استقبل الفلسطينيون في قطاع غزة الخطة الأميركية الأخيرة لوقف الحرب الإبادية التي تشنها دولة الاحتلال بتوجس وانتقاد واسعين، ورأوا أنها تسلبهم حقهم في تقرير المصير من خلال وضع القطاع تحت إدارة أجنبية.
وتنص الخطة التي أعلنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يوم الاثنين إلى جانب رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، على وقف إطلاق النار، والإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، ونزع سلاح الحركة، مع انسحاب تدريجي لقوات جيش الاحتلال من غزة.
كما تتضمن نشر “قوة استقرار دولية” مؤقتة، وتشكيل سلطة انتقالية يقودها ترامب بمشاركة زعماء أجانب آخرين، بينهم على الأرجح رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
وبالنسبة لرجب قاسم، الفلسطيني من دير البلح وسط القطاع، فإن ذلك “يعني غياب أي سيادة فلسطينية”.
وقال قاسم: “الخطة تحوّلنا إلى كيان خارج فلسطين، تحكمه جهات أجنبية، إنها تنكر حقي كفلسطيني أن يحكمني فلسطينيون حتى لو كانت السلطة الفلسطينية، فهي على كل علاتها تبقى فلسطينية”.
انعدام الضمانات
ويشكك الفلسطينيون في جدية الخطة الأميركية، ويرون أنها لا تقدم ضمانات حقيقية، فرغم حديثها عن تبادل للأسرى يشمل 250 أسيراً محكوماً بالمؤبد و1700 معتقل من غزة بينهم نساء وأطفال، إلا أنها تضع في المقابل شروطاً قاسية على الفلسطينيين “دون أن تطلب تنازلات مقابلة من دولة الاحتلال”.
ويخشى سكان غزة أن تجد دولة الاحتلال ذريعة للسيطرة مجدداً على القطاع حتى بعد الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، مما يجعل الخطة غير قابلة للتنفيذ فعلياً.
فبحسب الخطة، لا يشمل الانسحاب أي التزام كامل من جيش الاحتلال، بل انسحاباً تدريجياً مشروطاً، مع بقاء قواته في ما يسمى “الطوق الأمني” على حدود غزة.
ويقول قاسم: “الخطة بلا ضمانات، وهي تطلب تسليم الأسرى دون أن تنص حتى على انسحاب قوات الاحتلال، الناس مرهقون لكننا بحاجة إلى مقابل حقيقي”.
أما غازي المجدلاوي وهو نازح من جباليا، فرأى أن الخطة تهدف إلى “تصفية القضية الفلسطينية، بما فيها حق العودة والحق في الحكم الذاتي”.
وأضاف: “الخطة تعطي دولة الاحتلال كل ما تريد وتحرم الفلسطينيين من أبسط حقوقهم”.
وشدد المجدلاوي على أنه لا يمكن الوثوق بواشنطن باعتبارها الشريك الأساسي لدولة الاحتلال. وقال: “الولايات المتحدة شريك مباشر في هذه الحرب، سواء بتزويد الأسلحة أو باستخدام الفيتو في مجلس الأمن لمنع وقف العدوان على غزة”.
خيار مؤلم
ورغم انعدام الثقة بالخطة، إلا أن حجم الدمار واليأس قد يدفعان بعض الفلسطينيين إلى قبول اتفاق غير عادل مقابل وقف القتل.
وفي هذا الصدد يقول يوسف عيلول، النازح من مدينة غزة: “الخطة تحرمنا من حق الدفاع عن أرضنا، لكنها تمنحنا لحظة لالتقاط الأنفاس من القتل والمعاناة اليومية”.
وفي ذات الصدد أضاف قاسم: “هناك مجازر يومية، الناس يعيشون في خيام وسط بؤس شديد، مدن كاملة في غزة لم تعد موجودة، إنه خيار مؤلم، لكن الوضع لم يعد يُحتمل”.
ويتابع: “ربما يقبل البعض بهذه الشروط فقط لإيقاف سفك الدماء، لأننا لم نعد قادرين على التحمل، كفى”.
وبالعودة للمجدلاوي، فإنه يؤكد أن الأولويات الفلسطينية الراهنة تتلخص في فتح المعابر، وتدفق المساعدات الإنسانية، وحرية الحركة، والحكم الذاتي، ثم إعادة الإعمار.
ويقول: “نريد أن تُعاد الحياة إلى غزة بكرامة ولو كان القرار بيدي، لوافقت على الخطة رغم ظلمها للفلسطينيين، لأن إنهاء الحرب قد يتطلب التضحية بأشياء أساسية”.