بقلم رجب صويلو
بلغت شعبية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب “العدالة والتنمية” الذي يتزعمه أعلى مستوى لها منذ عامين عقب الزيادة الكبيرة في الإنفاق والخطوات التي استفاد منها ملايين الناخبين قبل الانتخابات المزمع إجراؤها في مايو/آيار المقبل.
وتظهر استطلاعات الرأي المختلفة أن التأييد الشعبي لأردوغان عاد مجددا إلى المستويات التي كان عليها في فبراير 2021، أي قبل وقت طويل من صدمة التضخم التي ضربت البلاد في وقت لاحق من ذلك العام في ظل سياسته النقدية غير التقليدية.
الاستطلاعات تشير إلى حصول حزب أردوغان وحليفه على نسبة 44% من أصوات الناخبين
وأظهر استطلاعا رأي لمراكز بحثية خاصة رئيسية في تركيا خلال يناير أن 40-42 بالمائة من المستطلعين قالوا إنهم سيصوتون لأردوغان في الانتخابات المقبلة، فيما حقق حزب العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية شريكه في الائتلاف ذات النتيجة في مستويات الدعم.
وتضمن الاستطلاع العام الذي أجراه مركز دراسات التأثير الاجتماعي (الفريق) في الفترة من 11 إلى 14 يناير مقابلات وجهًا لوجه مع 2524 شخصًا في 16 مقاطعة.
ووفقا لنتائج الاستطلاع، فقد حصل حزب العدالة والتنمية على نسبة 37.5 في المائة كما حصل حليفه حزب الحركة القومية على نسبة 6.5 في المائة، ليصلا مجتمعين إلى نسبة 44 في المائة.
وأوضح تقرير المركز إن تحالف الشعب الذي يقوده أردوغان تقدم بمقدار 2.7 نقطة، ليغطي الفارق الذي كان يميل العام الماضي لصالح تحالف الأمة بقيادة حزب الشعب الجمهوري المعارض الذي كان يتمتع بميزة 5.6 نقاط.
فرصة أخيرة
ويعتبر مدير أبحاث (الفريق)، أولاس تول أن القفزة الكبيرة التي حققها حزب العدالة والتنمية كانت طبيعية، بفضل خطوات أردوغان لمساعدة الأعداد الكبيرة من المواطنين الذين تضرروا من تدهور الاقتصاد التركي.
وقال تول:” الانتعاش الطفيف بعد المشاكل الاقتصادية أدى إلى الشعور بأن الأمور تتحسن”.
وأضاف:” لا تزال المشاكل مستمرة، لكن آثارها على آراء الناخبين تراجعت لأنهم اعتادوا على الأزمة وأصبح تأثير التضخم أقل”.
ويقول محللون إن الإنفاق الانتخابي كان له حتى الآن تأثير عملي على حياة الناس اليومية، بعد حصول أكثر من 50 في المائة من الجمهور التركي على الحد الأدنى للأجور الذي رفعه أردوغان للقطاع الخاص بنسبة 94 في المائة في يناير 2023 على أساس سنوي، في حين تباطأ التضخم السنوي ثم ثبت عند حوالي 64 في المائة.
كما تم إقرار رفع مماثل (للحد الأدنى للأجور) في القطاع العام، مما عاد بالفائدة على نحو خمسة ملايين شخص.
وألغت الحكومة شرط سن التقاعد الذي يسمح لمليوني عامل تركي بالتقاعد على الفور، وأطلقت خطة قروض عقارية رخيصة للمواطنين الذين لا يملكون منازل، وأصدرت إعفاءً من الديون الضريبية لملايين الأشخاص.
وقال تول إن كل خطوة من خطوات الحكومة “الشعبوية” بمفردها لا ترقى إلى مستوى ضئيل، لكنها مجتمعة تركت تأثيرا إيجابيا على الناخبين، مما أقنعهم بأن أردوغان كان يبذل قصارى جهده لتلبية احتياجاتهم.
وأردف بالقول:” لقد أثر في الشعور بأن عليهم منحه فرصة أخيرة”.
المعارضة لا تزال أمامها فرصة
وهناك ميزة أخرى يتمتع بها أردوغان حتى الآن وهي عدم وجود منافس له، حيث إن ائتلاف المعارضة، المسمى طاولة الستة، لم يقترح بعد مرشحًا مشتركًا.
ووفقا لمصادر متعددة فإنه سيتم إعلان زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليجدار أوغلو منافسا لأردوغان منتصف فبراير.
ومع ذلك، يبدو أن سلسلة الاجتماعات التي لا تنتهي بين زعماء المعارضة الستة على مدى الأشهر الستة الماضية قد أرهقت الجمهور، الذي يعتقد أنهم يفتقرون إلى التماسك.
وواجهت المعارضة صراعا داخليا حول اختيار المرشح، حيث تشير المصادر إلى أن ميرال أكشينار، زعيمة الحزب الصالح القومي المعارض، فضلت رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو أو رئيس بلدية أنقرة منصور يافاش واعتبرت أن كليهما أفضل بكثير من كيليجدار أوغلو ضد أردوغان.
وأصدرت مجموعة الستة مذكرة حول السياسات المشتركة في وقت سابق من هذا الأسبوع، وعدت فيها بسياسة نقدية تقليدية ونظام حكومي برلماني وسلسلة من الإصلاحات والمساعدات الاجتماعية غير المثيرة للجدل.
ويوافق عثمان سرت، مدير الأبحاث في شركة بانوراما للأبحاث والاستشارات ومقرها أنقرة، على أن المعارضة تبدو غير منظمة.
وقال سيرت:” هناك شعور لدى الناخبين بأن الحملة لا تُدار بشكل جيد… لكن أردوغان تمكن من تغيير تصور الزعيم الفاشل، ينظر الناخبون الآن إلى أدائه على المدى القصير على أنه إيجابي”.
وأضاف سرت أنه “على الرغم من ارتفاع شعبية أردوغان عبر استطلاعات الرأي، بما في ذلك استطلاع PanaromaTR نفسه، فإنه لا يزال أقل بمقدار 8-10 نقاط من عتبة 50 في المائة المطلوبة في الجولة الأولى للتفويض الرئاسي”.
وأشار إلى انه “إذا تمكنت المعارضة من اختيار المرشح المناسب والالتفاف حوله بنشاط ضد أردوغان، فستظل لها اليد العليا”.
ويحتاج أردوغان إلى مضاعفة المكاسب التي حققها حتى الآن، حيث يميل أغلبية الناخبين المترددين إلى المعارضة”.
من جانبه أضاف تول أن المعارضة لا يزال لديها طريق للدخول، لأن الإنفاق الشعبوي من قبل الحكومة له تاريخ انتهاء قصير الأجل.
وقال “المعارضة بحاجة لتذكير الناخبين بالماضي”. “إنهم بحاجة إلى التركيز على ضعف الحكومة في الاقتصاد والتعليم والصحة والتحضر – وكذلك تصور الناخبين للفساد الأخلاقي داخل نظام حزب العدالة والشعور بالحاجة إلى التنشيط في الحكومة”.