قد تعمل الجماعات السياسية والدينية الهامشية، والتي عادة ما تكون على خلاف مع الحكومة التركية، على عكس بعض الانطباعات السلبية عنها لدى الجمهور في المناطق التي دمرها الزلزال، بعد الاندفاع إلى المدن المتضررة من الكارثة قبل أن تتمكن الدولة من التحرك.
ففي اليوم الأول من الكارثة، هرع الشيوعيون والسلفيون الأتراك إلى محافظة هاتاي الحدودية الجنوبية، حيث قاموا بجهود البحث والإنقاذ وقدموا أيضًا الإسعافات الأولية الطارئة بالإضافة إلى الغذاء والملابس.
تعرضت المنازل في جنوب تركيا وشمال غرب سوريا للدمار في وقت مبكر من يوم 6 فبراير بسبب الزلازل المزدوجة وما صاحبها من توابع أدت إلى تدمير المباني ودفن آلاف الأشخاص تحت أكوام من الخرسانة بينما كانوا نيام.
“هذه مسؤوليتنا تجاه المجتمع الذي نعيش فيه” – مراد جيزنلر ، زعيم سلفي
وقُتل أكثر من 45 ألف شخص في أنحاء تركيا وسوريا، بينما صرح مسؤولون بترجيح ارتفاع حصيلة عدد الضحايا.
وقال أوزان يلماز، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي التركي، إن جماعته ملأت فراغًا مهمًا عندما عجزت الحكومة التركية عن الوصول إلى مكان الكارثة في الـ 48 ساعة الأولى.
وقال إن “الحزب بدأ العمل في منطقة أرموتلو في أنطاكيا في وقت مبكر من صباح اليوم الأول للزلزال”، وأضاف: “أنشأنا نقطة ميدانية لتوفير الأدوات الفنية لمساعدة عمال الإنقاذ، حيث استطعنا توفير معدات ومولدات للطاقة وأدوات لتوفير الإضاءة ومنتجات مماثلة “.
وذكر يلماز أنهم أنشأوا مستشفى ميدانيًا أيضا لعلاج الناجين وقاموا بتوزيع فرقًا في أجزاء أخرى من هاتاي، مثل إسكندرون وأرسوز، واستمروا في مساعدة المتضررين في المدن التي دمرها الزلزال مثل كهرمان مرعش وأديامان.
وفيما يتعلق بالتنسيق مع المؤسسات الحكومية، قال يلماز إنهم وجهوا المرضى إلى مستشفيات الدولة وأبلغوا عن بعض الحالات إلى وكالة إدارة الكوارث، أفاد، عندما تعذر على فرق الإنقاذ تجاوز الركام.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أقر ببعض المشاكل الأولية في استجابة البلاد للكارثة، لكنه أكد عدم مقدرة أي حكومة كانت للاستعداد لزلزال بهذا الحجم.
تقع تركيا على خطين صدعين ولديها رموز بناء زلزالية يعود تاريخها إلى أكثر من 80 عامًا، لكن الزلزال الأول الذي ضرب البلاد بقوة 7.8 درجة في الساعة 4:17 صباحًا بالتوقيت المحلي، قبل أن يتبعه زلزال قوي آخر بقوة 7.5 درجة على بعد عشرات الكيلومترات، يعد أقوى زلزال شهدته البلاد منذ عام 1939.
هذه مسؤوليتنا
بالإضافة إلى الشيوعيين الذين ساعدوا جهود الإغاثة، كانت الجماعات السلفية أيضًا رأس الحربة في تلك الجهود في المناطق المتضررة من الزلزال.
وفي هذا الشأن، قال أوزكان يلدريم، وهو زعيم سلفي تركي، إن السلفيين يعملون في غازي عنتاب وهاتاي ومالاتيا وكهرمان مرعش، وقد كلفوا مخبزًا بتوزيع 25 ألف قطعة خبز يوميًا في اثنتين من المدن المتضررة.
وقال الزعيم السلفي إن “الديناميكية الرئيسية التي تحفزنا هي كتاب الله المقدس وسنة رسلونا، مضيفًا أنهم اجتمعوا مع جماعات سياسية أخرى خلال جهود الإغاثة من الزلزال.
وذكر يلدريم أن أيا من المفاهيم الخاطئة لدى السكان ضد السلفيين تلاشت عندما شرعوا بأداء عملهم الإنساني، قائلاً: “هذا حقًا منهج النبي”.
وبدوره، قال زعيم سلفي آخر، مراد جيزنلر، المعروف بخطابه الراديكالي الواضح، إن السلفيين المتشابهين في التفكير كانوا نشطين في عمليات الإغاثة الطارئة منذ يوم الكارثة.
وقال جيزينلر “أولا، نصبنا خياما لحل مشكلة الإسكان، ثم قمنا بجمع ملابس شتوية وأطعمة جاهزة وما شابهها من احتياجات خاصة وقمنا بإرسالها إلى المنطقة”، مضيفا أن فريقا للبحث والإنقاذ شارك أيضًا في العمل.
وقال جيزينلر إن السلفيين قاموا بعمل مماثل في العام 1999 عندما ضرب زلزال مدمر غربي تركيا وقتل قرابة 18 ألف شخص.
وقال “هذه مسؤوليتنا تجاه المجتمع الذي نعيش فيه” موضحا أن قيامهم بالعمل الإنساني لم يكن من أجل كسب المزيد من الأعضاء.
وأضاف: “لم نواجه أي مشاكل بعد، وكان مسؤولو الدولة كالشرطة والجنود على وجه الخصوص يقدمون كل أنواع المساعدة للمتضررين.