جاريد كوشنر يعود إلى الواجهة في مفاوضات غزة: من مهندس “صفقة القرن” إلى وسيط ترامب الجديد

ترجمة وتحرير موقع بالعربية

في منتجع شرم الشيخ المصري، وبين دبلوماسيين قطريين ومصريين، ومسؤولين من حركة حماس، ورئيس جهاز المخابرات التركي، ظهر وجه أمريكي مألوف في كواليس محادثات وقف العدوان على غزة، إنه جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

ورغم أن كوشنر لا يشغل أي منصب رسمي في إدارة ترامب الحالية، إلا أن دخوله على خط المفاوضات يُقرأ على نطاق واسع باعتباره إشارة إلى جدّية ترامب في السعي نحو اتفاق يُنهي حرب دولة الاحتلال على قطاع غزة.

وأفادت وسائل إعلام عبرية بأن ترامب أوعز إلى مبعوثيه، كوشنر والملياردير ستيف ويتكوف، بعدم مغادرة مصر قبل التوصل إلى اتفاق. 

وقال روب غيست بنفولد، خبير الأمن الدولي في كلية كينغز بلندن، لموقع ميدل إيست آي: “هذا تطور إيجابي، لأنه يجعل وقف إطلاق النار أكثر قابلية للتحقق، ويقلّل من احتمالية استمرار التطهير العرقي في غزة”.

وأضاف بنفولد: “كوشنر وويتكوف لهما تأثير واسع في إدارة ترامب، خصوصًا في ظل تجاهل ترامب للمسارات الدبلوماسية التقليدية، ووصولهما إلى شرم الشيخ يعني أن الرئيس الأمريكي جاد بشأن وقف إطلاق النار”.

من “صفقة القرن” إلى رأس المال الخليجي

عُرف كوشنر باعتباره أحد أبرز مهندسي سياسات ترامب في الشرق الأوسط خلال ولايته الأولى، إذ كان عرّاب ما سُمي بـ “صفقة القرن”، التي فشلت في إنهاء الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي بعدما منحت دولة الاحتلال الضوء الأخضر لضم 30٪ من أراضي الضفة الغربية المحتلة مقابل دولة فلسطينية منزوعة السيادة.

لكن بعد مغادرة ترامب للبيت الأبيض، تحوّل كوشنر إلى رجل أعمال في عالم المال والسياسة، مؤسسًا لصندوق استثمار خاص باسم Affinity Partners، استثمر فيه بمزيج من الجغرافيا والمصالح والترفيه. 

ومن أبرز مشاريعه إنشاء منتجع فاخر بقيمة 1.4 مليار دولار في جزيرة سزان الألبانية، التي كانت قاعدة عسكرية سابقة.

ويعتمد الصندوق على رؤوس أموال خليجية ضخمة، إذ ضخّ صندوق الاستثمارات العامة السعودي وحده ملياري دولار فيه، فيما ساهمت الإمارات وقطر بمبلغ مشترك يبلغ 1.5 مليار دولار حتى نهاية عام 2024.

ويقول الخبراء إن كوشنر استثمر بذكاء شبكة علاقاته الواسعة التي نسجها مع دول الخليج خلال عمله في إدارة ترامب. 

فقد ربطته علاقة شخصية وثيقة بولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى درجة أنهما كانا يلعبان ألعاب الفيديو سويًا أثناء زيارات كوشنر للرياض، بحسب مسؤول أمريكي تحدث لميدل إيست آي.

كذلك أصبح كوشنر قريبًا من السفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة، الذي تولى شرح رؤية الخليج للشرق الأوسط له، كما قال التقرير. 

وحتى بعد مغادرته البيت الأبيض، ظل كوشنر ضيفًا مرحّبًا به في العواصم الخليجية، وحضر مع عائلته مباريات كأس العالم 2022 في الدوحة من المقصورة الملكية.

علاقات شخصية متشابكة مع نتنياهو

وُلد كوشنر لعائلة يهودية أرثوذكسية في نيوجيرسي اشتهرت بنفوذها المالي وعلاقاتها المعقدة، ويشغل والده اليوم منصب السفير الأمريكي في فرنسا، بعدما قضى عامين في السجن بتهم التهرب الضريبي وعرقلة العدالة قبل أن يعفو عنه ترامب.

وتتجاوز علاقة كوشنر برئيس وزراء دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو حدود السياسة، فالأخير كان ضيفًا دائمًا في منزل عائلة كوشنر إلى حد أن الصحافة الأمريكية كشفت سابقًا أنه نام في غرفة جاريد نفسه خلال إحدى زياراته للولايات المتحدة.

ومع ذلك، تثير مشاركة كوشنر في مفاوضات شرم الشيخ قلقًا لدى الفلسطينيين، نظرًا لتاريخه في محاولات تقويض السلطة الفلسطينية وإقصائها من العملية السياسية. 

فقد سبق له أن قال في حديث بجامعة هارفارد عام 2024: “عقارات غزة المطلة على البحر قد تكون ذات قيمة كبيرة، لو كنت مكان إسرائيل، لفعلت كل ما بوسعي لنقل السكان منها وتنظيفها”.

وبعد أشهر، ظهر هذا المنطق في “خطة الريفييرا” التي أعلنها ترامب لاحقًا، والتي تدعو إلى تحويل غزة إلى منطقة سياحية خالية من الفلسطينيين.

عودة إلى الميدان الدبلوماسي

وبعد مرور عام على تلك التصريحات المثيرة للجدل، عاد كوشنر اليوم إلى قلب الملف من جديد، لكن ضمن خطة جديدة لترامب تستبعد ضم الضفة الغربية أو التهجير القسري للفلسطينيين.

وقد تم فهم هذه البنود على أنها تنازلات قدمها ترامب للدول العربية، خصوصًا الخليجية منها، من أجل ضمان مشاركتها في جهود إعادة إعمار غزة وإنجاح وقف إطلاق النار.

وخلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة، شوهد كوشنر وهو يغادر فندق نتنياهو في نيويورك برفقة الوفد الأمريكي، في إشارة إلى قربه المستمر من دوائر القرار.

ويرى بعض الدبلوماسيين أن مشاركة كوشنر، رغم خلفيته المثيرة للجدل، قد تفتح نافذة جديدة بفضل علاقاته المتينة مع العواصم الخليجية، بينما يعتقد محللون أن “بصمات الخليج واضحة على الخطة الجديدة”.

وقال بنفولد في ختام تحليله: “وجود كوشنر في المحادثات يعكس انخراط مجلس التعاون الخليجي في الخطة”.

وأضاف: “إنه أقرب شخص في إدارة ترامب إلى دول الخليج، ومشاركته ستعزز ثقة هذه الدول في العملية ومكانتها بوصفها الوسيط الأبرز لدى ترامب”.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة