بقلم عثمان مقبل
أكتب هذا بينما أستعد للسفر إلى جنوب تركيا للمساعدة في دعم فريقي من منظمة العمل من أجل الإنسانية، المؤسسة الخيرية الأم لهيئة إغاثة سوريا على الأرض.
من بين آلاف القتلى والعدد الذي لا يمكن تصوره من الجرحى، كان هناك ثلاثة أعضاء من فريقنا وعشرات من أفراد عائلات موظفينا. لقد فقد الكثيرون حياتهم. لقد فقد الكثيرون منازلهم. لقد فقد الكثيرون مستقبلهم.
لو كانت الكلمات الصادرة عن الحكومات توفر المأوى للمتضررين وتضع الطعام في الأفواه وتنتشل الجثث من تحت الأنقاض- لكانت حالة الطوارئ هذه منتهية الآن.
نحن نبذل قصارى جهدنا للمساعدة، فالناس في سوريا وتركيا يبذلون كل ما في وسعهم للبقاء على قيد الحياة واستيعاب الدمار الذي فتت مدنهم ومجتمعاتهم هذا الأسبوع.
لكنهم بحاجة إلى الدعم، نحن، منظمات المساعدة الإنسانية، بحاجة إلى الدعم.
نشعر بالغضب والاستياء لأننا مرة أخرى يجب أن نطلب من العالم إرسال مساعدات إنسانية كافية إلى الشعب السوري في وقت حاجته.
إلا أن الأمر هذه المرة ليس مجرد وقت الحاجة أو أسبوع الحاجة، إنها السنة الثانية عشرة ويزيد من الحاجة، ونحن – المجتمع الدولي – مرة أخرى وببساطة لم نفعل حتى أقل مما يجب.
وفي الوقت الذي أظهر فيه بقية العالم تقاعسًا كبيرا عن العمل ولامبالاة تجاه معاناة السوريين، استضاف الشعب والحكومة التركية لاجئين سوريين أكثر من أي دولة أخرى وما زالوا يفعلون، وتأتي هذه الضيافة بتكلفة كبيرة. تركيا تستحق دعمنا أيضًا، هذه أيضًا هي ساعة حاجة لتركيا.
لقد سمحنا بتزايد معاناة السوريين، فشمال غرب سوريا هي منطقة حرب، وتمر بأزمة اقتصادية والآن قد دمرها الزلزال. وعلى الرغم من الصراع والفقر والكارثة الطبيعية، ما زلنا لا نحصل على مساعدات كافية لسوريا.
ما الذي يجب أن يحدث أيضًا قبل أن نبدأ في أخذ معاناة السوريين على محمل الجد؟
لا توجد مساعدات حتى الان
حتى وقت كتابة هذا التقرير، لم يتم عبور أي مساعدات إلى شمال غرب سوريا، إذ يجري توفير جميع المساعدات لأعمال الإغاثة الإنسانية محليًا، كما أن نقطة العبور-المفوضة من الأمم المتحدة- متعطلة عن العمل بسبب الطرق المدمرة وعدم وجود عدد كافٍ من الموظفين لحراسة المراكز الحدودية – بسبب الدمار الناجم عن الزلزال.
كما أن خيار استخدام الطرق التجارية التي تسمح بنقل المساعدات إلى سوريا غير مرجح أيضًا لأنها تضررت هي الأخرى ولم تعد صالحة للاستعمال.
لذلك لا يقتصر الأمر على وصول المساعدات إلى سوريا، ولكن التأخير الذي يستغرقه إيصال المساعدات عبر الحدود، سيزيد من الطلب عليها، بينما يقترب العرض من الصفر، مما يؤدي إلى ارتفاع التكاليف.
مازال الفقر يتصاعد في شمال غرب سوريا منذ سنوات –فأسعار السلع الأساسية لم تعد تحتمل. لا أستطيع أن أتخيل مدى تأثير هذه التأخيرات على الأسعار.
في عام 2022، كانت خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا أقل من 50% من التمويل، والآن، بسبب حجم المعاناة والكوارث والإهمال الدولي، لسنا بحاجة إلى تمويل بنسبة 100% بل نحتاج لتمويل بنسبة 200% أو ربما 300%
قبل يوم الاثنين، كان شمال غرب سوريا أحد العواصم العالمية للنزوح والفقر، حيث يعتمد أكثر من 4.1 مليون من سكان المنطقة البالغ عددهم 4.5 مليون نسمة على المساعدات الإنسانية وأكثر من 2.8 مليون شخص كانوا قد نزحوا داخليًا من أجزاء أخرى في سوريا، والآن، زادت هذه الأرقام بشكل كبير.
ما زلنا لا نعرف حتى كيف نبدأ في معرفة كم من الذين نزحوا بسبب هذا الزلزال كانوا نازحين أصلا، ولا نعرف كيف نبدأ في حساب عدد الأشخاص الذين سقطوا الآن في براثن الفقر المدقع، بل ما زلنا نحاول إحصاء القتلى والجرحى.
لو كانت الكلمات الصادرة عن الحكومات توفر المأوى للمتضررين وتضع الطعام في الأفواه وتنتشل الجثث من تحت الأنقاض- لكانت حالة الطوارئ هذه منتهية الآن.
لكن الكلمات لا تفعل ذلك، بل التمويل والعمل.
نداء إلى الحكومات
هناك عائلات بأكملها ماتت، وأطفال محاصرون تحت المباني منذ يوم الإثنين، وأولاد وبنات أمضوا حياتهم بأكملها هربًا من الحرب إلى شمال غرب سوريا المنكوب بالفقر، فقط من أجل هذه الكارثة الطبيعية لتهدم المباني التي كانوا يعيشون فيها.
قبل يوم الاثنين، كان الأطفال في شمال غرب سوريا معرضين بالفعل لخطر الاستغلال وعمالة الأطفال وزواج الأطفال والعنف وسوء المعاملة، وقبل يوم الاثنين، كانت المستشفيات بالفعل منهكة للغاية وتعاني من نقص التمويل.
قبل يوم الاثنين، كان الناس يمرضون بالفعل من الأمراض التي تنقلها المياه بسبب صعوبة الوصول إلى المياه النظيفة.
لم تبدأ معاناتهم منذ زلزال يوم الاثنين، وإن كان قد زاد الأمر سوءًا وبشكل كبير، فقد كانت مساعدتهم مطلوبة منذ عام 2012.
إنني أقدم هذا النداء مرة أخرى إلى الحكومات وإلى المجتمع الدولي للتحرك، وإذا كنتم قد اتخذتم إجراءات بالفعل، فافعلوا المزيد، فنحن لا ولم نفعل ما يكفي منذ 12 عامًا.
لماذا يتعين على منظمة العمل من أجل الإنسانية/ إغاثة سوريا وعلى زملائنا إقناع العالم بالعمل لوقف معاناة السوريين؟
المصدر: ميدل إيست أي