اتهم سكان مخيم شعفاط في القدس الجيش الإسرائيلي باتباع سياسة “العقاب الجماعي” بعد تصعيد ملحوظ في الإجراءات العقابية ضدهم في الأيام الأخيرة.
وكان المخيم قد شهد يوم الأحد الماضي موجة من الاحتجاجات والعصيان المدني ردًا على حملة القمع ضد السكان التي بدأها الأسبوع الماضي إيتامار بن غفير، وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف.
عدة بلدات في القدس منها العيساوية، جبل المكبر، الطور، الرام، وعناتا، تستجيب لدعوات العصيان المدني التي انطلقت من مخيم شعفاط ضد العملية الأمنية المستمرة منذ أسبوعين وشملت بالأساس هدم أكثر من عشرين منزلا، و"بن غفير" يتوعد أهالي القدس بالتصعيد ويرفض إنهاء العملية… pic.twitter.com/xeAWa0ip8e
— ساره 𓂆🇵🇸 (@Sarah_PalNa) February 19, 2023
وقال شرحبيل علقم، ناشط مناهض للاحتلال من المخيم، إن الإضراب جاء نتيجة القرارات “العنصرية” التي اتخذها بن غفير مؤخرًا.
أصبح مخيم شعفاط رمزا للمعاناة الفلسطينية المستمرة نتيجة لسياسات الاحتلال الإسرائيلية القمعية – رمزي غنايم، من سكان شعفاط
وقال علقم:” إسرائيل لا تريد لنا أن نبقى في القدس، فهي تستخدم جميع الوسائل لتسريع تهجيرنا خارج المدينة، على الرغم من أن المخيم هو القلب النابض لمدينة القدس”.
وتضمنت حركة العصيان المدني الامتناع عن الذهاب لأماكن العمل الإسرائيلية ورفض دفع الضرائب للبلدية التي تديرها إسرائيل ووكالات حكومية أخرى.
كما أحرق المتظاهرون الشبان إطارات السيارات ونصبوا الحواجز خلال الليل على مداخل أحياء مختلفة في القدس الشرقية، بما في ذلك شعفاط وعناتا وجبل المكبر والعيسوية وبلدة الرام.
وفي شعفاط، أغلق المواطنون الشوارع بالإطارات المطاطية وحاويات القمامة والألواح الخشبية، وأعلنوا عن عدم توجه العمال إلى وظائفهم والطلبة إلى مدارسهم، ودعوا أيضا إلى مقاطعة البلدية الإسرائيلية في القدس.
ويقيم في شعفاط حوالي 140 ألف فلسطيني نزحت عائلاتهم من مخيم آخر للاجئين في البلدة القديمة في القدس بعد عام 1965، وخصصت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لهم مساحة من الأرض في شرق المدينة للعيش هناك مؤقتًا حتى يتم حل قضية اللاجئين، التي مازالت معلقة.
بدوره، يقول رمزي غنايم، أحد سكان المخيم، إنه بالرغم من حمل السكان بطاقات هوية إسرائيلية، إلا أن إسرائيل تضع حاجزًا عسكريًا أمام المخيم لمنع وصولهم إلى القدس.
وأضاف غنايم: “هناك اعتقاد سائد لدى سكان شعفاط بأن إسرائيل تريد طردهم خارج القدس أو التخلص منهم بطريقة ما، بسبب نسبتهم الكبيرة من عدد الفلسطينيين في المدينة، بينما يسعى المستوطنون الإسرائيليون ليكونوا هم غالبية السكان”.
وقال: ” لقد أصبح مخيم شعفاط رمزا للمعاناة الفلسطينية المستمرة جراء سياسات الاحتلال الإسرائيلية القمعية”، وأضاف:” المقاومة الشعبية حلت في الصدارة بما في ذلك العصيان المدني والإضرابات المفتوحة والاحتجاجات الرافضة للعنصرية الإسرائيلية”.
بن غفير يهدد باستخدام “اليد الحازمة”
وكانت الاحتجاجات الأخيرة قد تأججت أيضًا بسبب الإساءة إلى الطلاب الفلسطينيين على أيدي الجنود الإسرائيليين يوم الأربعاء.
وأظهرت مقاطع تلفزيونية انتشرت بسرعة جنديا إسرائيليا يعتدي على طالبة فلسطينية ويلقيها أرضا، فيما أظهر مقطع فيديو آخر الطالب صالح دياب بعد إجباره على خلع ملابسه عند نقطة تفتيش عسكرية قبل تعرضه للضرب، في حين تعرضت شقيقته للاعتداء عند محاولتها التدخل وتصوير الهجوم بهاتفها المحمول.
ووقعت الاعتداءات أثناء توجه الطلاب إلى مدرسة في مخيم شعفاط للاجئين في القدس الشرقية المحتلة، حيث منعهم جنود الاحتلال من عبور الحاجز العسكري الرئيسي في المنطقة.
وشعفاط هو المخيم الوحيد للاجئين داخل حدود بلدية القدس، وعلى الرغم من قربه من البلدة القديمة، إلا أن جدار الفصل الإسرائيلي الشاهق يفصله عن بقية أرجاء المدينة.
وتقوم الشرطة الإسرائيلية بانتظام بإغلاق الحاجز العسكري عند مدخل المخيم، مما يقيد حركة الفلسطينيين ويعيق وصول الطلاب إلى المدارس والعمال والموظفين إلى أماكن عملهم خارج المخيم.
لكن الفلسطينيين يقولون إن إجراءات الفحص التي ينفذها الجنود الإسرائيليون عند نقاط التفتيش بالقرب من المخيم أصبحت أكثر تدخلا وعدوانية في الأيام الأخيرة، بعد ثلاث هجمات دهس وطعن وقعت في وقت سابق من هذا الشهر وأسفرت عن مقتل أربعة إسرائيليين.
وخلال الأسبوع الماضي، تضمنت حملة القمع هدم ما لا يقل عن سبعة مبان، واعتقال 100 شخص، وإقامة العشرات من الحواجز ونقاط التفتيش، ومصادرة الأموال والأصول من الأسرى السابقين والحاليين، من بين إجراءات أخرى.
كما بدأت سلطات السجون الإسرائيلية، التي هي جزء من اختصاص بن غفير كوزير للأمن القومي، في فرض شروط أشد قسوة على الأسرى الفلسطينيين، مثل إغلاق المقاصف وقطع الماء الساخن وإزالة سخانات الماء ومواقد الغاز المستخدمة لتسخين الطعام.
وقال منظمو العصيان في بيان يوم السبت إن الفلسطينيين، وخاصة في شعفاط، تعرضوا “لإجراءات انتقامية وسوء معاملة وتعذيب وإذلال وقمع يومي” منذ وقوع تلك الهجمات.
وداهمت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، الأحد، بعض المناطق في مدينة القدس، بما في ذلك العيسوية وسلوان، لإزالة حواجز أقامها الشبان على الطرق، مما أدى إلى اندلاع مواجهات مع المحتجين.
وكان بن غفير قد قال ردا على دعوة العصيان المدني إن حكومته “ستظهر يدها الحازمة ولن تتسامح مع المخالفين”.
انتفاضة جديدة
وقبل أربعة أشهر أعلن الفلسطينيون في مخيم شعفاط إضرابًا مفتوحًا وعصيانًا مدنيًا لعدة أيام، بعد إجراءات قمعية مماثلة من قبل إسرائيل، إثر هجوم بإطلاق النار على الحاجز العسكري عند مدخل المخيم أسفر عن مقتل جندي إسرائيلي.
وتحت ضغط شعبي من الاحتجاجات، اضطرت إسرائيل إلى رفع العقوبات وتخفيف الحصار.
وقبل أسابيع، أطلق جنود الاحتلال النار على فتى فلسطيني في مخيم شعفاط، وقتلوه، ثم منعوا سيارة إسعاف من الاقتراب من المكان، وجردوا الصبي من ملابسه، وتركوه ينزف حتى الموت، كما استولوا على جثته ومنعوا عائلته من دفنه لأكثر من أسبوع.
وقال علقم، أحد سكان شعفاط، إن “هذه الجريمة التي تم توثيقها بالصور، أثارت موجة جديدة من التصعيد، ثم لاحظنا أن الجنود تلقوا أوامر بإطلاق النار على الفور دون تفكير أو انتظار، هذا ما يريده بن غفير من خلال قراراته المتهورة “.
واتهم علقم الحكومة الإسرائيلية بفرض “عقاب جماعي” على الفلسطينيين، محذرا من أن مثل هذه السياسة قد تؤدي إلى “انتفاضة جديدة”.
وأضاف:” يريد أهالي مخيم شعفاط أن يُظهروا للوزير الإسرائيلي المتطرف، إيتمار بن غفير، أن القرارات التي اتخذها لتقييد حياة الفلسطينيين في القدس لن تنجح”، وأضاف: “لن يسمحوا بفرض واقع جديد في مدينتهم التي تعاني بالفعل من حياة قاسية تحت الاحتلال”.