الموت يلاحق السوريين من المنازل إلى الخيام بعد الزلزال المدمر

سوريا: الآلاف معرضون لخطر التجمد حتى الموت بعد الزلزال الذي أوقف المساعدات عبر الحدود

بقلم عريب الله

حذرت وكالات الإغاثة من كارثة إنسانية تلوح في الأفق شمال غرب سوريا بعد الزلزال المدمر الذي وقع يوم الاثنين وأوقف تدفق مساعدات الأمم المتحدة الحيوية من تركيا إلى المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

وأدى الزلزال، الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 10 آلاف شخص في البلدين، إلى تدمير المباني والمجمعات السكنية في إدلب وشمال حلب، مما أجبر العديد من النازحين في الداخل السوري على البحث عن ملاذ في الحقول المفتوحة وتحت الأشجار وسط الأجواء المتجمدة.

الآلاف مثلي ومثل عائلتي يقيمون وسط حقل، يصلون وينتظرون ألّا يأتي المزيد من الزلازل – أحمد عزيز، مؤسسة القلب الكبير

وقال ممثلون من ثلاث وكالات إغاثة إن الأضرار التي لحقت بالطرق المؤدية من وإلى معبر باب الهوى أعاقت بشدة عمليات تسليم المساعدات الحيوية، مما أدى إلى تفاقم الأزمة.

ويعد معبر باب الهوى الحدودي شريان الحياة الوحيد لملايين السكان الذين يقيمون في مناطق خارج سيطرة النظام السوري.

وبما أن إدارة المعبر تقع على عاتق البلدية المحلية في مقاطعة هاتاي التركية، مركز الزلزال، فإنه من غير الواضح متى سيُستأنف تقديم الخدمات الكاملة وكيف ستصل المساعدة إلى المتضررين بحسب ما قاله عمال الإغاثة.

وقال أحمد محمود، مدير الإغاثة الإسلامية في سوريا، إن تركيا أوقفت بالفعل نقل مرضى الحالات الحرجة في ظل انشغالها بتداعيات الزلزال المميت.

وأضاف محمود: “إن ثلث ضحايا زلزال يوم الاثنين سقطوا في هاتاي، مما يعني أن السلطات المحلية منهكة في الوقت الحالي وتبذل قصارى جهدها لمساعدة الجرحى في تركيا”.

وأضاف “لقد دمر الزلزال الطرق والميناء وألحق أضرارا بمحطة توليد الكهرباء المحلية، مما يشير إلى أن سكان المناطق القريبة من الحدود التركية في سوريا فقدوا إمكانية الطهي والحصول على التدفئة في منازلهم”.

ووفقًا لمحمود، فإن العديد من النازحين داخليًا يُجبرون الآن على البحث عن مأوى مرة أخرى، أو استضافة أولئك الذين فقدوا منازلهم.

وقال: “في السابق كان الناس في المباني يساعدون الأشخاص الأقل ثراءً، والآن الناس الذين يعيشون في الخيام يساعدون أولئك الذين كانوا يعيشون في المباني لأنهم لم يعودوا آمنين”.

وفي شأن متصل، قال حمزة برهامية، المتحدث باسم منظمة (World Vision) إنه في حين شكل انعدام الأمن الغذائي مصدر قلق كبير، فإن الأزمة الأكبر التي تواجه العديد من وكالات الإغاثة تتمثل في درجات الحرارة المنخفضة والبالغة حد التجمد التي اجتاحت المنطقة.

وأضاف برهامية: “سينام آلاف السوريين في الخارج بعد أن تركوا منازلهم وراءهم خوفاً من انهيار المزيد من المباني والهزات الارتدادية”.

وتابع “وصلت درجات الحرارة في شمال غرب سوريا في بعض الأحيان إلى أقل من خمس درجات مئوية، مع هطول أمطار غزيرة على مخيمات النازحين داخلياً”.

“الوضع سيزداد سوءًا”

بيّن أحمد عزيز، مدير البرامج في مؤسسة القلب الكبير، أن الطرق التي دمرها الزلزال باتت تشكل عائقا أمام تنسيق جهود الإنقاذ، إذ منعت بالفعل الحواجز في عفرين، حيث يقيم عزيز، تلك الجهود.

وقال إن وكالات الإغاثة لم تكن تخطط للتعامل مع وقوع زلزال، بل كانت مهتمة في السابق بكيفية التعاطي مع هجمات قوات الحكومة السورية.

وأضاف عزيز: “لقد عانينا كثيرًا خلال العقد الماضي، لم يكن هناك ما يمكنه أن يهيئنا لمثل هذا “.

وتابع قائلا: “من المفارقات أن يكون المكان الأكثر أمانًا لعائلتي الآن هو المكوث تحت خيمة بدلاً من البناية، إن الآلاف مثلي ومثل عائلتي يقيمون وسط حقل، يصلون وينتظرون ألا يحدث المزيد من الزلازل، ويحرقون أي شيء يمكن لأيديهم الوصول إليه لمجرد البقاء دافئين”.

“هذا الزلزال هو صدمة جديدة تماما نعيشها كسوريين”

أما محمد يعقوب، وهو عامل إغاثة مستقل من مدينة اعزاز، فقد فَرَّ مع أسرته عندما وقع الزلزال، وهو الآن يقيم داخل سيارته مع القليل من الامكانيات.

وقال إن الزلزال كان صدمة جديدة تمامًا يعيشها السوريون، مضيفا: “لقد تعرضنا للقصف والتشريد، لكننا لم نواجه كارثة مثل هذه حيث يمكن أن ينهار المبنى فوقنا في أي لحظة”.

ومنذ وقوع الزلزال، انقطع التيار الكهربائي عن منطقته بعد أن تضررت محطة توليد كهرباء تركية تزود المنطقة بالطاقة يوم الاثنين.

“أينما ذهبت، هناك ضرر، لم يتبق أي شيء”- محمد يعقوب

وتستعد وكالات الإغاثة الآن للأسوأ، مع توقع انخفاض درجات الحرارة في شمال غرب سوريا.

ومع بقاء الكثيرين عالقين في الخيام، قال محمود إن أكبر قلق يساور منظمته غير الحكومية هو موت الناس بسبب درجات الحرارة المنخفضة أو نتيجة الاختناق بالأبخرة السامة المنبعثة من الحرائق التي يشعلها السوريون للتدفئة.

وقال محمود، الذي يتابع تطورات الزلزال على الحدود التركية مع سوريا “نتلقى بالفعل تقارير عن إصابات بين الأطفال وكبار السن الذين أصيبوا بالمرض والموت بسبب البرد”.

وأضاف:” الناس في الخيام يحرقون أي شيء يمكنهم العثور عليه، النار قد تشتعل خطأ في خيامهم وقد يختنقون من الأبخرة المتصاعدة داخل الخيام”.

وحذر قائلا إن “هناك عاصفة ثلجية متوقعة في الأسابيع المقبلة، ومع نزوح السكان للإقامة في الخيام، فإن الوضع سيزداد سوءًا”.

مقالات ذات صلة