واشنطن تبتز العدالة الدولية: إما حصانة لترامب وإسرائيل… أو عقوبات على الجنائية الدولية

ترجمة وتحرير موقع بالعربية

كشفت وكالة رويترز أنّ الإدارة الأميركية أبلغت المحكمة الجنائية الدولية بشكل صريح بأن عليها تعديل نظامها الأساسي بما يضمن تحصين الرئيس الأميركي وكبار مساعديه من أي ملاحقة، ووقف التحقيقات المتعلقة بدولة الاحتلال والجرائم في غزة وأفغانستان، أو مواجهة عقوبات أوسع تطال موظفي المحكمة وربما المؤسسة نفسها.

وبحسب المصدر الذي نقلت عنه رويترز، فإن واشنطن طالبت المحكمة بوقف أي تحرّك يطال مسؤولين في دولة الاحتلال على خلفية حرب الإبادة في غزة، والتي اعترفت الأمم المتحدة وعدد كبير من المؤرخين والباحثين بأنها إبادة جماعية مكتملة الأركان. 

كما طالبت الإدارة الأميركية في عرضها، الذي يعد تصعيداً غير مسبوق ضد أهم مؤسسة عدلية دولية، بإنهاء التحقيق في الانتهاكات المحتملة للقوات الأميركية في أفغانستان.

ووفقًا للمصدر ذاته، فإن إدارة ترامب تستعد لفرض عقوبات جديدة على المحكمة إذا لم تستجب لمطالبها، وسط تساؤلات حول احتمال أن تشمل تلك التحقيقات عمليات القصف الأميركية المباغتة ضد قوارب يُشتبه في أنها تحمل مخدرات في البحر الكاريبي، والتي أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 80 شخصًا. 

غير أن المحكمة الجنائية الدولية قالت لرويترز إنها لم تتلقَّ أي طلبات لفتح تحقيق في الضربات الأميركية ضد فنزويلا.

ضغوط أميركية تتزايد

وكان موقع ميدل إيست آي قد كشف النقاب قبل أيام عن رفض الهيئة المشرفة على المحكمة ضغوطًا أميركية تهدف إلى إسقاط التحقيقات المتعلقة بجرائم الحرب في فلسطين، وأن المحكمة رفضت كذلك تعديل “نظام روما” بما يمنع ملاحقة مواطني الدول غير الموقعة عليه.

وبحسب دبلوماسيين حضروا اجتماعات جمعية الدول الأطراف الأسبوع الماضي، فإن الإدارة الأميركية كثّفت ضغوطها قبل الاجتماع، واشترطت رفع العقوبات عن المحكمة مقابل إسقاط التحقيقات في فلسطين وأفغانستان. 

كما دفعت واشنطن باتجاه تعديل نظام روما الأساسي ليمنح مواطني الدول غير الموقعة بما في ذلك الأميركيون ومستوطنو دولة الاحتلال وقادتها حصانة كاملة أمام المحكمة.

يُذكر أن الولايات المتحدة ودولة الاحتلال ليستا طرفين في نظام روما، لكن هذا لا يمنع المحكمة من ممارسة اختصاصها عندما تقع الجرائم في أراضٍ خاضعة لولايتها، كما هو الحال في فلسطين.

ويرى خبراء قانونيون أنّ تنفيذ المقترح الأميركي قد يقوّض عمل المحكمة بالكامل، إذ سيؤدي أيضًا إلى إنهاء التحقيق بشأن جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا، باعتبار روسيا دولة غير موقعة على النظام الأساسي.

تزايد التهديدات للمحكمة

وبحسب ثلاثة دبلوماسيين اطّلعوا على التفاصيل، فقد قُدمت المطالب الأميركية خلال اجتماع الشهر الماضي، عبر دبلوماسي من دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، إلى ممثلي الدول الـ125 الموقعة على نظام روما الأساسي.

وتأتي هذه الضغوط في لحظة حرجة للمحكمة، التي تواجه هجومًا غير مسبوق بسبب تحقيقها في جرائم دولة الاحتلال في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما تستهدف العقوبات الأميركية عددًا من القضاة الذين عملوا على ملف أفغانستان، وهو التحقيق الذي تم تهميشه عام 2021 ليُركّز فقط على المتهمين من الجنسية الأفغانية دون الأميركيين.

ويبحث قضاة المحكمة حاليًا الطعن الذي تقدمت به دولة الاحتلال ضد اختصاص المحكمة في ملف فلسطين، إلى جانب شكوى أخرى قدمتها دولة الاحتلال في 17 نوفمبر/تشرين الثاني تتهم المدّعي العام بالتحيز.

وكان المدّعي العام للمحكمة كريم خان قد أخذ إجازة طوعية منذ مايو/أيار الماضي بانتظار تحقيق أممي في اتهامات ينفيها بشدة. 

ومنذ فبراير/شباط، فرضت إدارة ترامب عقوبات مالية ومنع سفر على خان ونائبيه، وستة قضاة، والمقرر الأممي الخاص بفلسطين، وثلاث منظمات فلسطينية غير ربحية.

وتُجمع أطراف قانونية ودبلوماسية على أن هذه الضغوط تمثل واحدة من أخطر الهجمات السياسية على منظومة العدالة الدولية منذ تأسيس المحكمة، وأنها تسعى عمليًا إلى منح حصانة مطلقة لواشنطن ودولة الاحتلال في مواجهة أي مساءلة دولية عن جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة