قدر البنك الدولي في عام 2021 أن تركيا ستحتاج إلى ما قيمته نصف تريليون دولار لترميم أو إعادة بناء ملايين المباني السكنية كي تستطيع تحمل الزلزال.
وفي كانون الأول/ ديسمبر من ذات العام، قال البنك الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، إنه كان يقدم للحكومة التركية “مساعدة فنية” لتلبية “احتياجاتها التمويلية الهائلة” اللازمة للاستجابة العاجلة.
وحذر البنك الذي يقدم قروضاً ومنحاً للحكومات من أن “معظم المساكن التي تم بناؤها في المدن التركية قبل عام 2000” كانت “معرضة بشدة لخطر الزلازل ” وتتطلب “تأهيلا عاجلاً”.
وذكر البنك أنه تم تحديث حوالي 4 في المائة فقط من 6.7 مليون مبنى سكني في جميع أنحاء البلاد، وقدرت التكلفة الإجمالية لأعمال التحديث بـ 465 مليار دولار.
وقال البنك: “بالنظر إلى حجم التحول الحضري، فإن آليات التمويل العام المتاحة لدعم الترميم المرن أو إعادة بناء المساكن المعرضة للخطر ليست كافية لتلبية احتياجات التمويل الضخمة”.
وأضاف: “هناك حاجة لخلق طرق إضافية للتمويل لجعل الترميم المرن للمساكن وإعادة بنائها في متناول مالكي المنازل، وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى الفئات ذات الدخل المتوسط والمنخفض، بحيث يمكن أن يصبحوا أيضًا جزءًا من عملية التحول الحضري.”
وتم إعلان عشر مقاطعات في جنوب شرق تركيا مناطق كوارث في أعقاب الزلزالين المزدوجين اللذين ضربا المنطقة الأسبوع الماضي، والذين راح ضحيتهما حتى الآن أكثر من 35 ألف شخص في البلاد، فيما يُعد الكارثة الطبيعية الأكثر فتكًا في تاريخ تركيا الحديث.
ووفقًا لبيانات الحكومة التركية، فإن أكثر من نصف المباني في المدن العشر الأكثر تضررًا من الكارثة بُنيت بعد عام 2001، وقدرت مجموعة أعمال تركية يوم الاثنين قيمة الخسارة في المساكن بأكثر من 70 مليار دولار.
وفي هذا السياق، واجهت حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان تساؤلات حول التراخي في تطبيق معايير البناء والبرنامج الخاص بإعفاء بعض المناطق الذي روج له أردوغان خلال حملة الانتخابات المحلية لعام 2019 والتي شرعت المباني التي أقيمت دون تصاريح مناسبة وألقت مسؤولية الاستعداد للزلازل على أصحاب العقارات.
وضمن الجهود التي بذلت لدعم البرنامج، نظم البنك الدولي “تبادلًا افتراضيًا معرفيًا” يربط بين المسؤولين في وزارة البيئة والتوسع الحضري وتغير المناخ التركية (MoEUCC) ومسؤولي وزارة الإسكان في اليابان الذين يعملون على خطط التمويل لمساعدة أصحاب العقارات هناك على إنشاء مبانيهم وفقا لمعايير مقاومة الزلازل.
تمويل البنك الدولي
وفي وقت سابق، قدم البنك الدولي تمويلًا لتركيا لتعزيز المباني العامة لتصبح قادرة على مقاومة الزلازل، ففي يونيو 2021، سلم البنك تركيا قرضًا بقيمة 265 مليون دولار لتأهيل وإعادة بناء 140 مدرسة ومستشفى ومباني عامة أخرى.
وساهم البنك أيضًا في تمويل مشروع بقيمة 550 مليون دولار يُعرف باسم مشروع إسطنبول للتخفيف من مخاطر الزلازل (ISMEP)، والذي استمر بين عامي 2004 و2015 لتحديث المباني العامة في أكبر مدينة في تركيا لتحمل صدمة الزلازل.
لكن، وفي تقرير عن هذا المشروع في عام 2018، قالت مجموعة التقييم الدولية التابعة للبنك إن “الحد من مخاطر الإسكان الخاص” قد تم إسقاطه من نطاقه بسبب مخاوف الحكومة التركية بشأن دعم القطاع الخاص.
وقالت: “كانت شهية الحكومة المركزية في ذلك الوقت لتمويل الدعم لعمليات التعديل التحديثي للإسكان الخاص متباينة، بناءً على مخاوف بشأن مدى ملاءمة استخدام الأموال العامة والتمويل الدولي لدعم الأصول الخاصة بشكل فعال”.
وفي الحاشية، أضاف المقيمون: “إن نقص الدعم من وزارة الخزانة لإنفاق الموارد العامة على الإسكان الخاص كان السبب المباشر لإسقاط المخطط”.
ولكن، وفي نفس التقرير، قال المقيِّمون إن دور البنك الدولي في تقديم الدعم لمشاريع الإسكان الخاصة “غير واضح”.
وبدوره، قال البنك: “يجادل البعض بأن البنك يجب أن يظل بعيدًا عن عقارات القطاع الخاص أو أن يضع عتبة عالية جدًا للمشاركة، نظرًا لأن الإسكان هو سلعة خاصة، وأي تمويل من البنك أو المؤسسات المالية الدولية لن يكون أبدًا كبيرا بالنسبة لحجم الاستثمارات اللازمة لعمليات ترميم الإسكان الخاص”.
وفي الآونة الأخيرة، تدخلت الحكومة التركية بشكل أكثر مباشرة في قطاع الإسكان الخاص، ففي عام 2020، أعلنت عن خطة لتقديم معدلات رهن عقاري منخفضة قياسية لدعم القطاع خلال الوباء، مع ارتفاع مبيعات المنازل بنسبة 50 في المائة خلال أسبوع.
وتعهد البنك الدولي الأسبوع الماضي بتقديم 1.78 مليار دولار كمساعدة لجهود الإغاثة والإنعاش في تركيا وقال إنه بدأ “تقييمًا سريعًا للأضرار لتقدير حجم الكارثة وتحديد المجالات ذات الأولوية لدعم التعافي وإعادة الإعمار”.