انتهاء مهلة الأمم المتحدة يضع المجتمع الدولي أمام اختبار حقيقي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي

بقلم رالف وايلد

ترجمة وتحرير مريم الحمد

لقد انتهت المهلة التي حددتها الجمعية العامة للأمم المتحدة لإسرائيل لإنهاء احتلالها لقطاع غزة والضفة الغربية، فقد تم تحديده قبل عام، بعد الرأي الاستشاري التاريخي الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في عام 2024، والذي أكد على تحول عميق في النهج تجاه مسألة شرعية الاحتلال. 

رغم حكم محكمة العدل الدولية في العام الماضي وتصديق الجمعية العامة للأمم المتحدة عليه، إلا أن العديد من الدول لا تزال تتصرف على ما يبدو في حالة إنكار لهذه القضايا القانونية الأساسية والمتمثلة في عدم الشرعية الوجودية للاحتلال، وما يعنيه ذلك بالنسبة لسلوكها

لقد قضت المحكمة بأن الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني ليس فقط في سلوكه، بل في وجوده أيضاً، فهو ينتهك الحق القانوني للشعب الفلسطيني في تقرير المصير والحظر القانوني للاستيلاء على الأراضي بالقوة. 

نتيجة لذلك، أشارت محكمة العدل الدولية إلى أنه يجب أن ينتهي في أسرع وقت ممكن، وقد أيدت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الحكم، ومنحت إسرائيل سنة للامتثال لواجب الانسحاب.  

مع انتهاء هذا الموعد النهائي، أصبح الاحتلال أكثر رسوخاً وانتهاكاً سواء في الإبادة الجماعية في غزة أو التوسع في المستوطنات وعنف المستوطنين في الضفة الغربية، والخطط الإسرائيلية لإعلان ضم المزيد من الأراضي خارج القدس الشرقية.

لم تخاطب المحكمة والجمعية العامة للأمم المتحدة إسرائيل فقط، كما أكدوا على الالتزامات القانونية الخاصة لجميع الدول الأخرى لقمع انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي في استمرار الاحتلال، وهذه الالتزامات منفصلة تماماً عن الواجبات الملقاة على عاتقهم أيضاً لقمع معاملة إسرائيل التمييزية والمسيئة والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، كما أنها أكثر جوهرية وأوسع نطاقاً لأنها تتعلق بالاحتلال في حد ذاته.

ماذا على الدول أن تفعل؟

من الناحية القانونية، يتعين على الدول أن تفعل 3 أشياء، أولاً، يجب عليهم اتخاذ كافة الخطوات التي في وسعهم لإنهاء الاحتلال، وهذا يتطلب فرض عقوبات شاملة ضد إسرائيل وضد الإسرائيليين الأفراد، وثانياً، يجب ألا يعترفوا بأن الاحتلال قانوني، وثالثاً، لا يجوز لهم مساعدة إسرائيل في الحفاظ على الاحتلال.

إن الروابط بين الوجود الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، من ناحية، وما يسمى بإسرائيل نفسها، من ناحية أخرى، سواء الروابط الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والسياحية والتعليمية والثقافية وغيرها، متعددة الأوجه ولا تنفصم، ولذلك فمن المستحيل فصل العلاقات مع الدولة الإسرائيلية والجهات الخاصة الإسرائيلية لتحديد المسائل المنفصلة غير المرتبطة بالاحتلال.

انطلاقاً من ذلك، فإن على الدول التعامل مع إسرائيل كمسألة عامة، ففيما يتعلق بالأسلحة وتبادل المعلومات الاستخبارية، يجب على الدول ألا تقدم أي دعم لإسرائيل على الإطلاق، ولا يكفي فقط وقف الدعم الذي يمكن استخدامه لارتكاب انتهاكات خطيرة للقواعد القانونية التي تنظم سلوك الاحتلال مثل التعذيب والفصل العنصري والانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، لأن أي دعم مقدم لإسرائيل يدعم وجود الاحتلال، بطريقة أو بأخرى.

هناك واجب قانوني عاجل للانتقال من الإشارات والبيانات الجزئية والانتقائية والرمزية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة وفعالة وشاملة

على نحو مماثل، ونظراً للصلات التي لا تنفصم بين الأبعاد الاقتصادية للوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة والاقتصاد الإسرائيلي بشكل عام، يتعين على الدول أن تتبنى حظراً تجارياً كاملاً ضد إسرائيل بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الحظر على منتجات المستوطنات.

وفي الواقع، رغم حكم محكمة العدل الدولية في العام الماضي وتصديق الجمعية العامة للأمم المتحدة عليه، إلا أن العديد من الدول لا تزال تتصرف على ما يبدو في حالة إنكار لهذه القضايا القانونية الأساسية والمتمثلة في عدم الشرعية الوجودية للاحتلال، وما يعنيه ذلك بالنسبة لسلوكها.

ورغم أهمية التركيز الحالي على الإبادة الجماعية في غزة، إلا أنه إذا تم ذلك التركيز بمعزل عن الصورة الأكبر، متجاهلاً حقيقة مفادها أنه حتى في غياب الخروقات القانونية المستمرة التي ترتكبها إسرائيل في سلوكها للاحتلال، فإن مجرد وجودها كدولة احتلال سوف يظل يشكل خرقاً جوهرياً في حد ذاته، ومن ثم فإن الدول ستظل تتحمل الواجب القانوني لإنهاء هذا الوجود.

إن ما نحتاج إليه هو تحول عميق في التركيز، فبدلاً من انتقاد سلوكيات معينة باعتبارها غير قانونية فقط مثل الافتقار إلى المساعدات الكافية في غزة أو التوسع الاستيطاني وعنف المستوطنين وهدم المنازل في الضفة الغربية، يجب على الدول أيضاً انتقاد الاحتلال نفسه باعتباره غير قانوني.

ولا يكفي الإصرار على أن إسرائيل ليست ذات سيادة، ولا يمكنها المطالبة بها على غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، ولكن يجب على الدول أيضاً ألا تعترف بصحة أي مبررات أخرى قد تقدمها إسرائيل لوجودها في أي جزء من هذه الأرض الفلسطينية، بما في ذلك تأكيد الدفاع عن النفس، وبذلك فإن أي دولة تقبل بحق إسرائيل في التواجد هناك على أساس الحق في الدفاع عن النفس تنتهك واجب عدم الاعتراف.

لقد آن الأوان لكي تواجه جميع الدول الطابع الاستثنائي لانتهاكات إسرائيل لالتزاماتها القانونية الأساسية في الحفاظ على وجودها في الأرض الفلسطينية المحتلة، والواجب القانوني الاستثنائي الذي يقع على عاتقها لقمع هذه الانتهاكات.

من الناحية القانونية، هم ليسوا متفرجين محايدين ولهم الحرية في اختيار ما إذا كانوا سوف يتعاملون مع عدم شرعية الوجود الإسرائيلي وإلى أي مدى، فهم مطالبون بالتحرك والقيام بذلك بشكل شامل، وهناك واجب قانوني عاجل للانتقال من الإشارات والبيانات الجزئية والانتقائية والرمزية إلى اتخاذ إجراءات ملموسة وفعالة وشاملة.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة