ادين زادو غابينيش
لامبالاة المجتمع الإسرائيلي بمحنة الأسير أفيرا مينغيستو تكشف القيمة غير المتكافئة التي تُعطى للأرواح في إسرائيل.
في الأسبوع الماضي، تلقينا تذكيرًا بأن افيرا مينغيستو لا يزال على قيد الحياة.
مينغيستو هو مواطن إسرائيلي من أصل إثيوبي تسلق السياج الفاصل بين إسرائيل وغزة في 7 سبتمبر/ أيلول 2014، بعد أسابيع قليلة من الهجوم الإسرائيلي على غزة، وهو محتجز منذ ذلك الحين من قبل حماس.
في الأسبوع الماضي، نشرت حماس مقطع فيديو تقل مدته عن الدقيقة، ويظهر فيه مينغيستو لمدة 12 ثانية.
يعد الفيديو بمثابة شهادة على القيمة غير المتكافئة للأرواح في إسرائيل، حيث يُذّكر ذلك بالمكانة المتدنية للإسرائيليين الإثيوبيين داخل هذا الكيان، وكيف يرتبط نضالنا من أجل الكرامة والحقوق بالنضال الفلسطيني.
على عكس الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، الذي وصفه المجتمع الإسرائيلي بأنه “طفلنا جميعًا”، لم تجذب حملة مينغيستو حراكا واسعا.
لم يكن توقيت إصدار الفيديو من قبيل الصدفة، بل تم بثه بالتزامن مع بث القنوات الإسرائيلية أحداث تعيين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد، على الهواء مباشرة.
أفسد الفيديو الأجواء الاحتفالية وأجبر التلفزيون الإسرائيلي على الحديث عن مينغيستو، ومع ذلك، في الجولة القصيرة من اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية والمسؤولين الحكوميين، كررت الجهتان، بكل طريقة ممكنة، أن مينغيستو كان مريضًا عقليًا وعبر الحدود طواعية إلى غزة.
مع كل ذكر لقضية أسره، تم التركيز على هاتين النقطتين بنبرة طفيفة من الارتياح، في تركيز على مدى حدة الاختلاف بين النوع المألوف من الأسير الإسرائيلي – جندي أو مدني مختطف – ومينغستو، الذي تكاد أن تكون معاملته بهذا الشكل مبررة.
قيمة غير متكافئة
من ناحية، يتم تصوير مينغيستو على أنه شخص غير مسؤول عن أفعاله، وفي الوقت نفسه، كشخص عبر الحدود عن علم وبإرادته الحرة، مما يقلل من أهمية المسؤولية العامة والدولة تجاه الأسير.
قارن نشطاء سياسيون إثيوبيون إسرائيليون معاملة مينغيستو بمعاملة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي احتجزته حماس لمدة خمس سنوات، وأطلق سراحه في صفقة تبادل للأسرى مع دولة إسرائيل.
حظيت حملة تحرير شاليط بتعبئة جماهيرية، حيث جعل الجمهور الإسرائيلي العام والإعلام والمسؤولون السياسيون اسمه ووجهه معروفين في كل منزل، واصفين إياه على أنه “طفلنا جميعًا”.
في المقابل، لم تُولّد حملة مينغيستو حراكا واسعا، فلم يكن موضوعه ليستحضر في النقاشات العامة إلا عندما تم استخدامه من قبل حماس كورقة مساومة لغايات مختلفة.
ولكن، كما باتت حماس تعلم الآن، مينغيستو ليس “ابننا جميعًا”، فحياته لا يقدرها الجميع، ولا سيما من في السلطة، فهو ابن أغارنيش وأييل، وهو أخونا وقريبنا وصديقنا.
خلال السنوات الثماني والنصف التي قضاها في الأسر، تجلت القيمة غير المتكافئة لمينغيستو ومكانته المنخفضة في السياق الإسرائيلي بعدة طرق.
ففي إحدى المرات، ارتدى إيماي تاغا، لاعب كرة قدم من أصل إثيوبي، زيًا رسميًا يحمل رسالة تضامن مع شاليط وحظي بالثناء على تصرفاته، وفي عام 2016، كرر ذات الفعل، ولكن هذه المرة لمينغيستو، فتم تغريمه من قبل اتحاد كرة القدم لانتهاكه للقواعد.
في الأشهر الأولى من أسر مينغيستو، تعاملت عائلته مع القضية بأقل قدر من الدعاية بناءً على توصية من مختلف الجهات الحكومية بأن هذا من شأنه أن يزيد من فرص عودة ابنهم إلى المنزل بسرعة.
ومع مرور الوقت، بدأ أفراد الأسرة والنشطاء في انتقاد عدم إحراز تقدم في ملف مينغيستو وعلاقة ذلك بكونه إثيوبيًا، مما يعكس التهميش الأوسع للمجموعة العرقية في إسرائيل.
اتساع نطاق التهميش
في عام 2015، أثار ليور لوتان، الذي كان ولا يزال يشغل منصب كبير مفاوضي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ضجة بعد زيارته للعائلة وتهديدها ومطالبته إياها بعدم ربط قضية مينغيستو بالقضايا الأوسع للتمييز ضد المجتمع الإثيوبي في إسرائيل.
لن يرى نضال الإثيوبيين في إسرائيل العدالة الحقيقية دون ربط مصيرنا بالمصير الفلسطيني، وإعادة التفكير في علاقتنا مع الدولة.
وفي تسجيل صوتي لاتصال دار بين رئيس الوزراء وافراد من عائلة الأسير، لام والد مينغيستو نتنياهو لعدم رده على رسائل كان قد بعثها له مرارا وتكرارا.
وفي قصة مشابهة، احتجزت حماس في عام 2015 هشام السيد، جندي إسرائيلي من أصل عربي، يعاني أيضًا من مشاكل نفسية، بعد عبوره إلى غزة سيرًا على الأقدام.
قبل حوالي ستة أشهر، شوهد السيد في شريط فيديو نشرته حماس وهو في حالة طبية سيئة، هنا أيضًا، نشهد سياسة انعدام التكافؤ في تقدير حياة الافراد في إسرائيل.
يذكرنا الغياب شبه الكامل للسيد عن الرأي العام بأن حياة الفلسطينيين وقيمتهم تخضعان لسياسة مختلفة تماما تجعلهم خارج النقاشات حول التضامن أو مسؤولية الدولة تجاه مواطنيها.
كما يذكرنا إهمال منغيستو بأن حياة الإسرائيليين الإثيوبيين هي ورقة مساومة رهيبة، بينما يكشف محو السيد من المشهد عن مدى عنف الدولة.
يجب أن تتمحور مهمة جيلنا حول فهم العلاقة التي تجمع الدولة بالمجتمعات العرقية كالإثيوبيين والفلسطينيين وتخيل مستقبل مشترك، فلن يرى نضال الإثيوبيين في إسرائيل العدالة الحقيقية دون ربط مصيرنا بالمصير الفلسطيني، وإعادة التفكير في علاقتنا مع الدولة.
وفي المحادثة المذكورة أعلاه، قال مفاوض رئيس الوزراء: “سأقول لكم هذا بأقسى طريقة ممكنة، من يثقل كاهل أفيرا بالقصة بين الجالية الأثيوبية ودولة إسرائيل، يتركه في غزة لمدة عام آخر”.
ومنذ ذلك الحين، تم إسكات الحديث عن الروابط العديدة بين وضع مينغيستو وتهميش الإثيوبيين، ونتيجة لذلك، لا يزال قابعا في الأسر لأكثر من ثماني سنوات، بينما يعاني هو وعائلته.