رغم الضجة التي أثارها الرئيس الأميركي دونالد ترامب عند إعلانه عن صفقات أسلحة مع دول الخليج العربي، فإن هذه الالتزامات لم تتحول حتى الآن إلى عوائد مالية فعلية.
وقال مسؤول أميركي لموقع ميدل إيست آي إن إدارة ترامب تستعد لإعادة النظر في اتفاق غير ملزم كان يصنّف طائرات “ريبر” المسيّرة الأميركية باعتبارها صواريخ بعيدة المدى، وذلك في إطار مراجعة أشمل لآلية المبيعات العسكرية الأميركية للخارج.
ويمكن لهذه الخطوة أن تسرّع تسليم طائرات MQ-9 Reaper لكل من السعودية والإمارات وقطر، وهي الدول التي تسعى منذ سنوات للحصول على هذه المنظومة القتالية.
كما ستخفف هذه الخطوة من الإجراءات البيروقراطية التي تواجهها شركات تصنيع السلاح الأمريكية، والتي تضطر إلى انتظار موافقات حكومية قبل البيع.
إعادة تفسير الاتفاقيات الدولية
وكشفت وكالة رويترز أن إدارة ترامب بصدد إعادة تفسير كيفية تصنيف الطائرات المسيّرة وفق “نظام التحكم في تكنولوجيا الصواريخ” (MTCR) الموقع عام 1987 بين 35 دولة والذي يُعد اتفاقًا غير ملزم وليس معاهدة، ما يمنح واشنطن هامشًا واسعًا لتغيير التزاماتها.
وكان ترامب قد خفف عام 2020، خلال ولايته الأولى، القيود الأميركية على تصدير الطائرات المسيّرة بموجب هذا النظام، بينما يُتوقع أن توسّع الخطوة الحالية تلك التسهيلات من خلال تصنيف المسيّرات كـ”طائرات” بدلاً من “صواريخ بعيدة المدى”.
تحولات في ميدان المعارك
وتعكس هذه التغييرات السرعة التي باتت الطائرات المسيّرة تغيّر بها موازين الحروب، إذ لعبت دورًا بارزًا في الحرب بين دولة الاحتلال وإيران مؤخرًا، وفي نزاعات أوكرانيا وليبيا وسوريا واليمن ومنطقة القوقاز.
وسبق أن كانت واشنطن تعتبر أن MQ-9 بمثابة صاروخ بعيد المدى نظرًا لسرعتها وقدرتها على حمل حمولة كبيرة، وهو ما فرض قيودًا مشددة على تصديرها.
صفقات معلّقة مع الخليج
وأفاد تقرير لـ ميدل إيست آي في مايو/أيار أن إدارة ترامب شرعت في تبسيط آلية المبيعات العسكرية للخارج قبل زيارته إلى الخليج الغني بالنفط، حيث حصل على تعهدات بعشرات المليارات من الدولارات مقابل شراء أسلحة وطائرات ورقائق ذكاء اصطناعي، لكن هذه الالتزامات لم تتحول بعد إلى صفقات مالية ملموسة.
وبعد زيارة ترامب، أعلنت شركة جنرال أتوميكس، المصنعة لطائرات MQ-9، أنها تجري محادثات مع السعودية لشراء ما يصل إلى 200 طائرة، بينما ذكرت رويترز أن الصفقة قد تشمل “أكثر من 100” طائرة.
أما الإمارات، فقد سعت منذ فترة طويلة للحصول على هذه الطائرات، ورغم تحقيقها بعض التقدم بعد توقيع “اتفاقيات أبراهام” مع دولة الاحتلال عام 2020، فإن المفاوضات توقفت لاحقًا في عهد إدارة بايدن.
وتكمن حساسية الصفقة الإماراتية في رغبة أبوظبي بدمج صواريخها الدقيقة محلية الصنع – التي تنتجها شركة “إيدج” الحكومية – في منصة MQ-9B SkyGuardian، وهو ما وافقت عليه واشنطن مبدئيًا.
وفي مارس/آذار الماضي، وافقت الولايات المتحدة على بيع ثماني طائرات MQ-9 بقيمة ملياري دولار لقطر، لكن المفاوضات كانت قد تعثرت لسنوات قبل ذلك.
مخاوف وتسريبات تكنولوجية
واجهت هذه الصفقات معارضة من ناشطين حقوقيين في الولايات المتحدة يرفضون تزويد دول الخليج بأسلحة متطورة، إلى جانب اعتراضات من بعض الدوائر الأمنية الأميركية التي تخشى أن تقوم دول مثل الإمارات بتسريب تكنولوجيا حساسة إلى الصين.
وتتوازى هذه المخاوف مع جدل أوسع حول بيع رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة للسعودية والإمارات، إذ أعلن ترامب تلك الصفقات باحتفالية كبيرة، مشعلاً موجة صعود في أسهم شركات الذكاء الاصطناعي، لكن التنفيذ تعثر ولم تؤكد أي من الشركات الخليجية استلامها لتلك الشرائح.
وبحسب بلومبيرغ، فقد تأجلت الصفقات بالفعل، فيما تدرس إدارة ترامب إعادة النظر في شروط الاتفاق مع الإمارات.
منافسة صينية وتركية
تواجه الولايات المتحدة منافسة متزايدة من الصين التي زودت السعودية والإمارات بطائراتها المسيّرة من طراز وينغ لونغ II، فيما تستعد الرياض للحصول على النسخة الأحدث وينغ لونغ 10B.
كما برزت تركيا كلاعب رئيسي في سوق تصدير الطائرات المسيّرة عبر طراز بيرقدار TB2 الذي استخدمته أوكرانيا وأذربيجان في جبهات القتال.