السعودية تسجن 50 شخصاً من القبائل لرفضهم التهجير بسبب مشروع نيوم!

السعودية تسجن 50 شخصاً من القبائل لرفضهم التهجير بسبب مشروع نيوم!

أفاد تقرير حديث أن ما لا يقل عن 47 شخصا من قبيلة الحويطات في المملكة العربية السعودية قد تم اعتقالهم أو احتجازهم بسبب مقاومتهم إخلاء مواقع إقامتهم لإفساح المجال لبناء مدينة نيوم الكبرى.

ونشرت منظمة قسط لحقوق الإنسان تقريرا بعنوان “الجانب المظلم من نيوم” يوم الخميس، أوردت فيه أسماء جميع المعتقلين أو المختفين بسبب معارضتهم للمشروع، وأدرجت تفاصيل انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت ضد من تم إجلاؤهم.

ومن المتوقع أن تمتد المدينة السعودية الجديدة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار على مسار خط مستقيم بطول 170 كيلومترًا، وأن تطفو على الماء من ثمانية جوانب.

وستشمل المدينة التي يزعم المنظمون أن حجمها سيبلغ 33 ضعف حجم مدينة نيويورك منتجع تزلج مع قرية عمودية ذات تصميم هندسي مطوي، والعديد من المشاريع الفخمة والتصاميم المعمارية المبتكرة.

وتجري أعمال البناء في المشروع الواقع في محافظة تبوك شمال غرب المملكة العربية السعودية، حيث كانت تقيم قبيلة الحويطات النازحة منذ قرون حتى وقت قريب.

وبين التقرير أن 15 شخصا من القبيلة حكموا بالسجن لفترات تتراوح بين الـ 15 والـ 50 عامًا، وصدرت أحكام بالإعدام على 5 آخرين، فيما اعتقل 19 شخصا دون تقديم معلومات إضافية عن مصيرهم، وأُطلق سراح 8 من المعتقلين.

وأشار التقرير إلى أن أحكام السجن شهدت زيادة ملحوظة منذ منتصف عام 2022، تزامنًا مع المصالحة بين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والمجتمع الدولي، التي أعقبت سنوات من عزلته الدبلوماسية على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول.

وقالت لينا الهذلول، رئيسة المراقبة والاتصالات في منظمة القسط أثناء الإعلان عن التقرير في لندن: “العلاقة واضحة، فمن الواضح أنه كلما تتم المصالحة مع محمد بن سلمان تسوء الأمور”.

تمديد الاحكام

حُكم على عبد الإله راشد إبراهيم الحويطي وعبد الله دخيل الله الحويطي بالسجن لمدة 50 عامًا مع قرار بحظر السفر لمدة 50 عامًا، بدعوى دعمهم لعائلتهم في رفضها للإخلاء القسري من أجل إفساح المجال لبناء مدينة نيوم.

واعتقلت مها سليمان القراني الحويطي، المرأة الوحيدة المعروفة من بين المعتقلين، في فبراير 2021 لتغريدها على تويتر عن تكاليف المعيشة والحداد على وفاة الحويطي، وحُكم عليها في البداية بالسجن لمدة عام، ثم رفعت العقوبة إلى ثلاث سنوات عند الاستئناف في أغسطس 2022، في انتهاك للقانون السعودي، وأعيدت محاكمتها بنفس التهم وحُكم عليها بالسجن لمدة 23 عامًا.

“هذه العقوبات القاسية على أفراد قبيلة الحويطات جزء من توجه أوسع” – منظمة القسط لحقوق الإنسان

وفي أبريل/ نيسان 2020، قُتل الناشط القبلي عبد الرحيم الحويطي بالرصاص بعد وقت قصير من تصويره مقاطع فيديو يحتج فيها على إخلائه لإفساح المجال أمام المدينة الضخمة.

وبحسب التقرير، اعتقل أحمد عبد الناصر الحويطي، ابن شقيق عبد الرحيم، في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 لتعبيره عن تعاطفه مع وفاة عمه وبزعم “سعيه لزعزعة وتعطيل النسيج الاجتماعي والتماسك الوطني”.

ووجهت إلى الحويطي في البداية عقوبة السجن لمدة خمس سنوات، وارتفعت إلى 21 سنة عند الاستئناف.

ومن بين الخمسة المحكوم عليهم بالإعدام شقيق عبد الرحيم، شاذلي أحمد محمود الحويطي، الذي أخفي قسريًا في البداية لمدة شهرين في أواخر عام 2020، قبل اتهامه بـ “إنشاء منظمة إرهابية للتمرد على الحاكم” و “إنشاء حساب على تويتر لتمزيق التماسك الوطني”.

وفي مايو 2022، أضرب شاذلي عن الطعام بعد أن وُضع في الحبس الانفرادي في سجن ذهبان، ثم تم إطعامه قسريًا عبر أنبوب في معدته.

وجاء في التقرير أن هذه العقوبات القاسية المفروضة على أفراد قبيلة الحويطات هي جزء من توجه أوسع بدأ في صيف عام 2022، حيث حكم على الأفراد بالسجن لفترات طويلة – تصل إلى 50 عامًا – لمجرد نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي الذي يدعو إلى الإصلاح الاجتماعي والسياسي.

وأشار التقرير إلى أن السلطات السعودية “زادت بشكل كبير” من استخدام عقوبة الإعدام في العام 2022، مقارنة بالعام 2021، حيث نفذت ضعف عدد الأحكام.

وقالت منظمة القسط “إن هذه التطورات مجتمعة تمثل تدهوراً حاداً في أوضاع حقوق الإنسان بعد تطبيع المجتمع الدولي للعلاقات الدبلوماسية مع محمد بن سلمان”.

وذكرت الهذلول أنه عقب زيارات رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون والرئيس الأمريكي جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية العام الماضي، كانت هناك “موجة جماعية من عمليات الإعدام” و “أحكام بمدد طويلة لم يسبق لها مثيل”.

وقالت: “الحكومة لا تريد حتى إخفاء ذلك، لقد كان واضحا للناس: لديّ ضوء أخضر لقمعكم، أنتم مكمّمون، والعالم يحمي ظهري”.

عمليات الإخلاء تنتهك القانون الدولي

يوضح التقرير كيف طردت السلطات السكان رغما عن إرادتهم، في انتهاك للقانون الدولي.

ففي آذار/ مارس 2020، أرسلت السلطات قوات خاصة، وصل تعدادها أحيانا إلى 40 سيارة في كل مرة، لمداهمة منازل من يقاومون الإخلاء وترهيبهم.

وذكر التقرير أن القوات السعودية ألقت القبض على 20 مواطناً بسبب حضورهم للدفاع عن طفل مخطوف، وزُعم أن القاصر اختطف من قبل الشرطة السرية بعد أن كتب شعار “لن نتحرك” على الجدران.

وكشف التقرير عن تقديم حوافز مالية تصل إلى 100 ألف ريال لزعماء القبائل المعينين من الدولة بشرط إدانتهم علانية لمقاومة عبد الرحيم للإخلاء.

وفي غضون ذلك، رفضت السلطات طلبات بعض السكان المحليين لإعادة توطينهم على مقربة من منازلهم السابقة، وبدلاً من ذلك عرضت تعويضات بقيمة 620 ألف ريال لإعادة الإسكان في أماكن أبعد.

وعلى الرغم من ذلك، أفادت القسط أن مستلمي التعويضات حصلوا على أقل من 17 ألف ريال في الواقع.

وأضافت أن معظم الذين تم إجلاؤهم أجبروا على شراء منازل في الأحياء الفقيرة في محافظة تبوك بسبب قلة التعويضات التي حصلوا عليها.

وذكر التقرير أن مصادرة المنازل تتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وإعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام، اللذين صادقت عليهما السعودية.

واعتبرت القسط أن السلطات تصرفت بطريقة تمييزية ضد أفراد القبائل ولم تحترم الإجراءات القانونية الواجبة، في انتهاك للعديد من الاتفاقيات الدولية.

وأشار التقرير إلى أن العديد من الشركات العالمية قدمت خدمات استشارية ووقعت اتفاقيات تعاقدية مع نيوم، وبالتالي فهي “تتحمل مسؤولية حقوق الإنسان”.

ودعت القسط الشركات المشاركة في مشروع نيوم “إلى إعادة تقييم مشاركاتها، والاستعداد لوقف المساهمات، ما لم تتم معالجة الآثار السلبية على حقوق الإنسان”، كما جاء في البيان.

ومن بين الشركات التي قيل إنها منخرطة في المشروع مجموعة بوسطن الاستشارية، وماكينزي وشركاه، وسامسونج، وأوليفر وايمان.

مقالات ذات صلة