تجاهلت الشركات الدولية العاملة في مدينة نيوم العملاقة في المملكة العربية السعودية التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تسببت في نزوح العديد من أبناء قبيلة الحويطات قسراً، طلبات لتوضيح مخاطر المشروع على حقوق الإنسان.
ومن بين عشرات الشركات، استجابت ثلاثة فقط لطلب قدمه لها مرصد الأعمال وحقوق الإنسان، منظمة غير حكومية مقرها المملكة المتحدة، يطالب بتحديد التعهدات المتعلقة بالأمور الواجب مراعاتها التي اتخذوها بها قبل أن يتم التوقيع.
وبدورها قامت كل من الشركات الثلاثة التالية: Keller Group Plc وMcKinsey & Company وAir Productsبتقديم بيانات من صفحة واحدة تحدد نظام الإدارة، والمواقف المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان، والالتزامات تجاه الأعمال الأخلاقية.
“القلائل الذين استجابوا لم يقدموا أكثر من ضمانات عامة، ومن دون الخوض في القضايا المطروحة” – جيمس لينش
قال مراقبو الحقوق الذين تابعوا المشروع إن الصمت من قبل معظم الشركات كان مخيبا للآمال، مضيفين أن الشركات الثلاث التي ردت قدمت ردودًا غامضة لا تكفي لتقديم طمأنة بأن مخاوف حقوق الإنسان تؤخذ على محمل الجد.
وقال جيمس لينش، مدير مجموعة الحقوق FairSquare ومقرها المملكة المتحدة: “القلائل الذين استجابوا لم يقدموا أكثر من ضمانات عامة، ومن دون الخوض في القضايا المطروحة، وتحديداً الانتهاكات المدمرة ضد السكان السابقين للمنطقة”.
تزامن الطلب المقدم إلى الشركات مع إصدار تقرير من مجموعة القسط القانونية يسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان ضد أفراد قبيلة الحويطات الذين تم إخلاؤهم قسراً من منازلهم في شمال غرب المملكة العربية السعودية لإفساح المجال أمام مدينة نيوم.
ووفقًا للتقرير، الذي يستند إلى شهادات مباشرة من المتضررين والشهود، تم القبض على ما لا يقل عن 47 من أفراد القبيلة بسبب مقاومتهم لعمليات الإخلاء والتحدث علنًا عن ذلك.
ومن بين هؤلاء، حُكم على خمسة بالإعدام، و 15 آخرين بالسجن لفترات تتراوح بين 15 و50 عامًا، فيما نزح الآلاف من أفراد القبائل الآخرين دون تعويض مناسب أو سكن بديل، حسب ما قالت مؤسسة القسط.
حصلت الشركات الـ 12 التي طُلب منها تحديد التعهدات المتعلقة بالأمور الواجب مراعاتها على تقرير القسط المكون من 21 صفحة.
وتم الكشف عن نيوم لأول مرة في العام 2017، كمشروع رئيسي لاستراتيجية رؤية 2030 لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتنويع اقتصاد المملكة وتقليل الاعتماد على عائدات النفط.
وتم الإعلان عن خطة تلو الأخرى للمشروع، بما في ذلك الترويج لمدينة تمتد بطول 170 كيلومترًا، ومدينة تطفو على الماء من ثماني جهات، ومنتجع للتزلج على الجبال في قرية عمودية مطوية، كلها أمور تصدرت عناوين الصحف – وشكلت عقودًا مربحة للشركات.
وفي وقت سابق من هذا العام، قال نظمي النصر، الرئيس التنفيذي لشركة نيوم، إنه من المقرر أن يكون حجم المدينة 33 مرة ضعف حجم مدينة نيويورك، وإن تنفيذ المشروع سيتطلب 400 ألف عامل في ذروة بنائه.
وورد أن مجموعة كيلر، وهي شركة بريطانية للمقاولات الهندسية، وقعت اتفاقية، العام الماضي، “تمهد الطريق لمنح عقود متعددة” داخل نيوم، بما في ذلك طلبية أولى بقيمة 45 مليون جنيه إسترليني من المقرر أن تكتمل هذا العام.
وفي ردها على مرصد الأعمال وحقوق الإنسان، وصفت الشركة البريطانية ميثاق قواعد السلوك التجاري الخاص بها، والتي قالت إنه يوضح أنه “لا ينبغي أن يتعرض الموظفون، أو العملاء، أو المقاولون، أو أي شخص للأذى نتيجة للعمل الذي نقوم به أو الخدمات التي نقدمها “.
وتعليقا على فعل الشركة، قالت جوليا ليجنر، المديرة التنفيذية لمجموعة القسط، إنها وجدت الرد “وقحاً”.
وأضافت: “لا أعرف ما إذا كان الشخص الذي أرسل هذا الرد قد قرأ التقرير حقًا، لكن من الواضح جدًا أن العديد من الأشخاص قد تأثروا بشدة”.
وقالت إنه بشكل عام، لم يتضح من الردود ما إذا كانت الشركات قد التزمت بتعهدات تراعي حقوق الإنسان، وإذا كانت قد فعلت ذلك، فكيف؟
وقالت: “يبدو أنهم يقومون بنسخ بعض القواعد واللوائح الخاصة بشركاتهم وتحديدا الأجزاء المتعلقة بحقوق الإنسان ثم يرسلونها لمن يطالب بها”، ولكنها أوضحت أن هذا الأمر لا ينطبق على كل الشركات.
وذكرت أنه في الأشهر القليلة الماضية تم الاتصال بمنظمتها من قبل شركتين، تعملان بالفعل في المملكة العربية السعودية، أرادتا معرفة المزيد عن الآثار المترتبة على حقوق الإنسان في نيوم، في سعيهما لدراسة جدوى التوقيع.
وقالت إن كبار المسؤولين التنفيذيين في إحدى الشركات جلسوا في اجتماع طويل و “بدا أنهم على دراية وقلق حقيقي” بشأن الانتهاكات ضد الحويطات.
وأوضحت أن واحدة من الشركتين قررت الانسحاب من المشروع بعد معرفة المزيد عن أحكام الإعدام الأخيرة ضد أفراد القبيلة.
وقالت ليجنر: “في النهاية، سنشجع المزيد من الشركات التي تشارك في الحوار وترغب في التواصل معنا لتصبح أكثر وعياً بالمخاطر على الأرض.”
وقال لينش إنه يتوقع أن يرى مستثمرين في المشروع من أي من الشركات التي فشلت في الاستجابة للطلب الذي يدعو إلى” الاطلاع العاجل على خطط مفصلة ومحددة توضح كيف تعالج هذه الشركات مخاطر وتأثيرات المشروع على حقوق الإنسان خاصة ما يتعلق بالاستحواذ على الأراضي والتعدي على حقوق العمل “.
وقال إن “الشركات التي تختار أن تغض الطرف عما يجري تخاطر بالتواطؤ في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.