بين القصف وانعدام الأساسيات.. فتيات غزة يواجهن تحوّلات الحياة في أصعب الظروف

ترجمة وتحرير موقع بالعربية

بينما تتساقط قنابل جيش الاحتلال على أحياء غزة، تعيش الفتيات الصغيرات في الملاجئ وسط الشعور بالخوف الدائم من الحرب بالتزامن مع تعرضهن لتحول داخلي صامت خلال مرحلة البلوغ.

في الظروف العادية، تُعد هذه المرحلة نقلة طبيعية في حياة الفتيات، ترافقها توعية الأمهات ورعاية طبية وتوفر المستلزمات الصحية الأساسية.

لكن وبعد قرابة العامين من الإبادة الإسرائيلية، باتت العائلات محرومة من أبسط مقومات الدعم، وأصبح الحصول على الفوط الصحية والماء النظيف وتوفر الخصوصية ترفًا بعيد المنال.

تقول ديمة محمد (12 عامًا)، وهي نازحة في مدينة غزة: “كل همّنا اليوم هو البقاء على قيد الحياة، الفوط الصحية نادرة وباهظة الثمن ، لا أملك رفاهية التفكير في ذلك الآن.”

وتضيف والدتها أن القصف المتواصل ترك أثرًا نفسيًا قاسيًا على ابنتها، فغدت قلقة ومنطوية، موضحة بالقول: “في الظروف الطبيعية كنا سنأخذها إلى الطبيب لنتأكد من حالتها الصحية، لكن الحرب دمّرت المستشفيات، فلا ماء نظيف ولا صابون ولا مستلزمات نسائية ولا خصوصية… وهذا يزيد من معاناتها الجسدية والنفسية.”

صدمة البلوغ وسط الحرب

تعيش مريم أحمد (12 عامًا) الصدمة نفسها، وتقول بخجل: “لم أكن مستعدة على الإطلاق، لا نفسيًا ولا جسديًا.”

أما والدتها فتروي معاناة ابنتها بأسى: “كنت سأهيئها نفسيًا، وأقيم لها احتفالًا بسيطًا لتشجيعها على ارتداء الحجاب كما تفعل الأمهات عادة، لكننا هنا نكافح فقط للبقاء، لا توجد فوط صحية، ولا مواد نظافة، ولا أي خصوصية… كل ذلك يضاعف من المعاناة.”

وتضيف أن انعدام الخصوصية في مراكز الإيواء يجعل من لحظة طبيعية في حياة أي فتاة عبئًا نفسيًا مؤلمًا.

انقطاع الدورة الشهرية بسبب الخوف

تقول لمار الشريف (13 عامًا) إن دورتها الشهرية غابت منذ الأسبوع الأول للحرب وتوضح: “كانت دورتي منتظمة، لكنها توقفت، لا أعلم إن كان السبب الخوف أو التوتر أو سوء التغذية، لا أستطيع رؤية الطبيب، فالقصف لا يتوقف.”

ويُقدر صندوق الأمم المتحدة للسكان (UNFPA) أن نحو 691 ألف امرأة وفتاة في غزة بحاجة إلى مستلزمات الدورة الشهرية شهريًا، أي ما يعادل أكثر من 10 ملايين فوطة نسائية في الشهر الواحد.


لكن دولة الاحتلال تمنع دخول هذه المواد ضمن حصارها، حتى تلك التي تأتي عبر المساعدات الدولية.

وبسبب هذا الحظر، ارتفعت الأسعار إلى خمسة أضعاف ما كانت عليه قبل الحرب، ما جعلها بعيدة المنال عن معظم العائلات، وباتت الكثير من النساء والفتيات يعتمدن على قطع قماش ممزقة كبدائل مؤقتة.

عبء نفسي وجسدي متزايد

تقول الأخصائية النفسية الفلسطينية أنهار فرج الله إن الفتيات في غزة يواجهن مخاطر جسدية ونفسية متزايدة وتوضح: “تفتقر الملاجئ للماء النظيف والحمامات الخاصة، ولا تتوفر الشامبوهات أو الصابون أو الفوط الصحية، هذا يزيد من خطر الالتهابات والمشكلات الجلدية، ويضاعف القلق والتوتر لدى الفتيات.”

وتبين أن كثيرات منهن يختبرن البلوغ لأول مرة وسط القصف، ما يزيد من الصدمة النفسية: “غياب الخصوصية والقدرة على التعامل مع التغيرات الجسدية يولّد شعورًا بالخوف والحرج، حتى في لحظات يفترض أن تكون عادية في حياة كل فتاة.”

وتؤكد فرج الله أن دور الأمهات يصبح مضاعفًا في هذه الظروف: “على الأمهات أن يمنحن بناتهن شعورًا بالأمان والاحتواء، خاصة في هذه المرحلة الحساسة من الحياة.”

عبء مالي لا يُحتمل

تروي أم إبراهيم، وهي نازحة في غزة، معاناة ابنتها التي بلغت في الشهر الأول للحرب وتقول: “تعاني ابنتي من آلام شديدة تستمر أحيانًا لأسبوعين، لا أطباء ولا عيادات متاحة، والفوط الصحية مكلفة جدًا، نعيش كل شهر في قلق من بداية الدورة حتى نهايتها.”

أما ماريا الشريف (11 عامًا)، فتقول إنها رغم استعدادها المسبق من والدتها، لم تكن تتوقع أن يحدث الأمر بهذه السرعة: “أشعر أنني ما زلت طفلة، لم أتناول الدجاج أو الفاكهة سوى مرة واحدة منذ الحرب، كيف لجسدي أن ينمو هكذا؟”

وتضيف بصوت خافت: “أشعر أنني أزيد العبء على أسرتي لأنني أحتاج فوطًا مكلفة، أحيانًا تستخدم أمي قطعًا من الملابس القديمة بدلًا منها.”

في غزة، لم يعد البلوغ حدثًا طبيعيًا في حياة الفتيات، بل تحول إلى معركة إضافية في حرب البقاء، حيث يُختبر النضج وسط الركام، وتصبح أبسط متطلبات الأنوثة حلمًا بعيد المنال.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة