ميدل إيست آي | مفوّضة أممية سابقة: إدارة ترامب وبلير لغزة باطلة قانونيًا وتمثل وصاية استعمارية

انتقدت المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان، نافي بيلاي، خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المكوّنة من عشرين بندًا بشأن غزة، معتبرة أنها تنتهك القانون الدولي وتكرّس الاحتلال بدل إنهائه.

وأكدت بيلاي وهي قاضية جنوب إفريقية أن استنتاج لجنة التحقيق الخاصة بالأمم المتحدة، التي ترأسها، بمسؤولية دولة الاحتلال عن جريمة الإبادة ما زال قائمًا حتى لو تم التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار.

في مقابلة حصرية مع موقع ميدل إيست آي، قالت بيلاي إن الخطة التي أعلنها ترامب الأسبوع الماضي إلى جانب رئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو، “تمنح الأفضلية الكاملة للرواية الإسرائيلية ومزاعمها الأمنية”.

وأضافت أن هذه الخطة “تُقصي الفلسطينيين من المشاركة في إدارة المرحلة الانتقالية، وهذا وحده كفيل بجعلها باطلة قانونيًا”.

وتنص الخطة المثيرة للجدل، التي وصفتها منظمات حقوقية بأنها “تفكير استعماري صريح”، على تشكيل لجنة انتقالية يشارك فيها ترامب نفسه إلى جانب رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير للإشراف على قطاع غزة خلال مرحلة ما بعد الحرب.

وقالت بيلاي، التي تترأس لجنة التحقيق الأممية الخاصة بالعدوان على غزة، إن نتائج لجنتها “ثابتة وغير قابلة للتغيير”.

وأضافت في حديثها لبرنامج الخبير الشاهد (Expert Witness): “لقد ارتكبت دولة الاحتلال جريمة الإبادة الجماعية، وما زالت مستمرة في ارتكابها، الدعوة إلى وقف إطلاق النار لا تُلغي هذا الاستنتاج”.

وتُعد القاضية الجنوب إفريقية البالغة من العمر 84 عامًا من أبرز الشخصيات في مجال القانون الدولي وحقوق الإنسان، إذ سبق أن عيّنها الرئيس الراحل نيلسون مانديلا قاضية في المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا، حيث ساهمت في إصدار أول أحكام بالإبادة في التاريخ. 

كما كانت من المؤسسين للمحكمة الجنائية الدولية، وتشغل حاليًا منصب قاضية خاصة في محكمة العدل الدولية.

وأوضحت بيلاي أن خطة ترامب تنتهك بشكل واضح الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في 19 يوليو/تموز 2024، والذي أكد أن الاحتلال الإسرائيلي لغزة والضفة الغربية غير قانوني ويجب أن ينتهي دون شروط.

وقالت: “هذه الخطة تتعارض تمامًا مع قرار محكمة العدل الدولية ومع قرار الجمعية العامة الصادر في سبتمبر/أيلول 2024، الذي ألزم إسرائيل بالامتثال لحكم المحكمة خلال عام واحد”.

كما شددت على أن استبعاد الفلسطينيين من قيادة المرحلة الانتقالية يُعدّ إهانة لحقهم في تقرير المصير، وقالت “جوهر المشكلة أن الفلسطينيين مستبعدون من هذه العملية، لا يجب أن يشاركوا فحسب، بل يجب أن يكونوا في موقع القيادة لأنهم قادرون على حكم أنفسهم”.

ورغم الإعلان عن خطة ترامب، واصل جيش الاحتلال عملياته العسكرية على قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد أكثر من مئة فلسطيني خلال أيام. 

ووفقًا لإحصاءات الأمم المتحدة، فقد قتل جيش الاحتلال أكثر من 67 ألف فلسطيني خلال عامين، نصفهم تقريبًا من النساء والأطفال، ودمر معظم منازل القطاع وبناه التحتية، فيما جرى تهجير الغالبية الساحقة من سكانه البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة.

وحذرت بيلاي من أن خطة ترامب تمنح دولة الاحتلال سيطرة أمنية واسعة على غزة، مما “يُقيد استقلال القطاع ويقوّض سيادة الشعب الفلسطيني”. 

وأضافت: “يجب أن تكون هذه الخطة فلسطينية القيادة والجوهر، ليس هناك ثمة طريق آخر، ولا يجب أن يكون هناك طريق آخر”.

وكان 36 خبيرًا أمميًا قد انضموا الأسبوع الماضي إلى موجة الانتقادات الموجهة للخطة الأمريكية، معتبرين أنها تخفق في إنهاء الاحتلال أو ضمان حق الفلسطينيين في تقرير المصير الذي يكفله القانون الدولي.

وتضم لجنة بيلاي المفوض الأسترالي السابق لحقوق الإنسان كريس سيدوتي والمقرر الأممي الأسبق ميلون كوثاري.

وكانت اللجنة قد خلصت في تقريرها الصادر في 16 سبتمبر/أيلول 2025 إلى أن دولة الاحتلال ارتكبت أربعًا من أصل خمس جرائم محظورة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، وأن قادتها تصرفوا “بنية تدمير الفلسطينيين في غزة بوصفهم جماعة بشرية”.

ويُعدّ هذا التقرير أقوى تقييم قانوني صادر عن هيئة تابعة للأمم المتحدة حتى الآن، إذ استند إلى منهجية تحقيق مشابهة لتلك التي تستخدمها محكمة العدل الدولية، التي تنظر حاليًا في الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا ضد دولة الاحتلال بتهمة ارتكاب الإبادة.

مقالات ذات صلة