بقلم جي دي هارلوك
منذ فجر الإسلام، درس المسلمون علم الكونيات، وهو فرع من علوم الفيزياء والميتافيزيقا والذي يقدم تفسيرات عن طبيعة الكون ويطرح نظريات حول أصوله ودينامياته وتطوره ونهايته.
يتجلى اهتمام العالم العربي في العصور الوسطى بعلم الكونيات من خلال التركيز على حساب عدد النجوم التي لا تزال تُعرف بالأسماء العربية، وظهر في المجموعة الواسعة من الأبحاث التي أجراها العلماء العرب في مجالات مثل علوم الجبر والمثلثات والفلك.
ابن سينا وابن الهيثم والقزويني هم مجرد نماذج من علماء العصر العديدين الذين تركوا بصماتهم على علم الكونيات ولا يزال تأثيرهم ملموسًا حتى يومنا هذا.
اشتق علم الكونيات في المجتمعات الإسلامية بشكل أساسي من القرآن والسنة والحديث ومن مصادر العلوم الإسلامية اللاحقة، وتزايد الاهتمام بنظرياته مع مرور الوقت، خاصة في عصور الإسلام الذهبية في القرنين السابع والثالث عشر.
الكون الزمني
كانت النظرية السائدة بين الفلاسفة وعلماء الدين المسلمين في العصور الوسطى حول الطبيعة الزمنية للكون هي أن الكون له طول محدد وبداية ونهاية محددين.
تبنى عالم اللاهوت العباسي الغزالي حجة الفيلسوف المسيحي جون فيلوبونوس بأن اللانهاية مستحيلة، وذلك لتبرير الافتراض بأنه لا بد وأن يكون للكون نقطة بداية.
ويذكر القرآن أن الكون خلق في ستة أيام وأن اليوم الواحد عند الله يساوي خمسين ألف سنة على الأرض.
فسّر العلماء المسلمون في أوائل العصور الوسطى هذه الأيام الستة على أنها ست مراحل متميزة في تاريخ عالمنا، دون تحديد هذه الفترات أو معرفة ما حدث خلالها.
علم الكونيات
يسعى علم الكونيات كفرع من الفيزياء إلى رسم خريطة للكون، حيث يتضح من القرآن أن الجنة (بمفهومها الإسلامي) موجودة ولها ثمانية أبواب، وتتألف من سبع طبقات، ولكل طبقة منها نظامها الطبيعي الفريد، ومع ذلك، لم يتم تحديد طبيعة هذا النظام.
ويُعتقد أن سدرة المنتهى، وهي شجرة سدر موجودة في السماء السابعة، هي أقصى مراتب الوجود المادي لجميع مخلوقات الله، حيث لا يمكن أن يتجاوزها بشر.
واقترح العلماء في العصور الوسطى أسماء مختلفة لكل طبقة من هذه الطبقات وما قد تحتويه، وتحت السماء الأولى توجد سبعة أراضٍ موازية لبعضها البعض.
أما جهنم في الإسلام، فلها سبعة أبواب، و الصراط هو الجسر المعلق فوقها الذي يعبره البشر يوم القيامة ويؤدي بهم إما للجنة وإما إلى النار.
عوالم متعددة
استند الطبيب والفيلسوف والكيميائي الرازي (مواليد 864 م) إلى الآية الأولى من سورة الفاتحة “الحمد لله رب العالمين” في انتقاده لفكرة أن الأرض كانت مركز الكون، متسائلا عما إذا كان مصطلح “العالمين” يمكن أن يشير إلى وجود عوالم متعددة في كوننا أو حتى أكوان متعددة.
كان الرازي من أتباع المذهب الذري، الذي يقترح أن الكون يتألف من مكونات غير قابلة للتجزئة تعرف باسم الذرات التي تتباعد بفراغات تسمح لها بالحركة والتجمع والانفصال.
طبقت هذه النظرية على الفضاء والفجوات بين النجوم والأبراج، مما دفع الرازي إلى القول بأن الفضاء الخارجي اللامتناهي يتجاوز ما يمكن أن نراه موجودًا، وأن الله يمكن أن يملأ هذا الفراغ بكمية لا حصر لها من الأكوان الأخرى.
تفنيد علم التنجيم
احتدم النقاش بين علماء الإسلام حول علم التنجيم الذي تعود ممارسته إلى قرون قبل الإسلام، ومع ذلك، لم يقتنع جميع العلماء بمشروعيته.
فقد كان المفكرون المشهورون مثل ابن الهيثم والبيروني وابن سينا والفارابي وابن رشد من أشد النقاد لعلم التنجيم، مستشهدين بأخطائه العلمية والطريقة التي يتعارض بها مع الإسلام.
على سبيل المثال، ادعى المنجمون في ذلك الوقت أن النجوم كانت مهملة في القراءات الفلكية نظرًا لبعدها وحجمها، لكن الإمام المملوكي ابن الجوزية أشار إلى أن النجوم كانت أكبر من الكواكب.
وكما هو الحال في مجالات علم الكونيات الأخرى، أرست هذه المناقشات المكثفة في العصور الوسطى حول قيمة علم التنجيم الأسس لآراء الفقهاء المسلمين المعاصرين، الذين أدانوا علم التنجيم على نطاق واسع، حتى أنهم أعلنوا أنه غير شرعي.
وفي الوقت نفسه، لا يزال علم الفلك، الذي كان يحظى باحترام كبير من قبل علماء المسلمين في العصور الوسطى، موضع احترام حتى يومنا هذا ولا يزال يستخدم لحساب تواريخ الأحداث المرتبطة بالزمن مثل شهر رمضان.
للإطلاع على المادة الأصلية من (هنا)