عبر المسيحيون الفلسطينيون عن قلقهم إزاء مشروع قانون جديد، اقترحه سياسيان يمينيان إسرائيليان، يحدد عقوبة السجن لمن يمارس التبشير للدين المسيحي في إسرائيل، معتبرين أنهم باتوا يطردون من وطنهم.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أثار المسيحيون الإنجيليون في الولايات المتحدة مخاوف بعد اقتراح المشروع من قبل حليف قوي في الائتلاف الحاكم لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وبموجب مشروع القانون، سيواجه المسيحيون عقوبة بالسجن لمدة عام واحد بتهمة التبشير وسط البالغين وعامين اثنين في حال ممارسة التبشير بين القاصرين.
وأصدر نتنياهو بيانًا لتهدئة مخاوف المسيحيين الذين تعالت انتقاداتهم للمشروع في الولايات المتحدة، أكد فيه أن المشروع لن يصبح قانونًا، وكتب في تغريدة له على تويتر “لن نقدم أي قانون ضد المجتمع المسيحي”.
رحبت العديد من الجماعات الإنجيلية الأمريكية ببيان نتنياهو، لكن المسيحيين الفلسطينيين أشاروا إلى تنامي المشاعر المعادية للمسيحيين، حيث يتعرض رواد الكنيسة بشكل متكرر للهجوم من قبل الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين.
وقالت هويدا عراف، وهي محامية فلسطينية مسيحية وناشطة مقيمة في الولايات المتحدة:” إن مشروع القانون الجديد الذي اقترحه المشرعون الإسرائيليون، والذي يحظر الحديث أو محاولة نشر المسيحية في مهد المسيحية، يعد طوقا آخر من القيود على حرية الدين”.
وذكر جوناثان كتّاب، مدير “أصدقاء سبيل أمريكا الشمالية “(FOSNA)، وهي حركة شعبية مسيحية تكرس جهودها لحرية الفلسطينيين، أنه على الرغم من ضعف احتمالية تمرير مشروع القانون، إلا أنه جاء في وقت يتصاعد فيه الخطاب العنيف من المشرعين الإسرائيليين، بعد عودة نتنياهو إلى الحكم.
@fosnalive @jkuttab
Palestinian Christians say anti-missionary bill is Israel's latest attempt to squeeze them out https://t.co/nbIgEzwKw5— Jesse Steven Wheeler (@intothenoisejsw) March 24, 2023
وأشار إلى أن “الأحزاب الدينية في إسرائيل معادية للمسيحية بشدة”.
وبالمثل، عبر جلين بلامر، الأسقف الكنسي في مدينة تينيسي بولاية ممفيس، عن شعوره بالقلق من المشروع الذي قد يخلق عداء تجاه المسيحيين حتى في حال عدم إقراره.
وتضاءل عدد السكان الفلسطينيين المسيحيين في إسرائيل خلال السنوات الأخيرة، حيث تشير التقديرات إلى أنهم لا يزيدون عن عُشر العدد الذي كانوا عليه قبل 70 عامًا.
وأوضح كتّاب أن الناس لا يدركون انتشار ظاهرة كراهية المسيحيين في إسرائيل وفلسطين، وأنهم “يقللون من شأنها بشكل روتيني”.
وسلط كتّاب الضوء على الهجمات الأخيرة ضد رجال الدين المسيحيين وعلى القيود التي فرضت على الأماكن المقدسة في جميع أنحاء فلسطين خلال الأشهر الثلاثة الماضية على وجه الخصوص.
وخلال الأسبوع الماضي، اقتحم إسرائيليان الكنيسة الجثمانية في القدس الشرقية المحتلة واعتدوا جسديًا على أسقف وكاهنين خلال قداس ديني.
وأصدرت بطريركية القدس الأرثوذكسية بياناً أدانت فيه الحادث وأعربت عن أسفها لغياب التغطية الإعلامية الدولية للهجوم.
وأكدت البطريركية في بيان لها أن الهجمات الإرهابية التي تشنها الجماعات الإسرائيلية المتطرفة على الكنائس والمقابر والإساءة الجسدية واللفظية ضد رجال الدين المسيحيين والاعتداءات على ممتلكاتهم، أصبحت ممارسات شبه يومية “تزداد حدتها بشكل واضح خلال الأعياد المسيحية”.
وانتقد البيان غياب “رد الفعل المناسب، محليًا أو دوليًا، على الرغم من المناشدات والطلبات والاحتجاجات التي قدمتها كنائس الأرض المقدسة”، موضحا أن “الوجود المسيحي الحقيقي في الأرض المقدسة بات في خطر كبير”.
وخلال الشهر الماضي، تعرض تمثال للمسيح في كنيسة الإدانة في البلدة القديمة للتخريب، وتم اعتقال سائح يهودي أمريكي على خلفية الاعتداء.
وقالت عراف: “على الرغم من ادعاء إسرائيل أنها تحترم حرية الدين، فإن المسيحيين ظلوا منذ فترة طويلة مضطهدين من قبل الدولة”.
وذكرت عراف أن المسيحيين الأمريكيين يتجاهلون محنة المسيحيين الفلسطينيين، مثل نظرائهم المسلمين.
وأضافت أن “القرى الفلسطينية المسيحية أفرغت من سكانها وسويت بالأرض”، وأن القوات والسياسات الصهيونية “طردت آلاف المسيحيين من فلسطين، ولم يعد المسيحيون الفلسطينيون الباقون أحراراً في ممارسة شعائرهم الدينية”.
وأوضحت أن المسيحيين الفلسطينيين يمنعون من دخول القدس للصلاة في كنيسة القيامة، فيما يسجن المسيحيون في بيت لحم، مسقط رأس المسيح، خلف جدار إسمنتي ضخم، كما يحرم المسيحيون في غزة من زيارة القدس أو الناصرة أو بيت لحم.
واعتبر كتّاب أن المسيحيين الإنجيليين، ولا سيما في الولايات المتحدة، هم من بين أقوى مؤيدي إسرائيل التي يرون في قيامها تحقيقا لنبوءة كتابية ونذيرا لبعث ثان للمسيح ونهاية العالم.
ولطالما رحبت إسرائيل بالدعم السياسي والمالي من الإنجيليين وتجاهلت إلى حد كبير المخاوف بشأن أي أجندة دينية خفية.
وقال كتّاب: “معظم المسيحيين الصهاينة لا يعرفون حتى أن هناك مسيحيين فلسطينيين، إنهم يعتقدون أنها معركة بين المسلمين واليهود”.
وتابع بالقول إن “عقيدتهم لا تنظر إلى إسرائيل من منظور سياسي، بل كعلامة على نهاية الزمان، وهم يدعمون إسرائيل ليس لأنهم يعتقدون أن هذا هو الشيء الصحيح سياسياً، ولكن لأنهم يفعلون مشيئة الله.”
وأشار كتّاب إلى أن المسيحيين في الولايات المتحدة يميلون إلى الاعتقاد بأن المسلمين هم الذين يعتدون على المسيحيين في فلسطين.
وقال: “لذلك عندما يسمعون عبارة يهودية مسيحية، فإنهم يظنون أنهم مثل اليهود يحاربون الإسلام الراديكالي العنيف، الأمر كله مشوب برهاب الإسلام”.