وصلت وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان إلى رواندا لمناقشة عقد اتفاق بين البلدين يقضي بترحيل طالبي اللجوء من المملكة المتحدة إلى الدولة الواقعة في شرق إفريقيا.
وتأتي المحادثات في الوقت الذي تواجه فيه المملكة المتحدة تحديات قانونية وانتقادات حادة من النشطاء بشأن الاتفاقية.
ويتعرض الرئيس الرواندي بول كاغامي لضغوط دولية بسبب دعم حكومته لحركة 23 مارس المتمردة، والتي تواجه اتهامات بارتكاب جرائم الاغتصاب وتنفيذ إعدامات خارج القانون في جمهورية الكونغو الديمقراطية.
كما يخضع الرئيس الرواندي لضغوط من الولايات المتحدة بشأن تسليم بول روسساباجينا، بطل فيلم هوليوود “فندق رواندا” ومحاكمته.
وأعلنت برافرمان، التي ستلتقي مع كاغامي في أول زيارة لها إلى رواندا، عن إمكانية تنفيذ برنامج ترحيل المهاجرين في وقت قريب.
ووافقت المملكة المتحدة على ترحيل عشرات الآلاف من المهاجرين واللاجئين إلى أبعد من من 4000 ميل في رواندا كجزء من صفقة بقيمة 146 مليون دولار توصل إليها البلدان العام الماضي، لكن لم يتم إقلاع أي رحلات جوية بسبب الطعن القضائي على ذلك.
وتعد الشراكة جزءًا رئيسيًا من خطط بريطانيا لاحتجاز وترحيل طالبي اللجوء الذين يصلون في قوارب صغيرة عبر القناة الإنجليزية، وهو إجراء يعتقد البعض أنه “غير إنساني وغير عملي” وأنه سيجرم جهود آلاف اللاجئين.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، حصل 10 من طالبي اللجوء من مجموعة من البلدان بما في ذلك إيران والعراق وسوريا على إذن من محكمة بريطانية للطعن في سياسة المملكة المتحدة تجاه رواندا.
وتم تهديد العشرة بالترحيل إلى رواندا، فيما يعتبرونه فشلا من قبل الحكومة في النظر إلى مخاطر ترحيلهم إلى هناك، حيث حذرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من سجل رواندا السيئ في حماية اللاجئين.
كما وصفت الأمم المتحدة مشروع قانون اللجوء البريطاني الجديد بأنه “انتهاك واضح” للقانون الدولي.
رحلات مميتة
ويسافر الكثيرون من منطقة الشرق الأوسط إلى بريطانيا لطلب اللجوء عبر رحلات محفوفة بالمخاطر وباستخدام القوارب الصغيرة مقابل دفع الأموال لمهربين محترفين.
وتنطلق الهجرات عادة من شمال إفريقيا أو شرق البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا، ثم من شمال فرنسا إلى الساحل الجنوبي لإنجلترا.
وعند وصول المهاجرين الهاربين من الكوارث الطبيعية والصراع والأوضاع الصعبة في بلدانهم إلى المملكة المتحدة، تدفع لهم الحكومة البريطانية بدل الإقامة في الفنادق أو مراكز الاحتجاز أو غيرها من المرافق أثناء معالجة طلبات اللجوء الخاصة بهم.
وفي كثير من الأحيان، قد تستغرق هذه المعالجات سنوات طويلة دون أن يُسمح لطالبي اللجوء بالعمل خلال هذه الفترة.
ووصفت زوي غاردنر، الخبيرة في سياسة الهجرة، زيارة برافرمان إلى رواندا بأنها حيلة دعائية أخرى للتستر على اخفاقاتها الفعلية بشأن حل قضية طالبي اللجوء.
وقالت غاردنر إن التأثير الحقيقي لمشروع قانون اللجوء الذي أصدرته الحكومة البريطانية “لن يكون سوى إرسال حفنة من الأشخاص إلى رواندا”.
وأضافت غاردنر: “سيكون ذلك بمثابة حبس آلاف اللاجئين في مأزق دائم، أو بلا مأوى، أو حبسهم في مستعمرات عقابية ضخمة في مجتمعاتنا، أو إجبارهم على البقاء في الظل تحت رحمة العصابات الإجرامية”.
من جانبها اقترحت سونيا سياتس، مديرة منظمة Freedom From Torture: أنه “بدلاً من المضي قدمًا في هذه السياسة اللاإنسانية وغير العملية، يجب على الوزراء التركيز على إنشاء طرق آمنة إلى المملكة المتحدة ومعالجة التراكم غير المقبول لطلبات اللجوء، حتى يتمكن الفارون من الحرب والاضطهاد من إعادة بناء حياتهم بكرامة”.
الدعم الدبلوماسي لرواندا
وسعت الحكومتان البريطانية والرواندية إلى تركيز الانتباه على ما يسميه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك “كسر نموذج الأعمال التجارية لتهريب المجرمين”.
وفي ديسمبر من العام الماضي قال يولاندي ماكولو، المتحدث باسم الحكومة الرواندية، إن بلاده “مستعد لمنح طالبي اللجوء والمهاجرين السلامة وفرصة لبناء حياة جديدة في رواندا”.
وأفاد ماكولو أنه بسبب تاريخ رواندا الحديث – حيث مات مئات الآلاف من الأشخاص في الإبادة الجماعية المدمرة في البلاد عام 1994، فإن الدولة الأفريقية “ملتزمة بحماية المستضعفين في جميع أنحاء العالم”.
وقال: “نقوم فعليا بتوفير الملاذ لأكثر من 130.000 لاجئ من دول متعددة”.
وتلعب رواندا دورًا عسكريًا مهمًا في منطقتها، كراعٍ لميليشيا 23 مارس في شرق الكونغو وكمزود لقوات مكافحة التمرد لموزمبيق وجمهورية إفريقيا الوسطى وبنين.
وقال باتريك سميث، محرر Africa Confidential إن كاغامي يتعرض لضغوط دولية بسبب رعاية حكومته لحركة 23 مارس في شرق الكونغو”.
وقتل متمردو الحركة المدعومون من رواندا بإجراءات موجزة العديد من الرجال واغتصبوا عشرات النساء في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، بحسب تقرير لمنظمة العفو في فبراير/ شباط.
لكن كاغامي جعل من حكومته ورقة مهمة بيد باريس من خلال حماية المصالح النفطية الفرنسية في موزمبيق وبريطانيا عبر إبرام صفقة نقدية مقابل اللجوء، لم تكن أي دولة أفريقية أخرى على استعداد للتوقيع عليها.
كما يقوم الجيش الرواندي بحماية عمال شركة النفط الفرنسية توتال في موزمبيق.
وكانت المملكة المتحدة قد حاولت إبرام صفقة لجوء مماثلة مع غانا وكينيا، لكن البلدين رفضا ذلك.
ومن الملفت أن أندرو ميتشل، وزير التنمية الخارجية البريطاني الذي كان منذ فترة طويلة مؤيدًا قويًا لرواندا، لا يؤيد صفقة اللجوء التي قدمتها برافرمان، ومن المتوقع أن يصل ميتشل إلى العاصمة الكونغولية كينشاسا الأسبوع المقبل.