات العربية المتحدة تأسست عام 1971، بعد حرب 1967 التي شهدت احتلال الضفة الغربية وانتزاعها من الأردن واحتلال قطاع غزة، وانتزاعه من مصر.

والإمارات العربية المتحدة دولة خليجية غنية بالنفط، يبلغ عدد سكانها 10 ملايين نسمة، 10% منهم فقط مواطنون إماراتيون والباقي عمال أجانب ومغتربون. 

وتُعتبر الإمارات مركزًا تجاريًا دوليًا حرًا، والنقاش السياسي فيها يخضع لرقابة مشددة، ولا تواجه الأسرة الحاكمة فيها أي معارضة.

وفي بودكاست الشهر الماضي، قال المبعوث الأمريكي توم باراك الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع القادة الإماراتيين إن رئيس الإمارات محمد بن زايد “سارع” إلى اتفاقيات إبراهيم لأنه كان يملك دولة صغيرة تحكمها “ملكية”.

وتمتّعت الإمارات العربية المتحدة مثل المغرب بعلاقات أمنية واقتصادية سرية امتدت لعقود مع دولة الاحتلال، لكنها صاغت في النهاية قرارها بدخول اتفاقيات إبراهيم كخطوة لمنع ضم إسرائيل للضفة الغربية المحتلة.

وصرح العتيبة عام 2021: “كان سبب حدوث ذلك، وطريقة حدوثه، وتوقيته، هو منع الضم”.

ومن المحتمل أن يفرض هذا الموقف ضغوطًا على الإمارات في العالم العربي والإسلامي الأوسع، في ظل تكثيف الاحتلال للحديث عن ضم الضفة الغربية المحتلة.

وكشف موقع ميدل إيست آي أن المملكة العربية السعودية، أكبر دولة في المنطقة، والمنافس للإمارات، طلبت من الولايات المتحدة إبقاء الحديث عن توسيع الاتفاقيات بعيدًا عن جدول الأعمال خلال زيارة ترامب للمنطقة.

وقد وصف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان علنًا حرب الاحتلال على غزة بأنها إبادة جماعية.

وفي وقت سابق من يوم الأربعاء، كشف وزير المالية في حكومة الاحتلال و”الحاكم” الفعلي للضفة الغربية، بتسلئيل سموتريتش، عن خطة مثيرة للجدل لضم الغالبية العظمى من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

واقترح سموتريتش ضم 82% من أراضي الضفة الغربية المحتلة إلى الدولة العبرية، وهي خطوة من شأنها أن تقضي فعليًا على احتمال قيام دولة فلسطينية مستقبلية.

وهددت تل أبيب بضم الأراضي ردًا على تحركات دول غربية، منها فرنسا وكندا، للاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل.

وتواصل دولة الاحتلال مساعيها للاستيلاء على الأراضي في المنطقة، وفي الشهر الماضي، قدّمت الحكومة الإسرائيلية ما يُسمى بخطة E1 الاستيطانية التي من شأنها تقسيم الضفة الغربية المحتلة إلى قسمين.

مقالات ذات صلة