ترجمة وتحرير موقع بالعربية
خلال الأيام القليلة الماضية، كان صابر دواس وزوجته يكافحان من أجل الحفاظ على دفء بناتهما السبعة بعد أن دمرت الأمطار الغزيرة والرياح القوية خيمتهما في غزة.
وتعيش الأسرة في خيمة مؤقتة في استاد اليرموك وسط غزة منذ أن دمر الاحتلال منزلهم في بيت لاهيا خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع.
“هل هذا هو شكل وقف إطلاق النار؟ بدلاً من البقاء في منازلنا نموت من البرد في خيام هشة”، حيث تواجه عشرات العائلات في المخيم المحنة نفسها، خاصة تلك التي تعيش في خيام متهالكة لا تستطيع تحمل الشتاء الممطر؟” – صابر من غزة لميدل إيست آي
منذ بداية فصل الشتاء، يعيش صابر في خوف دائم، فخيمتهم الهشة لم توفر سوى القليل من الحماية من المطر أو الرياح، وكان يعلم أنها قد تنهار في أي لحظة.
قبل أسبوعين، غمرت مياه الأمطار الخيمة بالفعل، حيث وصل منسوبها إلى ما يقرب من 30 سم، وأصيبت بناته بنزلات برد استمرت لعدة أيام، وفي محاولة يائسة لمنع حدوث ذلك مرة أخرى، اقترض صابر المال من أحد أقاربه لشراء قطعة من القماش المشمع البلاستيكي وعزز الخيمة بأعمدة خشبية، ولكن عندما ضربت العاصفة الأخيرة غزة قبل بضعة أيام، لم تصمد خيمته.
قال صابر لموقع ميدل إيست آي: “قضيت الليلة الأولى من المطر وأنا أحمل الخيمة بيدي بينما كان المطر يهطل من كل اتجاه، فقد شعرت وكأنني لم أفعل شيئاً على الإطلاق، فقد انهارت الخيمة علينا في الساعات الأولى من المطر”.
وبينما غمرت المياه كل شيء بداخل الخيمة، ارتعدت بنات صابر طوال الليل، فقال: “كانت كل ملابسنا وبطانياتنا وطعامنا مبللة، ولم أكن أعرف ماذا أفعل أو إلى أين آخذ عائلتي”.
تعاني ابنة صابر الصغرى، البالغة من العمر عامين فقط، من سرطان المعدة وتعاني من ضعف شديد في جهاز المناعة، وعن هذا قال صابر: “أواصل نقلها من خيمة إلى أخرى في المخيم، فقد غمرت المياه كل شيء، وهي مصابة بالأنفلونزا، ولا أستطيع حتى الحصول على الدواء لها، كنت أتمنى لو مت قبل أن أصل إلى اليوم الذي أشاهد فيه بناتي يتجمدن بينما لا أستطيع توفير الدفء لهن”.
وختم بالقول: “هل هذا هو شكل وقف إطلاق النار؟ بدلاً من البقاء في منازلنا نموت من البرد في خيام هشة”، حيث تواجه عشرات العائلات في المخيم المحنة نفسها، خاصة تلك التي تعيش في خيام متهالكة لا تستطيع تحمل الشتاء الممطر؟”.
“مطر من فوقنا، ومياه صرف صحي من تحتنا”
على بعد بضع خيام، تعيش سناء الأيوبي مع زوجها، الذي فقد ساقيه، وطفليهما سارة ومحمد، بخيمة بعد قصف منزلهم في تل الهوى غرب مدينة غزة في ديسمبر عام 2024، حيث كانت سناء حاملاً في ذلك الوقت وأصيبت بجروح خطيرة في الهجوم، لكنها تعافت فيما بعد، واحتمت الأسرة في خيمة متهالكة منذ ذلك الحين.
تكشف لاحقاً كيف سقط المطر على آبار الصرف الصحي المعطلة أثناء الحرب، وفي هذا قالت سناء لميدل إيست آي: “لم يتوقف المطر منذ 3 أيام، فهناك مطر من فوقنا ومياه صرف صحي من تحتنا”.
أثناء هطول المطر، انكسر العمود الخشبي المركزي للخيمة، وانهار على الأسرة، تقول سناء: “كان زوجي يزحف في الماء، وكان جسده مبللاً بالكامل، وأنا حاولت إمساك الخيمة بعصا المكنسة، لكن المطر كان قوياً جداً”.
“لقد أمضينا الليل بأكمله في استخراج الماء، فقد كان الأثاث مبللاً، وكان المطر غزيراً للغاية بحيث لا يمكن السيطرة عليه” – نسمة من غزة لميدل إيست آي
لا يستطيع زوج سناء استخدام رجليه الصناعية لأن الخيمة مملوءة بالماء، فقالت: “كان علي أن أحمله إلى الخارج، فنحن نتجمد من البرد، وهناك بكتيريا تتشكل على ساقيه لأنها كانت مبللة لفترة طويلة”، فقد كانت معظم مفروشاتهم وملابسهم مبللة بمياه الصرف الصحي وكان لا بد من التخلص منها.
اتصلت سناء ببلدية غزة بعد انفجار حفرة صرف صحي أسفل خيمتهم، فقالت: “أخبروني بأنهم سيأتون ولكن لم يظهر أحد”.
قبل الحرب، كانت سناء معلمة في مدرسة ابتدائية وتدير مركزاً تعليمياً صغيراً أسفل منزلها، واليوم، تعتمد عائلتها بشكل كامل على الوجبات الخيرية الموزعة في المخيم، تقول: “لا نستطيع شراء ملابس جافة جديدة أو خيمة أو دواء”.
“الريح مزقت كل شيء”
ولا تقتصر المعاناة على الخيام، ففي حي الكرامة شمال مدينة غزة، تعيش نسمة حسن مع ابنتها البالغة من العمر 4 سنوات في أنقاض منزل عائلتها المدمر، بعد أن قُتل زوجها علي في غارة جوية إسرائيلية عام 2024.
تعرض مبنى عائلة نسمة المكون من 4 طوابق لأضرار جسيمة قبل شهر من وقف إطلاق النار، ولم يتبق منه سوى غرفتين مسقوفتين، وفي حديثها لميدل إيست آي، قالت نسمة: “حاولنا الاستعداد لفصل الشتاء، فاشترينا الخشب والقماش والأغطية البلاستيكية، ولكن عندما بدأ المطر، مزقت الرياح كل شيء”.
تسربت المياه إلى كل ركن من أركان المنزل، بما في ذلك الغرفتين المتبقيتين، فقالت: “لقد أمضينا الليل بأكمله في استخراج الماء، فقد كان الأثاث مبللاً، وكان المطر غزيراً للغاية بحيث لا يمكن السيطرة عليه”.
جلست نسمة وابنتها في أحد أركان الغرفة، محاولتين تجنب الفيضان، فقالت: “ابنتي تعاني من البرد منذ 3 أيام، فأنا ألبسها طبقات من الملابس، مع قبعة وقفازات، لكن لا يزال يبدو الأمر وكأننا ننام في الشارع، كما أنها تشعر بالذعر من صوت الرعد وقطرات المطر داخل الغرفة، بالإضافة إلى الضجيج المزعج الذي يحدثه الهواء وهو يلامس أنقاض المنزل”.
وتخطط نسمة لشراء خيمة ونصبها على الأنقاض في الخارج، حيث تقول: “قبل الحرب، كنت أحب الشتاء، فقد كان وقتاً من الدفء والآن أنتظر انتهاءه خوفاً من انهيار بقية المنزل علينا”.
بحسب الدفاع المدني في غزة، فقد استشهد ما لا يقل عن 11 شخصاً وأصيب 11 آخرون خلال الأيام الثلاثة الماضية بعد انهيار منازل مدمرة جزئياً بسبب الأمطار الغزيرة والرياح القوية.
وقد ورد في بيان للدفاع المدني في غزة: “لقد قمنا بالاستجابة لانهيار 13 منزلاً مدمراً جزئياً، معظمها في مدينة غزة والشمال، كما تعاملت فرقنا أيضاً مع مئات الخيام التي غمرتها المياه، وقامت بضخ المياه وفتح قنوات الصرف الصحي”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)







