لم يتم التوصل إلى نتائج ملموسة حول غزة خلال اجتماع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولكن هناك شيئاً واحداً تم إنجازه، وهو تلقي ترامب لجائزة جديدة.
أعلن نتنياهو بأنه قد منح أعلى وسام في إسرائيل “جائزة إسرائيل”، للرئيس الأمريكي “لمساهماته الهائلة لصالح إسرائيل والشعب اليهودي”، وأنه أول شخص غير إسرائيلي يحصل عليها.
وفق عرض تقديمي مؤلف من 32 صفحة بعنوان “مشروع الشروق”، أعده المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وصهر ترامب، جاريد كوشنر، فإن تكلفة إعادة إعمار غزة وتحويلها إلى مركز حضري عالي التقنية تحتاج أكثر من 112 مليار دولار
رداً على ذلك، أغدق ترامب الثناء على نتنياهو، ووصفه بأنه “رئيس وزراء في زمن الحرب على أعلى مستوى”، معترفاً بعلاقته شخصية قوية تربطه بنتنياهو عندما سُئل عن علاقته الشخصية بنتنياهو، لدى استقباله على عتبة منتجع مارالاغو في بالم بيتش بولاية فلوريدا.
قال ترامب: “قد يكون صعباً للغاية في بعض الأحيان، لكنك بحاجة إلى رجل قوي، فإذا كان لديك رجل ضعيف، فلن تكون لديك إسرائيل الآن، لو كان قائداً آخر، لربما لم تكن إسرائيل لتكون موجودة اليوم”.
يذكر أن اجتماعهم جاء في الوقت الذي تم فيه إيقاف خطة وقف إطلاق النار التي أطلقها ترامب، والتي دخلت حيز التنفيذ في 10 أكتوبر الماضي في غزة، بحجة نزع سلاح حماس كما يدعي الأمريكيون والإسرائيليون.
قبل الجلسة الأخيرة، أشار ترامب للصحفيين إلى أنه في حين أنه لا يزال يريد أن يرى حماس تلقي أسلحتها وفقاً لخطته المكونة من 20 نقطة، فإنه قد يفكر في الدفع باتجاه مشاريع إعادة الإعمار في غزة قبل أن يحدث ذلك.
أما بعد لقائه بنتنياهو، فقد تبنى لهجة أكثر حزماً، حيث قال: “سيتم منحهم فترة زمنية قصيرة للغاية لنزع أسلحتهم، وسنرى كيف سيتم ذلك، فإذا لم يلقوا أسلحتهم فسوف يكون هناك جحيم لدفع ثمنهم، ونحن لا نريد ذلك، لكن عليهم أن يلقوا أسلحتهم خلال فترة زمنية قصيرة”.
وأشار ترامب أيضاً إلى أن هناك دولاً “خارج الشرق الأوسط” من التي وقعت على خطته لوقف إطلاق النار في غزة، وأنها سوف تكون مستعدة لإرسال قوات لنزع سلاح حماس بنفسها، لكنه لم يذكر اسماً، وقال: “قالوا دعونا نفعل ذلك من أجلكم، فهم يريدون أن يفعلوا ذلك لأنه الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله”.
تجدر الإشارة إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي نصب نفسه رئيساً لما أسماه مجلس السلام في غزة، والذي لم يعرف بعد أعضاؤه، شبه غزة في السابق بـ “موقع الهدم”، وقال: “لقد كان هناك فوضى لفترة طويلة، ويبدو أنها ولدت من أجل ذلك، لكننا سنصحح الأمر”، دون تقديم تفاصيل.
وفق عرض تقديمي مؤلف من 32 صفحة بعنوان “مشروع الشروق”، أعده المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف وصهر ترامب، جاريد كوشنر، فإن تكلفة إعادة إعمار غزة وتحويلها إلى مركز حضري عالي التقنية تحتاج أكثر من 112 مليار دولار.
وتقترح الخطة، التي نشرتها صحيفة وول ستريت جورنال لأول مرة في وقت سابق من هذا الشهر، أن تدفع الولايات المتحدة 20% من تلك التكلفة، ومن المتوقع أن يستغرق المشروع 10 سنوات حتى يؤتي ثماره.
من ناحية أخرى، فقد أعرب مسؤولون أمريكيون لم تذكر أسماؤهم تحدثوا إلى صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن شكوكهم في إمكانية تنفيذ شيء من هذا القبيل، خاصة مع وجود ما يقرب من مليوني فلسطيني لا يزالون يعيشون في غزة.
وكانت مجلة ذا أتلانتيك أول من نشر تقريراً عن مشروع آخر لبناء مشروع سكني تحت مسمى “المجتمعات الآمنة البديلة” خلف “الخط الأصفر” الإسرائيلي في غزة، وهي مناطق تقع إلى حد كبير على طول الأطراف الجنوبية والشرقية من غزة، التي تحتلها إسرائيل عسكرياً اليوم.
وفقاً للمقترح الأمريكي الذي اقترحه أحد كبار الجنرالات، فإن على الفلسطينيين الذين يريدون الانتقال إلى هناك أن يخضعوا لفحص للتأكد من وجود “مشاعر معادية لحماس” لديهم”.
ونقلاً عن استطلاع للرأي أجرته مؤسسة غالوب الدولية، أكد ترامب على قناعته بأن “أكثر من نصف” سكان غزة سوف يغادرون إذا أتيحت لهم الفرصة، مع الإشارة إلى أن مؤسسة غالوب أكدت بأن معظم الفلسطينيين لا يرغبون في المغادرة بشكل دائم.
أردوغان
عندما سُئل عما إذا كان من الممكن أن تتمركز القوات التركية في غزة كقوة عازلة، قال ترامب بأنه يود أن يحدث ذلك رغم اعتراضات نتنياهو القوية السابقة على الأمر.
خلال اللقاء أيضاً، ضغط أحد المراسلين على ترامب حول مدى جدوى مثل هذه الخطوة، بالنظر إلى المقارنة السابقة التي أجراها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بين نتنياهو وأدولف هتلر، فرد ترامب: “إنه صديق جيد جداً وأنا أحترمه وبيبي يحترمه، ولا أعتقد أننا سوف نواجه مشكلة”.
وأضاف ترامب في إشارة إلى دعم تركيا القوي للرئيس السوري الحالي أحمد الشرع، أن أردوغان ساعد أيضاً “بشكل كبير في التخلص من حاكم سيئ للغاية لسوريا، ولم يرغب قط في أن يُنسب إليه الفضل في ذلك، لكنه حصل بالفعل على الكثير من الفضل، وبيبي يوافق على ذلك”، ولكن نتنياهو لم يعلق على الأمر.
لا تزال إسرائيل تحتل عسكرياً 58% من القطاع، وتطلق النار على أي شخص يقترب من الخط الأصفر، كما أكدت الأمم المتحدة بأن إسرائيل لم تسمح أيضاً بوصول المساعدات دون قيود رغم ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار
مع اختتام المؤتمر الصحفي، أراد المراسلون الأتراك معرفة ما إذا كان ترامب سوف يوافق على بيع الطائرات المقاتلة من طراز F-35 المرغوبة للغاية إلى أنقرة، فقال: “نحن نفكر في الأمر بجدية أكبر، فهم لن يستخدموها أبداً ضد إسرائيل”.
وقف إطلاق نار هش
منذ شهرين، أعطى الرئيس الأمريكي دلائل على أن المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار سوف تبدأ “قريباً جداً” – ولكن باعتبار الولايات المتحدة الضامن الوحيد للاتفاق، فهي لم تتمكن من ضبط إسرائيل.
وفقاً للمكتب الإعلامي لحكومة غزة، فإن إسرائيل ارتكبت 1000 انتهاك لوقف إطلاق النار خلال شهرين ونصف، استشهد فيها أكثر من 400 فلسطيني، من بينهم قائد في الجناح العسكري لحماس، كتائب القسام، وبحسب ما ورد، فقد وبخ البيت الأبيض نتنياهو بسبب تلك الضربة بالذات، والتي اعتبرت بمثابة تصعيد في غزة.
ولا تزال إسرائيل تحتل عسكرياً 58% من القطاع، وتطلق النار على أي شخص يقترب من الخط الأصفر، كما أكدت الأمم المتحدة بأن إسرائيل لم تسمح أيضاً بوصول المساعدات دون قيود رغم ما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار.
من جانب حماس، تم إعادة 254 من الأسرى الإسرائيليين الـ 255 المحتجزين في غزة، أحياءً وأمواتاً، إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ولم يتق إلا بقايا أسير واحد.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت إسرائيل تتحرك بسرعة كافية لتنفيذ خطته، قال ترامب: “لست قلقاً من أي شيء تفعله إسرائيل، بل أنا قلق مما قد يفعله الآخرون أو ربما لا يفعلونه، فإسرائيل نفذت الخطة بنسبة 100%”.
“نزع السلاح الكامل غير مقبول”
تعارض الغالبية العظمى من الفلسطينيين نزع سلاح حماس، وتشكك بشدة في أن خطة ترامب للسلام سوف تؤدي إلى نهاية دائمة للحرب الإسرائيلية على غزة.
وفقاً لاستطلاع أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية (PCPSR)، قال حوالي 70% من الفلسطينيين الذين شملهم الاستطلاع في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وذلك بعد أسبوعين فقط من إعلان وقف إطلاق النار، بأنهم يعارضون بشدة نزع سلاح حماس، حتى لو كان ذلك يعني العودة إلى الهجمات الإسرائيلية.
هذه الفكرة غير مقبولة بالنسبة لنتنياهو بالطبع، رغم أن حماس عرضت بالفعل “دفن” أسلحتها مقابل ضمان هدنة تدوم 10 سنوات مع إسرائيل، وهو ما من شأنه أن يسمح بإعادة بناء غزة وإقامة دولة فلسطينية، خاصة في ضوء اعتراف الأمم المتحدة ومعظم الديمقراطيات الصناعية في العالم الآن بدولة فلسطين في محاولة للتوصل إلى حل طويل الأمد.
في وقت سابق من هذا الشهر، صرح القيادي في حماس، خالد مشعل، لقناة الجزيرة : “إن فكرة نزع السلاح الكامل غير مقبولة لدى المقاومة، فما يتم طرحه هو تجميد أو تخزين الأسلحة لتوفير ضمانات ضد أي تصعيد عسكري من غزة مع الاحتلال الإسرائيلي”.
والآن، في محاولة للمضي قدماً في خطته لوقف إطلاق النار، والتي تحمل اسمه، يمكن أن يحاول ترامب تجنب هذه القضية الشائكة مؤقتاً من خلال إقناع إسرائيل بالسماح ببدء مشاريع إعادة الإعمار في القطاع.
من جهة أخرى، فليس سراً بأن ترامب يريد من دول الخليج الغنية بالنفط أن تستثمر بكثافة في هذا الجهد، ففي نوفمبر الماضي، عرض ترامب الأمر على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في البيت الأبيض، لكن الزعيم السعودي لم يبدِ التزاماً بإعادة الإعمار.
من جانبه، استبعد أيضاً رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني تمويل إعادة إعمار غزة، حيث قال في مقابلة أجريت معه في ديسمبر الحالي في منتدى الدوحة: “لسنا من سيكتب الشيك لإعادة بناء ما دمره الآخرون، فإسرائيل هي من سوت هذه الأرض بالأرض”.
ويرى الخبراء بأن التسوية السياسية التي يمكن أن تستمر فعلياً يجب أن تتضمن الاعتراف بدولة فلسطينية لـ 7.5 مليون فلسطيني في جميع أنحاء الأراضي المحتلة.
“لقد فزنا للتو بحرب كبيرة معاً، فكما تعلمون، لو لم نهزم إيران، لما كان هناك سلام في الشرق الأوسط، لأنه لم يكن أحد يستطيع ذلك، فالدول العربية، التي كانت رائعة، لم تكن لتتمكن من عقد صفقة إذا لم نمحو قدراتها النووية” – دونالد ترامب خلال لقاء مع صحفيين
وفي الوقت الذي تشير فيه خطة ترامب المكونة من 20 نقطة إلى التطلع إلى إقامة الدولة، إلا أن نهج الإدارة المؤيد بقوة لإسرائيل، بقيادة المسيحيين الإنجيليين الذين لا يستخدمون مصطلح “فلسطيني”، لا يمكن أن يكون أبعد عن الاعتراف، كما فعل أقرب حلفائها.
في حديثه لميدل إيست آي، أشار مدير برنامج كارنيغي للشرق الأوسط، قال عمرو حمزاوي، إلى أن مصر طلبت بالفعل من الولايات المتحدة المساعدة في تنظيم قمة إعادة إعمار غزة في أكتوبر الماضي، لكن “الظروف السياسية الحالية متناقضة وغامضة وغير واضحة”.
وأشار حمزاوي إلى الوثيقة التي تم الكشف عنها لأول مرة في مارس الماضي، وتم التوقيع عليها في يوليو الماضي، فقال: “لدينا خطة لإعادة الإعمار طورتها مصر واعتمدتها الجامعة العربية، فالخطة موجودة وتنفيذها يعتمد على الإرادة السياسية لدى الجانب الإسرائيلي ومسألة إعادة الإعمار على المستويين الإقليمي والدولي”.
إيران
في حديثه لميدل إيست آي، أشار مؤسس المجموعة التي كانت تُعرف سابقًا باسم “الأمريكيون العرب من أجل ترامب” – والتي أعيدت تسميتها الآن إلى “أمريكيون من أجل السلام العالمي”، بشارة بحبح، بأنه متأكد من أن ترامب “سوف يطالب بدخول المرحلة الثانية” خلال لقائه مع نتنياهو.
وقد لعب بحبح، وهو رجل أعمال وأكاديمي فلسطيني أمريكي، دوراً رئيسياً في الفترة التي سبقت وقف إطلاق النار كوسيط بين ويتكوف وقيادة حماس، وقضى معظم هذا العام في المنطقة، فقال: “نتنياهو لن يكون أمامه خيار سوى المضي قدماً، لكن ما الذي سيحصل عليه بيبي في المقابل؟ فمن الواضح أن هناك تنازلات حول ضربة إيرانية وتجديد صواريخ إسرائيل الاعتراضية المضادة للصواريخ”.
خارج منتجعه في فلوريدا، قال ترامب للصحافيين، وهو يشير إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي: “لقد فزنا للتو بحرب كبيرة معاً، فكما تعلمون، لو لم نهزم إيران، لما كان هناك سلام في الشرق الأوسط، لأنه لم يكن أحد يستطيع ذلك، فالدول العربية، التي كانت رائعة، لم تكن لتتمكن من عقد صفقة إذا لم نمحو قدراتها النووية”.
وتشكك إيران في أن القصف الإسرائيلي والأمريكي في يونيو الماضي قد “طمس” مواقعها النووية كما يريد الأمريكيون والإسرائيليون، حيث قال ترامب: “سمعت أن إيران تحاول بناء القدرات مرة أخرى، وإذا فعلوا ذلك، فسوف يتعين علينا أن نهدمهم، وسوف نضربهم بشدة، ولكن نأمل ألا يحدث ذلك، فقد سمعت أن إيران تريد عقد اتفاق، وإذا أرادوا إبرام اتفاق، فهذا أكثر ذكاءً بكثير”.
كان الرئيس الأمريكي قدم العرض نفسه في شهر مارس الماضي، بل وبدأ محادثات مباشرة بين واشنطن وطهران في عمان، قبل أن يتحول ويدعم إسرائيل في حربها التي استمرت 12 يوماً ضد الجمهورية الإسلامية، وبلغ ذلك ذروته بضربات جوية أمريكية مفاجئة غير مسبوقة على المنشآت النووية الثلاث الرئيسية في إيران.
في حديثه لميدل إيست آي، أوضح نائب الرئيس التنفيذي لمعهد كوينسي لفن الحكم المسؤول، تريتا بارسي: “يبدو أن ترامب قد تبنى الرواية الإسرائيلية بشأن الخطاف والخط والثقب الإيراني، ففي كل مرة يفعل ذلك، حتى لو لم يكن ينوي في البداية خوض الحرب نيابة عن إسرائيل، ينتهي به الأمر إلى القيام بذلك بالضبط”.
سأل أحد الصحفيين ترامب في المؤتمر: “هل تؤيد الإطاحة بالنظام الإيراني؟”، فرد قائلاً: “لن أتحدث عن إسقاط النظام، فلديهم الكثير من المشاكل من تضخم هائل واقتصاد في حالة إفلاس، وفي كل مرة تحدث فيها أعمال شغب أو يشكل شخص ما مجموعة، يبدأون في إطلاق النار على الناس، وهناك استياء هائل”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)







