أعلنت إسرائيل بأنها شنت هجوماً برياً على مدينة غزة، ولكن في الواقع، لا تعد هذه العملية إلا حلقة جديدة في سلسلة من الهجمات المستمرة على شمال القطاع، حيث تقع المدينة.
منذ نهاية شهر مارس الماضي، عانى حوالي 800,000 فلسطيني في مدينة غزة من القصف والمجاعة والحرمان الطبي، وذلك دون حساب من قتلوا في مراكز المساعدات التي تديرها إسرائيل والولايات المتحدة والتي كانت مسرحاً لاستشهاد ما يقرب من 2000 فلسطيني، فتلك المراكز كانت مقتصرة على الجنوب، ولم تكن تعمل في الشمال.
خوفاً من جذب الكثير من الاهتمام الدولي، صدرت أوامر للجيش الإسرائيلي في أواخر مارس الماضي بالإبقاء على العمليات بكثافة أقل، فصرح عقيد في الجيش الإسرائيلي لموقع ميدل إيست آي: “كان هناك وضع عملياتي على مستوى أدنى، لكن العمليات لم تتوقف أبداً”، مشيراً إلى أن الهجمات على مدينة غزة كانت مستمرة منذ أشهر قبل الهجوم البري الأخير.
وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، فقد قتل في الفترة ما بين مارس الماضي ونهاية يونيو الماضي أكثر من 2000 فلسطيني في الهجمات الإسرائيلية على غزة شهرياً.
وفقاً للضباط الإسرائيليين، فهناك اعتقاد وراء الكواليس بأنه إذا سارت عملية مدينة غزة وفقاً للخطة، فإن نتنياهو يعتزم إعلان النصر في الأمم المتحدة في 26 سبتمبر القادم
ومنذ 11 أغسطس الماضي، عندما كثفت إسرائيل هجماتها تحسباً لهجومها البري، قُتل أكثر من 3500 فلسطيني في جميع أنحاء قطاع غزة، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية، حيث كان أكثر من 44% منهم موجودين في “مناطق آمنة” حددتها إسرائيل، ويضطر الفلسطينيون في الشمال إلى النزوح إليها.
إن الدبابات الإسرائيلية التي تتوغل داخل مدينة غزة اليوم ليست أكثر من مجرد تكثيف للهجمات التي لم تتوقف قط، حيث يزعم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن الهجوم الجديد ضروري لتخليص المنطقة من مقاتلي حماس، الذين يزعم أنهم يحتجزون أسرى هناك.
في حديثه مع ميدل إيست آي، أشار عقيد ثانٍ في الجيش الإسرائيلي إلى أنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان هناك بالفعل وجود كبير لحماس في مدينة غزة، فيما أكد ضابط عسكري إسرائيلي ثالث، شارك في التخطيط لعمليات استخباراتية في الشمال، بأن إسرائيل ليس لديها معلومات استخباراتية دقيقة عن حماس أو الأسرى.
قال الضابط الثالث لميدل إيست آي: “هل حماس هناك؟ هل نحن متأكدون؟ يمكن أن يكونوا في أي مكان، هل الرهائن هناك؟ لا نعرف، لفترة طويلة، قمنا بتمشيط المدينة بضربات مناورة منخفضة الشدة وقنوات استخباراتية، فاستهدفنا كل مركبة مشبوهة وكل شخص وحتى لو كانوا هناك، يصبح من الصعب يوماً بعد يوم القول بأنهم كشفوا عن أنفسهم”.
إخلاء السكان
ومن الواضح أن الهدف الحقيقي لإسرائيل في مدينة غزة هو دفع السكان إلى الجنوب، فمنذ أغسطس الماضي، استخدم الجيش أكثر من 180 روبوتاً مفخخاً أو مركبات مفخخة يتم التحكم فيها عن بعد لتدمير المدينة.
وتعتبر تل الهوى والشيخ رضوان والتفاح وجبل نزلة ومنطقة شارع الصفطاوي من بين الأماكن الرئيسية التي هدمت فيها إسرائيل المباني المدنية، حيث أشار ضباط إسرائيليون بأنه قد تم تدمير أكثر من 200 مبنى يضم منازل مدنيين في هذه المناطق.
وللاستفادة من التأثير المدمر لهذه العملية، يقوم الجيش الإسرائيلي أيضاً بنشر وحدات مدرعة في مدينة غزة، التي تعرضت للدمار إلى حد كبير، حيث تتقدم فرقتا المظليين 162 و98 الإسرائيليتين عبر المدينة برفقة وحدات مدرعة.
حتى الآن، وخلافاً للادعاءات الإسرائيلية السابقة، لم تواجه القوات مواجهات مكثفة مع حماس، وسوف تنتقل الفرقة 36 إلى مدينة غزة خلال أيام، مما يشير إلى هجوم موسع مرتقب.
يتعامل الضباط الإسرائيليون مع الوضع بعقلية العقاب الجماعي، حيث قال أحد الضباط لموقع ميدل إيست آي: “من العدل أن نفترض أن معظم الرجال والشباب الذين يقيمون في مدينة غزة يعملون لصالح حماس”، مكرراً رواية إسرائيلية كاذبة تم استخدامها لتبرير قتل الآلاف من المدنيين.
ما زال ما يقرب من نصف سكان مدينة غزة موجودين في المدينة، وبالنسبة للضباط العسكريين الإسرائيليين المسؤولين، فإن إجمالي السكان المدنيين المتبقين البالغ عددهم 400 ألف شخص يعتبرون هدفاً،
حيث أكد ضباط إسرائيليون بأن الجيش يعتزم تطويق المدينة بالكامل خلال أسبوع.
خلال العملية، سوف يتم إغلاق شارع الرشيد الساحلي وشارع صلاح الدين إلى الشرق، في حين يتم تعزيز ممر نتساريم الذي يقسم قطاع غزة كحدود فعلية.
أوضح العقيد الإسرائيلي الأول: “من الآن فصاعداً، لن يكون لدينا أي سبب لعدم معاملة الجميع في الشمال على أنهم حماس”، حيث أصدرت إسرائيل هذا الشهر 13 أمر طرد، معظمها تقريباً كان يهدف إلى إفراغ الشمال من سكانه.
وتعد عملية عربات جدعون الثانية كما تسمى في وصف الهجوم الجديد، عبارة عن حملة محسوبة لإعادة تشكيل الأراضي بالتنسيق مع الولايات المتحدة، فقبيل انعقاد قمة الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تبدأ يوم الاثنين، تستعد إسرائيل لوضع الشمال تحت سيطرتها بالكامل.
وفقاً للضباط الإسرائيليين، فهناك اعتقاد وراء الكواليس بأنه إذا سارت عملية مدينة غزة وفقاً للخطة، فإن نتنياهو يعتزم إعلان النصر في الأمم المتحدة في 26 سبتمبر القادم.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)