أصيبت السيدة فاطمة غونغور البالغة من العمر 77 عامًا بالذهول والارتباك عندما تم انتشالها من تحت الأنقاض يوم الأربعاء، بعد مرور 228 ساعة على وقوع زلزالين مميتين ضربا تركيا وسوريا، وفور إخراجها سألت رجال الإنقاذ: “نحن في أي يوم؟”
وكان صمودها لفترة طويلة تحت الأنقاض في أديامان جنوب تركيا أشبه بالمعجزة، ولكن حتى الآن، وبعد ما يقرب من أسبوعين من وقوع الكارثة، لا يزال هناك رجال ونساء وأطفال أحياء في جنوب تركيا وشمال سوريا، رغم كل الصعاب.
وفي يوم الخميس، وبعد 11 يومًا من الزلزال، تم إنقاذ أربعة أشخاص في هاتاي وأنطاكيا، من بينهم صبي يبلغ من العمر 14 عامًا، إلا أن الزلزال المدمر تسبب في قتل ما يزيد عن 41 ألف شخص في البلدين جراء الكارثة.
بشكل عام، الزلازل بحد ذاتها لا تتسبب بقتل الناس، بل البنية التحتية المنهارة هي من تفعل ذلك – إيلان كيلمان، خبير في الكوارث والصحة
وتعد أول 72 ساعة بعد وقوع الكارثة فترة حاسمة حيث تعتبر المرحلة الذهبية للعثور على الناجين، إذ يتم إنقاذ أكثر من 90 في المائة من الناجين من الزلزال في غضون الأيام الثلاثة الأولى، وهناك عدة أسباب لذلك.
وفي هذا الشأن، أوضح إيلان كيلمان، أستاذ الكوارث والصحة في جامعة كوليدج لندن، لوكالة فرانس برس بالقول: “بشكل عام، الزلازل بحد ذاتها لا تتسبب بقتل الناس، بل البنية التحتية المنهارة هي من تفعل ذلك”.
إن العثور على المصابين قبل أن يفقدوا وعيهم، أو يستسلموا لجراحهم في ظل نقص الطعام أو الماء، يصبح ذا أهمية قصوى، وربما كانت نافذة الـ 72 ساعة أقصر في كل من تركيا وسوريا لأن المنطقة كانت تشهد تساقطًا كثيفًا للثلوج والأمطار في ظل درجات حرارة متجمدة جعلت الظروف صعبة للغاية.
وبدون توفر الماء على وجه التحديد، قال كيلمان: “إن الكثير من الناس سيموتون في غضون ثلاثة أو أربعة أو خمسة أيام كحد أقصى”.
وكشف أحد الناجين بينما كان يروى ما حدث معه من محنة عصيبة عن اضطراره للتبول في زجاجة وشرب بوله في محاولة للبقاء على قيد الحياة، فيما كان آخرون محظوظين حيث تمكنوا من الصمود بسبب الحصول على التبغ والماء.
يشار إلى أن معظم الأشخاص الذين تم إنقاذهم في الأيام الأخيرة لم يتعرضوا لإصابات تهدد حياتهم أثناء الزلزال، مما سمح لهم بالبقاء على قيد الحياة لفترة أطول.
إلا أن التركيبة السكانية للناجين تتغير أيضًا مع مرور الوقت، وفي هذا الشأن قال الدكتور كريستوفر كولويل، أخصائي طب الطوارئ بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، لرويترز: “غالبا ما يكون الناجون (الذين يستطيعون الصمود لوقت طويل) أصغر سناً وعادة ما يكونون محظوظين بما يكفي للعثور إما على جيب في الأنقاض أو على طريقة ما للوصول إلى العناصر الضرورية للبقاء مثل الهواء والماء”.
ويبدو أن بيانات الناجين في الأيام القليلة الماضية تتوافق مع ذلك، حيث إن الغالبية العظمى من الذين تم العثور عليهم كانوا أصغر سنا وتحديدا تحت سن الـ 45.
وقال الدكتور جورج تشيامباس، أخصائي طب الطوارئ في كلية الطب بجامعة نورث وسترن في فينبرغ، في حديث لوكالة أسوشيتيد برس إن الحالة العقلية لأولئك المحاصرين يمكن أن تؤثر أيضًا على البقاء على قيد الحياة.
وأوضح تشيامباس أن الأشخاص المحاصرين بجوار الجثث، والذين ليس لديهم اتصال بالناجين أو المنقذين، قد يفقدون الأمل ببساطة.
وقال: “إن الأمل بأن يصل إليك شخص ما، يمكن أن يمنحك يومًا أو يومين أو ربما ثلاثة أيام أخرى”.