حرب الظل الرقمية في السودان.. كيف أصبحت الإمارات مقرّ قيادة حسابات الدعم السريع على منصات التواصل؟

كشف تحقيق لموقع ميدل إيست آي أن عددًا من الحسابات المرتبطة بقوات الدعم السريع في السودان تُدار من خارج البلاد، وتحديدًا من دولة الإمارات العربية المتحدة، وفق ميزة جديدة أطلقتها منصة “X” تتيح معرفة موقع تشغيل الحسابات.

وخلال الأيام الأخيرة، أتاح “X” للمستخدمين خاصية تُظهر البلد أو المنطقة التي يُدار منها الحساب، ومن أي متجر تطبيقات يتم الاتصال بالمنصة.

وبحسب البيانات التي رصدها ميدل إيست آي، فإن عددًا من حسابات شخصيات سياسية ومؤسسات تابعة لقوات الدعم السريع أو داعمة لها تُدار من داخل الإمارات.

من بين هذه الحسابات حساب “وزارة الداخلية” التابعة لحكومة “السلام والوحدة” الموازية التي شكّلتها قوات الدعم السريع، وحساب غوني مصطفى أبو بكر شريف، ممثل الحكومة الموازية لدى الأمم المتحدة، بالإضافة إلى حسابات أخرى تابعة لـ”وزارة الخارجية” ومكتب رئيس الوزراء في الإدارة الموازية، وظهر أنها تُدار من منطقة “غرب آسيا” وليس السودان.

ويقول مستخدمون على منصة “إكس” إن بعض هذه الحسابات كانت تظهر سابقًا بأنها تُدار من الإمارات قبل أن تتغير إلى “غرب آسيا”، ولم يتمكن ميدل إيست آي من التحقق من ذلك بشكل مستقل.

وكان فارس النور، مستشار حكومة الدعم السريع والمفاوض السابق باسم قواتها يدير حسابه أيضًا من الإمارات، رغم اتصاله عبر متجر تطبيقات المملكة المتحدة.

أما السياسي السوداني إبراهيم الميرغني، المعروف بدعمه للدعم السريع، فيُدرج موقعه على أنه “السودان”، لكن بيانات “x” تُظهر أن حسابه يُدار من الإمارات ومتصل بمتجر التطبيقات الإماراتي.

وتقول منصة “إكس” في توضيحها للميزة الجديدة: “البلد أو المنطقة التي يبدو أن الحساب يُدار منها قد تتأثر بالسفر أو الانتقال المؤقت، وقد لا تكون بيانات دقيقة وتخضع للتغيير”.

حسابات مشبوهة وحملة تضليل

ووفقًا لتحليل أجراه خبير التضليل مارك أوين جونز، فقد ثبت أن حساباً لطبيب يُدعى “عماد” يعرّف نفسه بأنه من كولومبوس في ولاية أوهايو ينشر دعاية حول الصراع في السودان.

وينشر الحساب أيضًا محتوى مؤيدًا لدولة الاحتلال ويربط الجيش السوداني بجماعة الإخوان المسلمين و”المنظمات الجهادية”، حيث كشفت الميزة الجديدة في X أن الحساب يُدار من الإمارات.

كما أظهرت البيانات أن حساب المحلل جدو موسى، الذي ينشر محتوى مناصرًا للدعم السريع ويربط الجيش بالإخوان المسلمين، يُدار أيضًا من الإمارات رغم الإشارة إلى أنه داخل السودان.

وتدار حسابات تخص الإدارة المدنية في غرب دارفور الخاضعة لسيطرة الدعم السريع، بالإضافة إلى حساب القوني دقلو، شقيق قائد القوات محمد حمدان دقلو (حميدتي)، من الإمارات أيضاً.

وحصل ميدل إيست آي من مصادر أمريكية على بيانات استخبارية  تُظهر أن مقربين من عبد الرحيم دقلو، نائب قائد الدعم السريع وشقيق حميدتي، سافروا من زالنجي ونيالا في دارفور إلى أديس أبابا، قبل أن يستقلوا طائرات خاصة (غير تجارية) إلى أبوظبي.

وقال مصدران مطلعان على حرب السودان لـ ميدل إيست آي إن حركة الحسابات على الإنترنت تشير إلى “حرب معلومات” بين حسابات مدعومة من الإمارات وأخرى مدعومة من السعودية.

فيسبوك أيضًا: إدارة من الإمارات

واستخدم ميدل إيست آي خاصية “شفافية الصفحات” في فيسبوك، ليجد أن عددًا من الصفحات المرتبطة بالدعم السريع تُدار كذلك من الإمارات.

فعلى سبيل المثال، اتضح أن صفحة رئيس الوزراء في الحكومة الموازية، وصفحة السياسي إبراهيم الميرغني، لديهما مدراء صفحات مقيمون في الإمارات.

كما يتبين أن حساب حذيفة أبو نوبة، المعرّف بأنه رئيس مجلس استشاري للدعم السريع، يُدار من السودان والإمارات، إضافة إلى موقعين آخرين غير معلنين، في حين يظهر حسابه على “X” في نيالا بجنوب دارفور، بينما تؤكد بيانات المنصة أنه يُدار من الإمارات.

,كان ميدل إيست آي قد نشر في يناير/كانون الثاني 2024 تحقيقًا كشف تزويد الإمارات قوات الدعم السريع بالأسلحة عبر شبكة إمداد تمتد إلى ليبيا وتشاد وأوغندا والصومال.

كما كشف في تقارير حديثة عن طرق إمداد جديدة عبر بوصاصو وبربرة في منطقتي بونتلاند وأرض الصومال، حيث تنشط القوات الأمريكية. 

وتشير تقارير استخباراتية أمريكية إلى أن الإمارات زادت من تزويد قوات الدعم السريع بطائرات صينية مسيّرة وأنظمة تسليح أخرى، رغم نفي أبو ظبي المتواصل دعمَها للقوات.

ومنذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل/نيسان 2023، وُجهت لقوات الدعم السريع اتهامات بارتكاب مجازر واسعة وجرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية في دارفور، كما وُجهت للقوات المسلحة السودانية اتهامات بارتكاب جرائم حرب.

مقالات ذات صلة